تقرير: رباح الصادق - تصوير: محمود عبد الرحمن أحمد في الفترتين 20-22 و25-27 أكتوبر الجاري عقد المعهد الدولي للديمقراطية والانتخابات (أيديا) بالتعاون مع البرنامج الإنمائي للأمم المتحدة بالسودان ورشتان تدريبيتان بعنوان “الأحزاب والحملات الانتخابية” بفندق السلام روتانا بالخرطوم، استهدفتا كادر 24 حزباً سياسياً حديثاً أو صغيراً أو منشقاً عن أحد الأحزاب العريقة، ويسّر المعرفة العالمية والمقارنة فيهما خبيران دوليان الأول أردني من أصل فلسطيني هو الأستاذ عماد يوسف والثانية لبنانية هي الأستاذة شانتال ساركيز، ويسّر المعرفة بالشأن السوداني خبيران وطنيان هما الأستاذ محمد لطيف والدكتور عطا البطحاني. كما اختتمت الورشتان ب”مسرح الانتخابات” الذي جرت فعالياته ببيت الفنون ببحري مساء يوم الخميس 29 أكتوبر وكان منصباً على مناشط تثقيفية بالانتخابات وأخرى ترفيهية.. ورشتان تنعقدان في الوقت الضائع، إذ تهدفان إلى مساعدة الأحزاب على وضع استراتيجياتها الإعلامية بينما التسجيل قد دهمت سناكبه.. ناقشت الورشتان هموم الإعلام ودوره في الانتخابات القادمة والأحزاب ومطالبها وشكاويها، قال الأستاذ عماد: كلكم متأخرون الدولة والإعلام والأحزاب والسائر في الشارع لا يجد للتسجيل وقعا! وهي بالفعل أحزان وهموم بلا عد. رباح الصادق حضرت الورشتان كمقررة وخصت الأحداث بالتقرير التالي: في الحلقتين السابقتين تم رصد ما نوقش في الورشتين حول حرية الإعلام وحدودها والأطر القانونية لتأكيد الدور الإيجابي للإعلام والتجارب الإعلامية للحملات الانتخابية والأطر القانونية التي تحكمها والممارسة الفعلية بالتركيز على لبنان. في هذه الحلقة الخاتمة نذكر إفادتين حول الإعلام والانتخابات في السودان ونختم بالحديث حول مسرح الانتخابات. الإعلام والانتخابات في السودان قدم الإفادة الأولى الأستاذ محمد لطيف في الورشة الأولى وفي الثانية قدم الإفادة حول ذات الموضوع الدكتور عطا البطحاني. إفادة الأستاذ محمد لطيف بناء على المطالب التي قدمها المشاركون كأحزاب من الإعلام بنى الأستاذ محمد لطيف حديثه التالي: عدالة الإعلام بين الأحزاب الإعلام يهمه الحدث والحزب الذي يصنع الأحداث هو الذي يجذب الإعلامي. في تجربة صحيفة الأخبار أعلنا عن تحرير صحيفة طلابية أسبوعية مجاناً يحررها الطلاب من التنظيمات السياسية المختلفة ولكن الأحزاب الكبيرة غيبت نفسها وتتعامل معنا أحزاب تُسمى صغيرة تحرر الصفحة الأسبوعية. إن التصنيف الآن حول كبر الأحزاب وصغرها سابق لأوانه فصندوق الانتخابات هو الذي سيفرز الجماهيرية. وأي حزب عليه القيام بحراك والوصول للإعلام. في التعامل مع الإعلام نفرق بين نوعين: - وسائل الإعلام المملوكة للدولة ويفترض أن يكون الجميع شركاء فيها ولكنها الآن تحت إدارة حزبية. - الإعلام المملوك للقطاع الخاص. هناك مساحات كبيرة في الإعلام بشقيه ولكن كثيراً من الأحزاب لم تفكر بشكل جاد في توظيف هذه المساحات المتاحة. أمام الأحزاب خياران: إما الاستسلام لقاعدة أن الإعلام موجه وغير متعاون والمنطقي لهذا الخيار ألا يخوض الحزب الانتخابات، أو أن يقرر الوصول للجماهير مهما كلف الأمر. لا زالت هناك مساحات وآليات للوصول للجماهير. التلفزيون متاح التحرك فيه تحت المظلات الاجتماعية والثقافية ربما وليس السياسية. فالسقف السياسي في إعلام الدولة متدن جدا ومعظم الأحزاب لا ولن تجد المساحة التي تمكنها من تبليغ خطابها السياسي. لا بد من البحث عن بدائل وتصميم رسائل غير سياسية مباشرة للوصول للجماهير. معظم قيادات الأحزاب ليس لها صلة مباشرة بوسائل الإعلام المختلفة ويكتفون بتصنيف الإعلام بأنه موال. الأحزاب وخاصة مسؤوليها الإعلاميين يجب عليهم القيام بحملة علاقات عامة للوصول للإعلام. ولاختراق الوسائل الإعلامية لنقل الرسائل ا لحزبية عبرها للاستفادة من الممكن. ولا يمكن التمترس خلف الموقف الرافض للتعامل مع وسائل الإعلام فهذا الموقف سيعزز الخطط والأهداف التي تسعى لتغييب الأحزاب والتي تعارضها الأحزاب أصلا. بموجب اتفاقية السلام للأحزاب حقوق يجب عليها التمسك بها وكذلك بموجب الدستور الانتقالي فقد أسسا لنظام جديد في السودان على الأحزاب التعامل معه وأفرزا واقعا جديدا وفي الدستور وثيقة الحقوق التي فيها حقوق متقدمة على الأحزاب السعي لتنفيذها. قيام الإعلام بالتعريف بالأحزاب الأحزاب مغيبة لأكثر من 10 سنين في الإعلام الرسمي وحتى حينما بدأت بوادر الانفتاح كانت التقلبات السياسية تؤثر على التعاطي الإعلامي معها فهناك جيل بأكمله لا يعرفها. ولا بد للأحزاب من القيام بنشاط للتعريف بنفسها. وهذا ليس دور الإعلام في المقام الأول. المعلومات عن الأحزاب يجب أن تكون مربوطة بفعل في أو اجتماعي أو ثقافي وليس مجرد المعلومات المجردة والمربوطة بالخطب السياسية. التثقيف الانتخابي: للإعلام إشكالية فهناك جيل من الإعلاميين لم يعاصر انتخابات تعددية، ولو كانت هذه الحقيقة مؤثرة في الأحزاب برغم وجود ظاهرة تواصل الأجيال فيها ففي الإعلام تغيب ظاهرة تواصل الأجيال وتم إفراز جيل جديد بدون خبرة. نحتاج لرفع كفاءة الأجهزة الإعلامية وإصلاح الإطار القانوني الذي تعمل فيه الأجهزة. أنجز قانون الصحافة ولكن وسائل الإعلام الإلكتروني لا زالت تعمل في وضع سيء. في الماضي كانت الإذاعة والتلفزيون والبث في هيئة واحدة تهمين على المحطات المنافسة لها والآن صارت سلطة مراقبة البث مستقلة عن الإذاعة والتلفزيون ولكن لا زال الأمر محتاجا لمراجعة ولنضال حقيقي لإنزاله على أرض الواقع. صدر مؤخرا ميثاق الشرف الصحفي الذي بموجبه رفعت الرقابة القبلية على الصحف وهاجمت الأحزاب ميثاق الشرف الصحفي بالرغم من أنه تضمن معالجات جذرية حتى لقانون الصحافة الذي تم الاحتفال به بالرغم من أنه خلا من النص على حرية الوصول للمعلومات كما كان القانون السابق والذي نص على ذلك وإن لم تستفد من ذلك النص الصحافة. في القانون الجديد استبدل النص القاضي بحرية الوصول للمعلومات بأنه يحق للصحفي الحصول على المعلومات من مصادرها الرسمية وهذا نص يعتبر تحصيل حاصل- ميثاق الشرف الصحفي الذي تم الاعتراض عليه عالج هذه المسألة ورجع للمادة في القانون السابق التي تؤكد حق الصحفي في الحصول على المعلمات ما لم تكن مصنفة كمعلومات سرية، ونظرا لأنه لا يوجد قانون تصنيف معلومات حتى الآن وبالتالي كل المعلومات غير مصنفة. هذه كلها مساحات متاحة للحركة السياسية ولكنها بعيدة حتى الآن من الاستفادة منها. لا بد من أن تتضمن أجنندة أحزابنا السياسية رفع كفاءة الإعلام. هل هناك حزب سياسي أجرى دراسة علمية لمعرفة مدى كفاءة الإعلام؟ هناك جهود كبيرة في هذا الصدد لكنها لا تحقق الهدف المطلوب ولا زال الإعلام يحتاج لرفع الكفاءة والأحزاب عليها أن تبحث في ذلك. دور الإعلام في توصيل الرسالة الإعلامية: لكي يقوم الإعلام بذلك يجب أن تكون هناك رسالة إعلامية مرتبطة بالحراك والأفعال وليس "الإنشاء". الإشكال هو أنه قد يحدث تشويش لرسالة الحزب ليس متعلقا بالسلطة أو الأمن بل بسبب قلة الكفاءة وضعف المهنية للإعلام. فمن مسئولية الأجهزة الإعلامية في الأحزاب أن ترسل رسالتها بشكل مكتمل لكيلا تحدث الشكوى من تشويش الرسالة في الوسائل الإعلامية. المهنية متعلقة برفع الكفاءة ومسألة تواصل الأجيال وهي من إشكاليات الإعلام الآن. الأحزاب لا تهتم بهذه القضايا وتركز فقط على هيمنة الدولة على الإعلام بينما الإعلام يعاني من مشاكل أخرى لا علاقة لها بالدولة. لا بد من الحديث عن المستوى المثالي في الإعلام حتى نحدد المعايير التي نقيس بها أداء الإعلام ومن المطلوبات الصدقية والحياد والابتعاد عن التشهير والتضليل والاغتيال المعنوي والسياسي للخصوم. أداء الإعلام لا يقبل غير المثالية وإلا سينسف الثقة فيه. المشهد السياسي فيه العديد من التعقيدات التي ربما تؤدي لعدم إقامة الانتخابات. الأحزاب عليها ألا تنتظر من الإعلام فعل بمعزل عن المعطى السياسي فالإعلام لا يصنع المعجزات. الصحف تعكس ما يدور في المجتمع، ومدار الفعل الإعلامي سيكون أفعال القوى السياسية وسيراقب الإعلام أفعالها فالإعلام لن يدير معركة تأجيل الانتخابات أو الاتجاه المضاد لذلك فللإعلام دور توعوي وتثقيفي ولكن ليس دورا مفصليا في اتجاه سياسي معين. وأكرر إن جاهزية الإعلام كأجهزة وافراد في لعب الدور المطلوب في الانتخابات مشكوك فيها. إفادة الدكتور عطا البطحاني يصب حديثنا حول الإعلام والسياسة والانتخابات في السودان عبر أربع محاور: المحور الأول: البيئة السودانية: التنوع كبير في السودان، هناك عدد من الإحصاءات السكانية التي تمت منذ الأول في 55/1956م حتى الإحصاء الخامس في 2008 والذي وجد حوله خلاف كبير. الإحصاء الأول كان واضحا في إبراز أحجام المجموعات السكانية في البلاد: 19 مجموعة عرقية رئيسية، 579 مجموعة عرقية فرعية، 40% من السكان ينتسبون لمجموعات عربية، 30% حامية، 9% بجا، 6% فور، والبقية مجموعات أخرى. يوجد تباين لغوي كذلك فأهل السودان يتحدثون 115 لغة. يتحدث بالعربية 52% و48% يتحدثون لغات راجعة للعوائل اللغوية الصحراوية والنيلية في الغالب. الأغلبية تدين الديانة الإسلامية مع وجود مسيحيين وأديان محلية في أجزاء متعددة. هناك تعددية من نمط آخر: تعدد أنماط الاقتصاد والإنتاج- تعدد المناخات- تعدد ممارسات السلطة السياسية وبنية الحكم فبعض المناطق تطورت لسلطة مركزية وبعضها بمستوى قبلي محلي- وتعدد منظومات القيم الأخلاقية. لاحظ هذا التعدد رئيس القضاء في 1983م وبعد تخريج أول دفعة قضاة تدربوا على الشريعة الإسلامية قال إن في السودان نظما أخلاقية متباينة، وقال هناك 12 شكلا للزواج في السودان. الحزب السياسي عليه أن يضع هذا التعدد في الاعتبار فلا بد من مراعاة الحساسيات الثقافية والأخلاقية للمجموعات المختلفة. المحور الثاني: مراحل تطور الأجهزة الإعلامية هذا السياق التعددي فرض حتى على الاستعمار البريطاني اللجوء لنظام الإدارة الأهلية وسياسة فرق تسد في نوع من الكياسة السياسية. بدأت الصحافة في السودان في وقت مبكر بالنسبة لدول جارة في القارة الأفريقية. في 1903 نشرت أول جريدة أصدرها اصحاب المقطم بمصر. وبالمقارنة مع تعامل النظم ما بعد الاستقلال فإن الاستعمار البريطاني لحد كبير خلق براحا مكن من إقامة صحف تمتلكها أحزاب. ويعتقد البروفسر علي مرزوعي أن حكومات الاستقلال في أفريقيا كان نفسها ضيقا جدا مع الإعلام بالمقارنة مع المستعمر. التعدد والتباين ينعكس في ملكية الصحف. امتلك عدد من الزعماء السياسيين صحيفة النيل. وخلق براح ساعد في نشوء الأجهزة الإعلامية، وبدون درجة ما من الحرية لا يتسنى ذلك. بعد الاستقلال وجدت حريات إبان المرحلة البرلمانية الأولى 56-58، وبعد ذلك أمم الحكم العسكري الصحافة ووضع سابقة لكل النظم العسكرية التي تلته سواء المايوية أو في "الإنقاذ". صحافة الحكومة المؤممة لم تكن تجد إقبالا. صحيفة الثورة في الحكم العسكري الأول لم تكن تباع: وكان يقال عنها "البرش بقرش"، لأنها كانت تفرش كبساط على الأرض ولم تكن تجد إقبالا. حينما تضمر الأجهزة الإعلامية الرسمية فالمجتمع الحي يجد المنابر التي يتنفس بها، وقد صارت بيوت العزاء والتجمعات الاجتماعية منفذا للتنفيس. ويقال إن من أسباب استجابة الفريق عبود في أكتوبر للمطالب الثوار أنه كان يجد رأي الشارع حول الضيق الاقتصادي والرفض للنظام في بيوت العزاء. هناك تلازم بين الحرية وتطور الأجهزة الإعلامية، ثبت ذلك في مرحلة ما بعد أكتوبر 1964 ونما حراك سياسي لكل المجموعات المذكورة كمؤتمر البجا ونهضة دارفور كما نشطت المرأة ونالت حقوقها كانت هناك دينامية غذت الإعلام وتغذت منه ولكنها كانت فترة قصيرة، وبعد مايو 1969م عدنا لتأمين الصحف وكانت فترة مايو طويلة. ولكن أتفق مع القول بأنه على أنه بالرغم من التعتيم تمكنت الأحزاب السياسية من الوصول لقواعدها أي وجدت من الوسائل ما مكنها من نقل رسائلها وهذا يفسر المعارضة المتعاظمة لنظام مايو منذ أحداث شعبان 1973 ثم يوليو 76 ثم المصالحة ثم الإضرابات النقابية التي توالت حتى نهاية النظام. إذن هناك علاقة بين الحراك السياسي وبين إيصال الرسالة الإعلامية. الانتفاضة أعقبها مناخ الحرية والأحزاب بدأت تنشر صحفها الخاصة ولكن نشأ تساؤل كبير عن مدى الدور الذي لعبته الصحافة في هذه الفترة فقد لعبت دورا لم يكن مشجعا أو مؤيدا كما كانت صحافة الستينات، فصحيفة ألوان مثلا قامت باغتيال شخصية لرموز الأحزاب الكبيرة، وبذلك حدث خلل أسبابه غير معلومة هل كان مقصودا من قبل الحزب المعني أم لأسباب أخرى؟ هذا أدى للدعوة للتضييق على الصحافة لاحقا وحملتها بعض الجهات انهيار الديمقراطية. بعد "الإنقاذ" كان تأميم الصحف في 1989م ثم استمرت فترة التقييد حتى 2005م ثم بدأت مرحلة انتقالية سنتحدث عنها أدناه. المحور الثالث: الفترة الانتقالية السؤال المحوري الآن هو هل من الممكن إرجاع العلاقة بين الإعلام والأحزاب الديمقراطية كما كانت في الستينات وتعزيز الدعم المتبادل بينهما؟ هذا سؤال هام نطرحه للنقاش ويجب أن يكون مادة للتداول. في هذه المرحلة يوجد دستور وقوانين واتفاقيات تحكم العلاقة بين الأطراف كافة: قانون الصحافة والمطبوعات- قانون الأحزاب- قانون الانتخابات. وبعض هذه القوانين فيها نصوص خاصة بنشاط الأحزاب الإعلامي كما في قانون الانتخابات وقانون الأحزاب. ثم استعرض بعض المعلومات المقتبسة حول الأجهزة الإعلامية الموجودة من صحف وتقييم لها بأنها ضعيفة لدرجة مخجلة وتحتاج لدعم في إمكانياتها وقدراتها وإذاعات وفضائيات مملوكة للدولة، وغيرها مما يعني وجود تعدد في الوسائط متاح للحزب المعني والسؤال حول الإستراتيجية الملائمة لن تقود لإستراتيجية مناسبة لجميع الأحزاب بل الوسيلة الملائمة هي التي تناسب الحالة المحددة. مواثيق الشرف: مجلس الأحزاب ناقش مع الأحزاب ميثاق الشرف للانتخابات. والصحفيون لديهم ميثاق شرف رفعت الرقابة القبلية على الصحف بناء عليه. والآن وزير الإعلام يتحدث عن لجنة لمراقبة تغطية نشاط الأحزاب في الأجهزة الإعلامية. وأكد على حقيقة أنه إذا انفصمت العلاقة بالدعم التبادلي بين الأحزاب والإعلام فسيقود ذلك لما تم بعد الانتفاضة من لعب الإعلام دور تقويضي. مزروعي يقول إن الصحافة ساعدت القادة الأفارقة في نيل الاستقلال وبعد نيله عملوا على إيقافها بعد أن صاروا حكاما وبدأت الصحافة في ممارسة دورها في نقدهم وأهم سبب لحساسية الحكام المفرطة تجاه الإعلام هو تميزهم بعدم الشرعية السياسية في الغالب. والصحافة حينما تتحدث عن الشرعية تنتهك خطوطهم الحمراء مما يؤدي لكبت الصحف وإغلاقها. الشرعية هي رضا حر وطوعي واختياري للمحكومين بعقد توافقي بينهم وبين الحاكم. والانتخابات تضمن هذه الشرعية فلو لم يقم الحاكم على هذا الأساس تنشأ مشكلة الشرعية وهاجس الحكام حولها. الإعلام ونقده لا يهم الحاكم الشرعي كثيرا وإن كان الحاكم الشرعي قد تهدده الصحافة كما في ووتر قيت التي أدت لاستقالة الرئيس نيكسون الذي فضح الإعلام قيامه بالتصنت على الحزب المنافس فاستقال، ولكن في النظم غير الديمقراطية الإعلام مشكلة وهذا الوضع يقابلنا في الانتخابات القادمة حيث يريد الحزب الحاكم أن يحصل عبرها على شرعية. الحاكم له ميزة في الانتخابات فتغطية أخبار المسئولين كحكام ربما تستخدم ضمن الحملة الانتخابية وتكون ترويجا للمسئول كمرشح، هذه الميزة يجب ألا تصل لمرحلة تكون المنافسة غير مقبولة وينكر المتنافسون الاعتراف بنتيجة الانتخابات إذ أن قبول المنافسين بالنتيجة هام جدا لتأكيد الشرعية وما حدث في باكستان خير دليل فستتم إعادة الانتخابات من جديد، كذلك في أفغانستان. لا بد من التأكيد على نزاهة وحرية الانتخابات، ولهذا الهدف توجد مراقبة محلية ودولية للتأكد من ذلك ومن ثم الاعتراف بنتيجة الانتخابات. وحينما سئل الدكتور عطا عن الكيفية التي تستطيع بها الأحزاب الفكاك من القيد الإعلامي الحالي وإيجاد فرص لها خاصة مع وجود التحكم على الصحف عبر الإعلان، وهل يمكننا إنجاز التحول الديمقراطي، قال: هذا تحديكم أنتم كأحزاب. نحن لا نقل إبداعا عن الشعب المصري كأفراد وجماعات ويمكن إيجاد الطرق والوسائل عبر تعزيز الإيمان بقدرات الأحزاب وبقدراتكم كسياسيين تتصدون لحل مشاكل المجتمع. الحل عندكم والعمل التراكمي للأحزاب ومنظمات المجتمع المدني يحدث تغييرا والآن يوجد حراك، ولكن لا يوجد مخرج بوصفة أو روشتة جاهزة. هذا عمل عليكم القيام به ولديكم القدرات على ذلك فانتماءكم لأحزاب يعني خطوة باتجاه الحل الذي يقدمه ذلك الحزب. كذلك يمكن للأحزاب ان تقوم بتحالفات من أجل أهداف مشتركة. سلطة الإعلان على الصحف أتفق حول دورها الهدام في التحكم على الصحف، والوضع الحالي أن الحكومة هي المعلن الأساسي هو من المشاكل ففي المجتمعات التي تعمل باقتصاد السوق الحر تكون الشركات الخاصة هي صاحبة شركات الإعلان. هل يمكن إنجاز التحول الديمقراطي؟ يجب أن تكون لدينا ثقة في قدراتنا فهذه مسألة صعبة ولكنها ليست مستحيلة والحزب السياسي عليه أن يعزز الثقة في قدراته ويعمل من أجل التغيير. كمثال تجربة رجب طيب أردوغان وكيف استطاع أن يجد وسيلة يفتح طريقا برغم التقييد ويطرح برنامجا يكسب به الانتخابات. مسرح الانتخابات ببحري في بيت الفنون (مركز طارق الأمين) المقام ببحري جرى تنظيم أمسية ختامية بالتعاون بين منظمة الهيلا هيلب وأيديا كجزء من فعاليات وشتي الإعلام والانتخابات، شعار منظمة الهيلاهيلب هو "نريد أن نوظف الفنون لصالح القضايا الإنسانية" وقد خاطبت مديرة هيلا هيلب التنفيذية الأستاذة رحاب حامد الورشة الثانية أثناء التدريب لتؤكد على أهمية المنشط المنظم في بيت الفنون والذي جرى بعد ختام الورشتين في أمسية الخميس 29 أكتوبر. مسرح الفنون ببحري عبارة عن مسرح للانتخابات أنشئ العام الماضي ووجد نجاحا كبيرا وهو عبارة عن أربعة خيم. الأولى بها مواد إرشادية عن العملية الانتخابية والثانية بها لوحات تشكيلية تشجع على المشاركة في العملية الانتخابية والثالثة فيها حملات لمرشحين وهميين، والرابعة غرفة الاقتراع. يصاحب الخيم مسرح يضم جزء حيا وعرضا عبر البروجيكتر داخل المركز مع عمل درامي.. وبالفعل في اليوم الموعود تقاطر عدد غير قليل من المشاركين لبيت الفنون الذي يوحي مكانه بإبداعية الذهنية من ورائه، فالكراسي مصنوعة من فروع النخيل، والمسرح من الجالوص، وحوائطه منسوجة بالسعف وكل شيء بشكل إبداعي جميل. خاطب الأستاذ طارق الأمين الأمسية مؤكدا على أهمية التثقيف الانتخابي وعملنا جميعا من أجل انتخابات نزيهة، وأشار للخيمة التثقيفية وخيمة المرشحين وغرفة الاقتراع ثم قدم عملية لاقتراع تطبيقي في غرفة الاقتراع من مركز (رقم 9) داخل دائرة وهمية (رقم 17). بالفعل جرى الاقتراع من قبل 24 من المشاركين الذين كان 32 منهم قد سجل لدى الدخول، ثم جرت عملية فرز الأصوات في الانتخابات للثمانية مستويات التي سيجري عليها الاقتراع في الشمال: الرئيس- الوالي- الدائرة الجغرافية للمجلس الوطني- التمثيل النسبي للنساء للمجلس الوطني- القائمة الحزبية للمجلس الوطني- الدائرة الجغرافية للمجلس التشريعي الولائي- التمثيل النسبي للنساء للمجلس التشريعي الولائي- والقائمة الحزبية للمجلس التشريعي الولائي. وتم إعلان النتيجة بين المتنافسين وشعاراتهم: اليد- الشمعة- العلم. بفوز ساحق لليد في كافة المناصب المقترع عليها. ثم عرضت عدد من السكتشات الدرامية المتعلقة بالتثقيف الانتخابي عبر البروجكتر. وقدمت بشكل حي أغان ثلاث: بالانتخاب تاريخنا جا- وأنا صوتي بديه للبلقى مكانتي بيه (تعبيرا عن أن النساء سينتخبن من يضمن حقوقهن)- وبلدا هيلي أنا، المتعلقة ببث الروح الوطنية. احتوت الأمسية كذلك على كلمة الأستاذة أماني الحاج عن منظمة أيديا تشيد فيه بما اعتبرته وسيلة ذكية اتخذتها الهيلاهيلب في التثقيف الانتخابي راجية أن تستفيد الأحزاب السودانية منها في تثقيف كادرها وقواعدها، كما احتوت الأمسية على فقرات غنائية راقصة من فرقة البالمبو، واختتمت بعشاء وفقرة غنائية.