هنالك بعض الشعراء كتبوا لنا خلال مسيرتهم الفنية أعمالاً رائعة وصادقة نبعت من نبض وجدانهم ومن أحاسيسهم المرهفة ولكن معظم الناس تجهل الكثير عنهم بفضل التعمد من قبل الجهات التي تركض خلف المادة، من هؤلاء الشاعر المبدع محجوب سراج، ذلكم الشاعر الرقيق الذي أسهم بنصيب وافر في دعم الأغنية السودانية. ويعتبر محجوب سراج من الشعراء الذين يكتبون الشعر المعافى الصادر من الأعماق الدفينة والأحاسيس المرهفة. والأغرب أنه لا يظهر في المجتمعات والأوساط الفنية على الإطلاق. ورغم أن علاقتي بالوسط الفني بدأت منذ سنوات طويلة إلا أنني لم أقابل محجوب سراج في حياتي وجهاً لوجه إلا مرة واحدة في إحدى المناسبات وكنت وقتها يافعاً عمري لم يتجاوز العشر سنوات بحي العرب الحالمة والملهمة التي ولدت ونشأت وترعرت فيها قبل انتقالنا لمدينة أم درمان الثورة، ولازالت صورته مرسومة في ذاكرتي وخيالي بكامل أناقته ووسامته وطلته البهية وكان أحد أبرز نجوم المجتمع الأم درماني وهو يعد من منظومة حي العرب الإبداعية «2-5» حارتنا وهي التي ضمت عبيد الرحمن، سيد عبد العزيز، عبد الرحمن الريح، التنقاري، مصطفى عبد الرحيم «تذكار عزيز» سيف الدين الدسوقي، الطاهر إبراهيم، وميرغني المأمون وأحمد حسن جمعة والذري إبراهيم عوض وعمر أحمد «كان بدري عليك» وأحمد الجابري ومحمد أحمد عوض وغيرهم وكان يعمل سراج موظفاً بالهيئة القومية للكهرباء «كمترجم» وحتى الآن لم أقابله منذ تلك الفترة في أي مرفق ثقافي أو أدبي أو فكري أو حتى في الإذاعة والتلفزيون. وعلمت بأنه تعرض للمرض في فترات عديدة وما زال ملازماً له حتى اللحظة، دون تحريك أي جهة ساكناً وكأنه لا يمثل ركناً مهماً من أركان الإبداع في سوداننا الحبيب الذي يعتبر البلد الوحيد في العالم تنكراً للمبدعين وتهميشاً لدورهم مهما قدموا من فنون وثقافات. ويتساءل القاريء العزيز عن أعمال محجوب سراج فنقول له إن محجوب كتب أعمالاً غنائية خالدة نذكر منها على سبيل المثال لا الحصر «عواطف» امنتك عواطفي وخنت الأمانة والجرح الأبيض لصلاح بن البادية «ليه بتسأل عني تاني» ومين قساك ومين قسى قلبك لإبراهيم عوض و«بعد الغياب بعد الليالي المرة في حضن العذاب عاد الحبيب المنتظر» لصلاح مصطفى وأعمالاً أخرى ليس هذا مجال لذكرها فهو يعتبر من رواد الأغنية الحديثة. إننا ننادي برعاية هذا الإنسان المبدع وتكريمه بما يليق بمكانته السامية في نفوس الناس. أخي وزير الثقافة النشط وراعي المبدعين السمؤال خلف الله، لقد عهدناك وفياً ومنصفاً لأهل الإبداع ولكن زيارة واحدة منك للعملاق سراج تمثل جرعة معنوية كبيرة لهذا الشاعر الإنسان الذي انزوى عن الأضواء لظروف صحية فافعلها يا سمؤال؟!!