عفواً قارئي العزيز.. أرجوك بالله.. اقرأ هذا العمود حتى آخر سطر.. صحيح إنه يبدأ.. بشأن رياضي..(يعني كورة).. ولكن لا شأن له البتّة بالرياضة فهو سياسي حتى آخر حرف فيه.. والقصة حقيقية.. ليست نكتة ولا طرفة ولا اختلاقاً.. ولا تشنيعاً.. فقد جرت أحداثها في عاصمة خليجية مترفة.. فقد هاجر إليها قبل سنين عدداً.. أحد لاعبي فريق قمة بالسودان.. كان لاعباً ماهراً.. مبدعاً وفناناً.. انضم هذا اللاعب إلى أحد أندية الخليج.. فأصاب هناك نجاحاً ومجداً.. صار ذكره على كل لسان.. بل كان محط إعجاب الأُمراء.. والسادة.. والطبقة المخملية.. الثرية المُترفة.. تقلّب هذا اللاعب على كفوف الراحة.. وعاش حياة ملوك وأثرياء.. مودعاً وإلى الأبد بؤس الحياة الكالحة.. والفقر المُدقع.. والفاقة القاسية التي كان يجابهها في السودان.. زارته والدته في تلك العاصمة.. حلّت خفيفة عليه وأيضاً(عامت) في بحور الترف وفاخر الطعام.. ووثير المنام.. تصادف زيارتها تلك أن يتعرض ابنها اللاعب إلى إصابة طفيفة في قدمه.. وهنا زاره الدكتور خفيف الظل.. شفيف الروح.. سريع البديهة والنكتة.. الدكتور عوض دكّام.. وبعد (كفارة) و(سلامتك) التفتت والدة اللاعب إلى (دكّام) قائلة.. (أنا الولد ده قلت ليه يبطل الكورة) .. هنا وفي سرعة البرق.. أجابها الدكتور (دكام ) قائلاً ( والله يا خالة لو ما الكورة إنتي سيل ما يجيّبك هنا).. انتهت القصة.. تذكرتها بالأمس.. وأنا وكالعهد بي استمع إلى إذاعة ال(bbc) وبالمناسبة أنا ظللت أدوام على الاستماع إلى إذاعة لندن.. وخاصة هذه الأيام.. أظل معها مساهراً.. مثلي مثل الراحل الأنيق الظريف (خليل إسماعيل).. أظل(طوال الليل مساهراً ومازار عيني نوم) وقسماً عظماً.. إنه لولا إذاعة لندن التي ظلّت(تغشني) وتضحكني وتسليني وتواسيني.. (لطرشقت) عديل.. في هذه الأيام.. المهم.. أن مذيعة ذكية... مثقفة.. وملمة بكل تفاصيل الحياة السياسية في السودان.. مدركة لكل تفاصيل ومجريات وكواليس الانتخابات الأخيرة... كانت تحاور وللأسف (وزيراً مفوضاً في سفارة هامة.. في عاصمة غربية وتحديداً أوربية شاهقة ومهمة.. ظل الوزير المفوّض.. يتأتي وكأنه يمشي على طبق بيض) وليس ذلك مهماً.. لن أتحدث عن التناقص الذي تدفّق من فارغ حديثه ولا عن هجومه الكاسح على أحزاب المعارضة.. ولا ذاك الارتباك الذي.. كان عنواناً لمرافعته.. ولا الاضطراب.. الذي لوّن كلماته.. ولا وهو مرة يقول.. إن البشير قد مد يده للمعارضة.. بيضاء.. ثم فجأة.. يقول للمذيعة الصبورة.. إنه ليس هنالك أحزاب.. معارضة.. ورغم أن المذيعة ظلت تقول له إن هناك أحزاباً مؤثرة قد قاطعت الانتخابات أو لم تعترف بالنتائج.. فقد طفق يقول.. لا ليست هناك أحزاب معارضة.. إنها أحزاب بيوتات طائفية.. وأفراد أُسر.. وإن المؤتمر الوطني قد اكتسح كل السودان.. وهنا.. تأتي فرقة تيراب المسرحية... بل هنا يأتي(عادل إمام) شخصياً وتأتي(شاهد ما شافش حاجة) والوزير المفوّض يتبرأ من المؤتمر الوطني .. ويقول .. أنا لا اتحدّث باسم المؤتمر الوطني وهنا تجتاحني موجة عاصفة من الضحك وأنا أقول له في سري. وفي أنصاص الليالي.. ورغم المسافة الشاسعة بين لندن وودنوباوي.. لا يا شيخ.. والله لولا المؤتمر الوطني إنت سيل ما يجيبك هنا.