كان مجرد ظهور.. رجل البوليس.. «وأحياناً تُفَخَّم السين فتنطق صاداً» كافياً.. ليطلع كل قرد جبلو.. وكان العسكري الهجَّان بمثابة طابور «عرض قوة» عندما يمر بالطريق العام ممتطياً ظهر «الجمل الميري» الفخم الضخم.. وقد خَلَف رجليه على عنقه وتدلَّت المخلاية من أعلى السرج، وظهرت الفروة ودبشك البندقية ماركة أربعة يبرز من الخُرُجْ، وعصاية الجنب مثبَّتة في القاش الذي تلمع نحاسته والكسكتة مطبوقة بالجنب وقد ظهرت عليها علامة المديرية ويرقد تحتها المنديل باللونين الأحمر والأصفر والنمرة العسكرية على الصدر.. وتتلاعب الكناتل مع إيجاف وإيخاد الدابة المهيبة.. ثمَّ «يتضاير» الناس حتى تمر الحكومة وطابورها المكون من «فرد واحد وجمل واحد» وهذه مهابة الحكم والحاكم.. وقد أحسنت الشرطة أمس الأول باستعراض بعض قوَّتها في شوارع الخرطوم.. يعني أي شنكبة عنكبة عضلات مرتبة.. وعرض القوة قد يُغني عن استخدامها.. «وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به..» إذن فالإرهاب «بمعناه النبيل» يوفر الدماء ويحقق الأمن. وقد جاء خبر طابور استعراض القوه مبتسراً وكأنه خبر ثانوي صغير في حين أنه ليس كذلك.. طابور إظهار القوه «Power show» من التكتيكات العسكرية المعروفة ويمثل رادعاً لكل من تُسوُّل له نفسه بالخروج على القانون خاصة في موسم الانتخابات.. فبعض مروِّجي الإشاعات يبثون سمومهم بأنه ستحدث مصائب ومتاعب وحوادث وتخريب أثناء عملية التصويت.. وقد رأينا وسمعنا بمثل تلك المحاولات البائسة عند زيارة المواطن عمر البشير لمدينة بانتيو عندما أشاع البعض أنه سيحدث «تخريب» لمنع الحشود الجماهيرية من حضور اللقاء مع مرشح المؤتمر الوطني لرئاسة الجمهورية.. ولكن طاش سهمهم وخاب فألهم وقطعاً ستستمر هذه المحاولات.. وقد ظهرت نتائج اليأس عند معظم المرشحين لمنصب الرئاسة بتكرار الانسحاب ثمَّ العودة فالانسحاب وكأنهم يطبقون المثل الشعبي( ده حار وده حرَّم ما بنكوي بيه).. وجدت في هاتفي طُرفة في رسالة قصيرة بلغة الكوتشينة تقول:- «الصادق حَرَق من بدري.. ومبارك ماعندو أمل في النزول.. وكامل ورقو معرَّج.. ونقد ورقو ناقص.. وحاتم ورقو زايد.. ونيال ورقو قافل علي كرت ميَّت.. وياسر داير يدكَّها.. وعمر ورقو فاتح وراجي الخمسين..» وهذه وسيلة للدعاية الانتخابية باستخدام التقنية الحديثة من «موبايل ونت» والفضل في إتاحتها يعود للإنقاذ.. وقد أعجبني مقالاً بعنوان «إنجازات الإنقاذ المنسية» كتبه الأستاذ عبد الماجد عبد القادر في زاويته المقروءة بصحيفة الوطن الغراء.. ثالثة الأثافي.. تجاوز فيها الإنجازات التنموية الظاهرة إلى الإنجازات المعنوية للإنقاذ في كسر احتكار الطائفية للسلطة.. وإتاحة الفرصة للمشاركة الشعبية في السلطة.. وكسر مفاهيم الانقلابات العسكرية وترسيخ الكرامة للمواطن والجيش.. والاتجاه دولياً لشرق الكرة الأرضية.. وإدخال مفهوم الجهاد والاستشهاد من أجل الفكرة.. وإدخال مفهوم المشاركة الشعبية في الأمن والجيش والشرطة.. وتنفيذ مشروعات الزواج الجماعي وبناء الأسرة.. وارتباط والقيادة والتصاقها بالمواطن البسيط في أفراحهم وأتراحهم.. وختم سلسة إنجازات الإنقاذ بأن المواطن ذاق مع الإنقاذ «حلاوة الصبر على المكاره والنضال» وهذا في حد ذاته أحد القيم الجاذبة.. على حد تعبير الأستاذ الكبير. والشرطة بقيادتها الواعية ومسئولياتها الكبيرة والخطيرة تدرك أن دورها في حماية العملية الانتخابية في المليون ميل مربع لن يعفيها من أعمالها المعتادة في ضبط الأمن الجنائي والاجتماعي وتقديم الخدمة في تصريف حركة المرور والجوازات والسجل المدني ومكافحة الحرائق ومراقبة معتادي الإجرام وضبطهم والحفاظ على نزلاء السجون وإتاحة الفرصة لهم لأداء دورهم الوطني.. وإظهار هيبة الدولة وحيادية الشرطة تجاه الجميع.. فالشرطة للسودان وليست للأحزاب فكل المواطنين سواسية أمام القانون. التحية للفريق أول شرطة هاشم عثمان الحسين المدير العام لقوات الشرطة الموحدة وأركان قواته من قيادات وضبّاط وصف وجنود.. وهو يجاهد في صمت مهيب وصبر جميل لتصل العملية الانتخابية الى غاياتها كما هو مرسوم لها بدون تفلتات أمنية أو تجاوزات قانونية.. ليلتفت بعدها لتكملة ما بدأه وأسلافه لتعظيم دور الشرطة وتحقيق شعارها « الشرطة في خدمة الشعب». وكان بعض مدمني الحشيش يُدخنون في مكانٍ نائي وقد جعلوا واحداً منهم «ديدبان» يحذّرهم من البوليس ولكن الهواء ضرب الديدبان فنام.. فجاءت الشرطة وقبضت عليهم جميعاً بما فيهم النائم الذي لم يستيقظ إلا في الحراسة صباح اليوم التالي فنظر من خلال سيخ الحراسة فرأى بوت العسكري فصاح في رفاقه البوليس جااااكم. وهذا هو المفروض..