{ لا تستغربوا من عنواني، المقتبس من أغنية بالطمبور للفنان (محمد النصري)، وسبب التسمية أنني رأيت هذه الأغنية في عيني أمي، عندما ظهر لها سرطان بالثدي..!! { كنت أهرب من نظرات عينيها التي كانت تخاطبني والمرض ينهش داخلها.. وأنا أنظر..! أحسست بالعجز وأنا الطبيبة التي تعافى على على يديها الكثير من المرضى.. لكنني أعجز أن أداويها..!! { إنها الأم التي لا تكفي الدنيا بأكملها لتعويضها بعض حنانها.. وبكيت كثيراً رغم تماسكي أمامها وأمام إخواني الصغار.. { بدأ الأمر قبل عام عندما قابلنا اختصاصياً أجرى لها العديد من الصور.. وفي لفتة إنسانية كريمة أرجع لنا ما دفعنا من مال بحكم الزمالة.. ثم بدأت رحلة البحث - بعد العاشرة مساء - عن فحص بالشعة للثدي، بحثنا حتى الحادية عشرة ليلاًَ.. كانت كل المعامل قد أغلقت في ذلك الوقت المتأخر.. فرجعت لوالدتي التي تركتها بمكتب في المستشفي مع زميل لي تنتظر.. وعندها قال زميلنا إن هنالك مركزاً واحداً يمكن أن يكون مفتوحاً.. وبالفعل ذهبنا بعربته وحجزنا في اليوم التالي مساء.. وفي الصباح ذهبنا إلى مستشفى الخرطوم (معمل النص) وأجرينا بعض الفحوصات بتعاون كريم من الزملاء الكرام الذين وقفوا معنا وقفة طيبة.. وفي المساء ذهبنا إلى المعمل الذي حجزنا فيه وأجرينا صورة أشعة للثدي.. وهو التشخيص القاطع.. فاجرينا الفحص وعرضنا النتيجة على الاختصاصي.. ورغم أني كنت أعرف إلا أن الدمع قد سال من عيني عندما أكد الإصابة.. وواساني وتعهد بإجراء باقي الفحوصات مجاناً.. إنه د. مرتضى عبد اللطيف الذي كنا نسمع به ونحن في (الامتياز).. وهو معروف بمواقفه الإنسانية مع كل المرضى.. ثم واصلنا التشخيص بقسم الأشعة بمستشفى الشرطة.. فكان الوقفة الكريمة أيضاً من الزملاء مرتضى وسمية وكل الضباط بلا استثناء.. وتم كل ذلك قبلاً بفضل الزملاء بمستشفى السلاح الطبي بالعيلفون الذي كنت أعمل به وقتها.. وقد منحوني إذن الغياب لمتابعة الوالدة العزيزة.. ولم تبخل صديقتي وزميلتي د. صفاء عوض التي كانت تحمل عني العبء وتسد غيابي بكل ما تملك.. ووقف جميع الزملاء بجانبي حتى أجرت الوالدة عمليتها (استئصال) وخرجت للبيت.. وبدأنا رحلة العلاج الكيماوي.. { لكن لم تنته معاناة الوالدة عند ذلك.. إذ ظهر ورم في كبدها.. وعندها عدت أبكي بحرقة.. حتى أبكيت زميلاتي.. وقرر الأطباء أخذ عينة من الورم.. إلا أن أمي رفضت.. وعندها رجحنا بأنها بنسبة 90% مصابة بورم في الكبد.. ذلك المرض القاتل الذي لا يمهل المصاب به أكثر من شهور.. حسب ما تقول كتب الطب.. فطفقت أبكي حتى أحسست بأن الدمع لن يفارق مقلتيَّ.. وأخذ زميلي مرتضى يواسيني بالقول: (هذا كلام الكتب.. ونحن مسلمون مؤمنون بالقدر.. تقول الكتب كلاماً لكن مشيئة الله هي النافذة.. فكم من مريض عاش دهراً ومرافقه يموت قبله).. { بعدها ذهبنا بالوالدة إلى الطبيب الإنسان الطيب العبيد.. فأخبرني أن هنالك (بروف) متخصص في أورام الكبد سيأتي للسودان.. فتابعي معنا.. وأوصاني أن أكون قوية.. ثم اتصلت بي د. ماجدة السيد تخبرني باليوم المحدد.. وطلبت مني أن تجري بعض الفحوصات قبل حضور الاختصاصي الزائر.. فأخذت الوالدة وأجريت الفحوصات.. وكانت المفاجأة السعيدة عندما اتصلت بي د. ماجدة لتبشرني بأنه بناء على الفحوص التي أجرتها بنفسها فإن الورم حميد ولا خوف منه ولا حوجة لعمل عملية لإزالته.. { حينها زال الكابوس ووزعنا الحلوى وزال كابوس قد أرقني كثيراً.. تجاوزته بفضل الله ثم بمعاونة الزملاء الذين غمروا والدتي برعايتهم وعنايتهم.. { أنها الأم التي يعز مصابها على فلذات أكبادها.. ولا يقوون على النظر إلى معاناتها.. نسأل الله العافية لكل الأمهات.. ودمتم سالمين