الساحة الفنية أضحت خالية تماماً من المبدعين الذين يُشكِّلون إضافة حقيقية للفن عموماً وما نراه لا يعدو أن يكون (فرفرة مذبوح) .. كثرة الفضائيات والإذاعات الخاصة أغرت أنصاف المبدعين أن يسيطروا على الساحة.. بأن تتحوّل قيمة الفن إلى أشلاء.. وأن ينهار الذوق إلى درجة الحضيض.. مذيعات لا يعرفن أبجديات العمل الإعلامي ولا هم لهن سوى الشكل والمكياج.. ضعيفات الأداء وركيكات.. والفضائيات عندنا تستقطب (بنات سمحات) والسماحة وحدها لا تكفي لنجاح البرامج وصناعة النجوم والدليل أن أوبرا وينفري ليست جميلة ولكنها عميقة ومثقّفة ولها حضور طاغٍ.. مذيعون لا يملكون القدرة الكافية على النطق السليم و«مخارج الحروف) نجدهم على الشاشات يعبثون بلغة (الضاد) وكل إمكانياتهم (حبة وسامة) وكريمات وكرفتة مربوطة على العنق.. وكأن الفن أصبح لمسة من الأناقة والجمال دون الاهتمام بالعمق والجوهر.. فنانون شباب (يسبسبون شعورهم) ويلبسون السلاسل ويرددون أغانٍ أقل ما توصف به إنها (سوقية).. بل قاموا بتحويل لغة السوق إلى أغانٍ يتم ترديدها في الأشرطة والموبايلات و(السي دي) وعمدوا إلى أغنيات البنات وصاروا يقدمونها بصورة ممجوجة لا تعبِّر عن واقعنا ولا أعرافنا ولا سلوكيات مجتمعنا السوداني المعافى. أغانٍ نخجل من ترديدها.. ومع ذلك أصبح لها جمهورها وروادها المعجبين.. وهذا يدل على أن الفن يتحكّم في مسألة الذوق العام. هكذا أصبح الوسط الفني للأسف.. كل هذا الكم الهائل من الأعمال الركيكة والسطحية يحتاج إلى (غربلة) دقيقة لتنقيته من الشوائب والفيروسات الضارة بالفن.. وبلادنا في حاجة إلى نجوم حقيقيين وليسوا مصنوعين، ونحتاج لمواهب في مختلف مناحي الحياة الفنية والثقافية والأدبية وليس أنصاف موهوبين يتربعون على الساحة الإبداعية.. والله يؤلمني جداً أن وسائل الإعلام المختلفة من إذاعة وتلفزيون وصحافة وغيرها تُتيح لمثل هؤلاء فرصة الظهور في مساحات كبيرة لا يستحقونها.. وسائل الإعلام بكل تصنيفاتها مطلوب منها أن تنتقي نجوم حقيقيين لتقديمهم للمجتمع وليس عناصر هلامية وأبواق جوفاء لا تُصدر إلا ضجيجاً بلا طحين. { إن الجهات المسؤولة عن الإعلام في بلادنا يحتِّم عليها واجبها ومسؤوليتها أن تقف وقفة حاسمة وقوية لضبط هذه الفوضى والهرجلة والانفلات في الساحة الفنية.