لست من حزب (شيلا).. ولم أكن يوماً.. ولن أكون.. أعني حزبه الذي أنفق فيه أنضر أيامه.. وأبهى لياليه.. حزب الاتحادي الديمقراطي.. كما أني لست من حزبه الجديد.. وبطاقة (المؤتمر الوطني).. تضئ.. قلادة.. على صدره ولاءً (جديد لنج).. الى (الأخوان) الذين كم.. كم.. خاض ضدهم المعارك.. والمواقع.. وأيضاً.. لست من حزب (مسار).. ذاك الأمة القومي.. أو حزبه الذي انشطر من حزبه الأصلي.. ليصبح أيضاً حزباً للأمة.. ولا أعرف.. أي أمة تلك التي يكون فيها.. حزباً يعرف الناس (رئيسه).. فقط ولا يعرفون .. له موقعاً.. ولا جماهيراً.. ولا قاعدة.. ولا.. حتى لافتات.. تنهض على الدور في المدن البعيدة.. أو (الحلال) النائية.. أو حتى في مجاهل.. الريف (الجواني) نعم أنا لست من حزبيهما الجدد.. وإن كنت أحتفي كثيراً.. وإحترم عميقاً كل حزبي.. ظل صامداً.. ثابتاً.. راكزاً في حزبه مهما.. ضاق به الحال وانسدت الأفق أمامه.. إحترم ثباته.. ولا أحترم الهرولة.. الى حزب آخر.. خاصة إذا كان الحزب الآخر.. من بيده.. السيف والذهب.. ورغم ذلك.. ورغم.. تلك التلال والرمال.. والبيد والفيافي التي تفصل بيني وبين الرجلين.. إلا أني وأقسم بالله صادقاً.. إني قد تعاطفت معهما ليلة البارحة.. حد البكاء.. رثيت لحالهما وهما.. يصيحان.. ويرغيان ويزبدان.. في هياج دونه (هبباي) صلاح أحمد إبراهيم في إذاعة (لندن) وتالله فقد (حنيت) عليهما.. وهما يكابدان الألم.. ويعيشان الوجع.. وهما يجيبان على أسئلة.. المذيع.. والمذيعة.. وعندها أدركت.. حقيقة المقولة السودانية الشائعة الشاسعة (التركي ولا المتورك).. مسكينان هؤلاء وهما يدافعان عن الانقاذ بلا معرفة ولا دراية.. فقط المهم عندهما.. أن يقاتلا دفاعاً عن (الأصدقاء) الجدد.. في هوجة.. وبلا هوادة. ونبدأ الحكاية.. و(هبة الغباشي) تلك المذيعة الذكية تقدم برنامجاً.. مترفاً.. ثرياً.. غنياً.. وجزلاً.. تدير الحوار في أناقة وعقل ومهارة يجيب المتحدثون.. معها في (الأستديو) ومن خارج الأستديو.. وهم ينتقون الكلمات.. الرفيعة.. في جمل متناسقة.. يحفها الوقار.. وتتبدى فيها المعلومة.. ليدرك المستمع إن المتحدث إنما يخاطب عقله.. في رزانة ورصانة.. وفجأة.. (تقع المذيعة) في شر أعمالها.. ونقع نحن في شر أعمالنا.. لائمين أنفسنا.. ونحن نجلد ذواتنا.. مرددين في أسف.. (نحن نستاهل) تلك التعاسة.. والغضب.. فقد ذهبت أصابعنا.. بمحض اختيارنا.. لندير مؤشر الراديو الى محطة ال (BB.C) سألت المذيعة السيد (مسار).. عن تأجيل الانتخابات.. وهنا هب الرجل كعصار (نيواورليانز).. لا يلوي على شئ.. ليقول.. في هدير ودوي.. وكأنه يخاطب حشداً.. في (زقلونا) نحن ما بنأجل الانتخابات.. تأجيلها عشان (تلاتة أنفار).. نأجلها عشان مبارك ونقد والصادق.. ديل ما عندهم قواعد.. وتصمت المذيعة وأظنها كانت تردد سراً.. حسبنا الله ونعم الوكيل.. وقبل أن (تبلع) المذيعة (ريقها) يمطرها الرجل.. في قصف دونه قصف اليابانيين ل (بيرل هاربر) مواصلاً.. (ابيل الير) ليس مؤتمر وطني ولا (أخ مسلم).. وهنا نتوقف.. أحبتي.. لتبلعوا حبة (فاليوم تن) حتى تتمكنوا من النوم.. وغداً صباحاً.. نوقظكم بمدفع إفطار أشد دوياً من مدفع رمضان.