{ خبر يندلع منذ يومين في كل الفضائيات العربية وغير العربية، وتتولى كِبره بطبيعة الحال فضائية الجزيرة، يقول الخبر: «إن مائة وخمسين من أفراد الجيش يلقون حتفهم في السودان، وذلك على إثر معركة طرفها الآخر فصيل منشق»، علماً بأن هذه التراجيديا تعرض على مسرح «سودان السيد باقان أموم» النسخة الجديدة لنج، وأن السودان الذي عاصمته الخرطوم بريء براءة الذئب من دم ابن يعقوب من دم هؤلاء الجنود المنشقين وغير المنشقين، فأصلاً جيشنا الوطني لا يعاني حالات انشقاق واضطراب. { وقصص وأخبار السودان، نسخة السيد فاقان، التي تشوه سمعة سودانا القديم لا تنتهي فصولها وفصائلها، فلم يجف المداد الذي كُتب به «خيار الانفصال»، حتى ظهرت جريمة بشعة على شاشات الفضائيات، والمدهش أننا هنا في الشمال نشاهد كما الآخرين هذه الدراما، تتلخص تلك الجريمة غير المسبوقة بأن وزيراً في حكومة الجنوب يتعرض لعملية اغتيال في وضح النهار وداخل مجمع الحكومة بمدينة جوبا، وكان سائق الوزير القتيل هو بطل تلك الجريمة، لكن رشاش القضية أيضاً يصيب في مقتل، وذلك لما تقول الفضائيات: «إن هذه الجريمة قد جرت أحداثها بالسودان الجنوبي»، (فالجنوب الجديد) أصبح أكبر ممول للفضائيات في أخبار الموت والاقتتال! { ونسخة «الجنوب الجديد» لا تنتهي عجائبها، فمنذ فترة خرج السيد الأمين العام للحركة الشعبية لتحرير السودان ليقول: «إن الشمال مسؤول عن تمويل الحركات المنشقة في دولته الوليدة، وأن الرئيس البشير شخصياً هو الذي يشرف على هذا الإمداد والتمويل»، احتجنا يومها للراحل إبراهيم العبادي شاعر «مسرحية ود دكين» ليصنع نشيداً جديداً ويلقيه أمام السيد سلفاكير شخصياً، وذلك على غرار تلك الأبيات: يا مك دار جعل نحنا رزينا وبموت ود دكين كل القبيلة حزينة أم حمد بقول بنسبك اتعزينا رسل لينا طه قبال ما تجي تعزينا { لكننا على الأقل لا نعيش «عصر المك نمر» ولا عصر الشاعر الضخم العبادي، صحيح لم تعجز قبيلة البطاحين عن (إنتاج طه جديد)، ولم تفتر همة قبيلة الشكرية في إفراز نسخة أخرى من ود دكين، ولا يزال الجعليون قادرين على استنساخ عدد من المكوك والبطولات، لكننا الآن نرزح تحت وطأة «المجتمع الدولي» وحقوق الإنسان ومنظومة «الأممالمتحدة علينا».. لنختزن هذا (الغيظ) ليوم نهضة أممية قريبة بإذن الله تعالى، فعلى الأقل أن السيد وزير التعاون الدولي بحكومة الجنوب، قد قال تلك الجمل الأليمة وهو يصعد على منبر، «المجتمع الدولي»، وحكومة الخرطوم تمتلك من الحصافة والرؤية ما يؤهلها إلى عمليات (اشتراء الوقت) وتفويت الفرصة على هذا العالم المجنون. { وأهلنا يقولون: «لو كان المتحدث مجنوناً فليكن المستمع عاقلاً»، فالذي يدور في الجنوب هو من إنتاج الجنوب، فأطور ورفاقه لهم حسابات مع حكومة السيد فاقان، وذلك غير استحالة تشوين وتمويل هذه الحركات المنشقة، بل أن مصالح الشمال تكمن في قيام دولة متماسكة في الجنوب ومستقرة.. { وكنا نطمع أن يتحمل الأخوة في الجنوب مسؤولية دولتهم ولا يصدرون أزماتهم للشمال، على أن «شماعة الشمال» يفترض أن ترحل مع رحيل الحركة جنوباً.. { غير أننا نحتاج إلى أن يدرك العالم أن هذه الجرائم البشعة التي تتناقلها وسائل الإعلام لا تخص (السودان القديم) لا من قريب ولا من بعيد، ولكنها تحدث في هذه «النسخة غير الأصلية» من السودان «نسخة السودان الجديد» التي يجب أن تفرز من النسخة الأصل.. مخرج.. هنالك خياران.. أما أن يختار إخواننا المنشقون على دولة السودان الكبرى اسماً غير السودان، أو أن نترك لهم السودان.. فسمعتنا تتأذى مما يحدث في هذه النسخة المهترئة من السودان الجديد!