دخلت العطلة الصيفية أسبوعها الثالث، والأسر بين سائح خارج البلاد ومباشر لإجراءات العمرة وعاطل عن فعل أي شيء يملأ فراغ أطفاله بما يفيدهم، وقد غابت البرامج والأنشطة التي كانت سمة العطلة الصيفية السابقة، وكذلك غاب التخطيط والترتيبات الحكومية التي تضطلع بها الوزارات والمؤسسات المختصة بالأنشطة المتصلة بالنشء. الأسر السودانية تصرف سنوياً في العطلات الصيفية ما يقارب (400) مليون دولار في رحلاتها الخارجية وسياحتها، وثلاثة أرباع هذا المبلغ يتجه نحو مصر، التي بدأت تصنّف السياح السودانيين في الفئة (A)، وقد علمت أن مصر تستقبل في الأسبوع أكثر من عشرين ألفاً عبر الطائرات، و(700) شخص أسبوعياً عن طريق ميناء حلفا. يحدث كل ذلك في ظل غياب السياحة الداخلية، التي إن وجدت الاهتمام ستقلص الخروج الكبير للعملات الأجنبية، لا سيما أن مقومات صناعة السياحة الداخلية متوفرة، ولكن من يأخذ بيدها؟ الطرق القومية قطعت شوطاً مقدراً لربط البلاد من أقصاها إلى أقصاها، وتكاد تصل إلى الحدود السودانية في اتجاهاتها الأربعة، فالشرق ارتبط بمركز البلاد بخطين قوميين، والشمال كذلك تربطه طرق جيدة بمصر، وجنوباً يتجاوز الطريق حدود البلاد ليربط الرنك بالمركز في الخرطوم، وفي جهة النيل الأزرق يواصل رحلته إلى الحدود، ومن جهة القضارف يلامس الحدود الإثيوبية، وغرباً يتواصل العمل في كافة القطاعات ليطرق بقوة على الحدود التشادية، وهذا وحده إنجاز كبير نأمل أن يكتمل تماماً لتقوم بنية تحتية تؤسس لنهضة سودانية شاملة. ما زالت قضية (أبيي) عصية على المتفاوضين، والحقيقة المرة أنه لا بد من حل على الأرض وإلا الطوفان والحرب والصراع والعودة إلى المربع الأول، ويبدو أن السيد (باقان) لا يملك الشجاعة الكافية التي تجعله يقف في وجه أبناء أبيي ويضغط عليهم لقبول ما يراه هو، وقد حدث ذلك ونفض يده من رؤية طرحها تقوم على تقسيم أبيي، بعد أن رفضها أبناء أبيي، وعلى الدولة أن تفاوض أمريكا وتتفق معها على حلول لهذه القضية، وهي كفيلة بإرغام الحركة الشعبية وحملها على الاتفاق لتجاوز هذه المعضلة، فالحركة لا تملك إرادة التفاوض الجاد. جسر الدويم بالرغم من الوصول إلى الخواتيم، ومن ثم الافتتاح؛ إلا أن وتيرة العمل تمضي ببطء شديد، وما زال الموعد المضروب للافتتاح غير محدد، وبتنا لا نعلم إن كان الأمر يتعلق ببرنامج السيد الرئيس أم أن سبب التأخير الأعمال التي ما زالت تنتظر تمامها. الدويم من المدن التي لم تكتشف بعد، فهي ما زالت تخفي نجوماً زواهر، وقامات وطنية هائلة، ومنارات علمية بارزة، ولهذه المدينة وصال قديم مع نجوم السودان في السياسة والعلوم والآداب والرياضة والفنون، وقد أخذت منهم وأعطتهم وتبادلت معهم الألق والإبداع والجمال، وتجاوزت الحدود، وهي تحتضن على مر تاريخها مع العلم والنور في بخت الرضا أسماء لامعة في الوطن العربي والقارة السمراء. ألم أقل لكم إن السيد الصادق المهدي لن يقطع حواره مع المؤتمر الوطني؟ وقد ضرب الرجل موعداً لذلك لا يتجاوز سبعة أيام، والآن مرت أكثر من خمسة عشر يوماً، وها أنا أقطع بأن السيد لن يقطع الحوار إلا إذا انقطع من تلقاء نفسه، فالرجل يتقدم خطوة ويتراجع مثلها.