لكن، من بين كل الموضوعات التي يمكن أن تكون خطاً ساخناً بلونه الأحمر في الصحف الصفراء، وغيرها، وحده هو موضوع برنامج (أغاني وأغاني) من يؤيد نظرية القنبلة - كأغنية وخبر وسلاح! - فالمقولات الداعمة أو المناوئة له، وأمنيات الفنانين بشهيتها المفتوحة، لتناول طبق رمضاني بصحبة سيّد الونسة والفرفشة الأستاذ (السر قدور) واجتهادات العلماء بفتاواهم الواضحة، حول مجون ضحكاته (قدور) وانصرافية موضوعه - عن العبادة في رمضان - ورغبة البنات في رؤية لبسة الفنانة فلانة، وحرقة الشباب في حظ الفنان فلان، كلها تجعله وحده برنامجاً ذا لائحة مختلفة من السياسات وحتى ضبط زاوية الكاميرات! كل مرة، تنهض ذات الفكرة مجدداً حول مدى شرعية البرنامج الرمضانية، من إنزاله عقب الإفطار، وهو وقت ذروة للعبادة والإذاعة والترويج، أم تركه سهرة لا تختلف قائمتها التدريجية عن الزمن السابق! وبذات الملامح، لم يتصالح معظم الفقهاء حتى الآن، مع فكرة برنامج مستمرة، هي ذات نفسها فقدت طعمها الطروب والمختلف بتكرارها كل عام بلا تطوير متجدد.. اللّهم إلا ما قرأناه العام الماضي، أن السيد الرئيس شخصياً يتابع حلقاته - ممكن برضو- لذا لم يجدوا بدّاً من الجهر مرة أخرى بأصل الخلاف، الذي لا خلاف فيه، بأن البرنامج انصرافي. إن تصريف شؤون التلفاز من برامج وتصوير وإضاءة وإخراج، أمره عجب! ويتوقف تمام الوقوف حالما قلّت قراءات مقياس درجة حرارة المشاهدة من وطأة الضغط على تحميل القمر الصناعي (الشايل قناتك). والمراهنة على اسم شخص أو عنوان برنامج لاقى نجاحاً باهراً ذات مساء، ينبغي أن تؤسس له (العواميد) الداعمة من الإعداد وحتى أصغر تفصيلة من درجات الألوان، ومساحة الأغنيات ولا شك مدى ضرورة فوضى الضحكات! لذا فإن مراهنة قناة (النيل الأزرق) على (أغاني وأغاني) كبئر بترول تضخ عبر أنابيب المتعة للمشاهد طرباً وتمنياً، وللقناة ذهباً وقمحاً ومستوى اجتماعياً، بين بقية القنوات المحلية يمكن لهذا أن ينفصل، عقب استفتاء، الضرورات والمحظورات في قوائم الجمهورية الجديدة. خاصة وأن الضغط على القمر الصناعي للعلماء يحمل أعلى الترددات ولو كانوا مختلفين. إن الاختلاف، أصل الحياة - يمين ويسار، شمال وجنوب، فوق وتحت ...إلخ - شريطة أن يكون بفهم ومنطق يحترم حدود العقل والممكن والحالي، و(أغاني وأغاني) أصبح أحادي القطب شاءوا أم تمترسوا خلف نجاحاته السابقة، إذ أنه لم يعد جاذباً كما تراص حوله الناس ذات مساء رمضاني. فهم قللّوا جداً من فكرته حالما توصلوا للاستثمار المربح في الإعلانات المنتشرة على السمّاعات واللوحات المضيئة. لكن الفتوى ضده تكرّس له أكثر من أن توقف لائحة وجوده في برمجة رمضان المقبل، بإذن الله. وتمنحه مساحة أكبر بكثير جداً مما هو عليه وتجعل - كمثل أمري هذا - الناس ينصرفون للحديث حوله ولمشاهدته، أو يفكرون لماذا هو بالذات دون برامج أخرى لا تختلف عنه كثيراً، وتعطيهم فرصة مواتية لتقليب أزرار الريموت للبحث عن البرنامج الذي تحدث عنه علماء السودان بقدرهم الجليل وعلمهم الذي تشهد له مجامع الدول الأفريقية والعربية على السواء، ويمنحه صكاً استثمارياً آخر من حيث الدعاية المضادة، ولأن الممنوع مرغوب، منذ بدء الخليقة، سيشاهده الناس أجمعون. جميعنا حكومة وشعباً نحترم بكل محبة وتقدير، قامة وهامة علمائنا الأجلاء ووقفاتهم الباهرة منذ الاستقلال القديم في تسكين الإيمان وزرع الطمأنينة في النفوس الأمّارة بالسوء، وتوضيح ما عجزت القلوب التي لا تعقل عن فهمه، لهذا نريدهم أن يكونوا وزارة خارجية تديرعلاقاتنا مع الموضوعات الخارجة عن استيعابنا البسيط بشكل أنيق وذي أولويات.. ووزارة داخلية تضبط علاقاتنا الإنسانية بما يلزمنا به ديننا الحنيف، بدءاً من إفشاء السلام وعدم الفظاظة التي فضت الناس عنّا. نريدهم أن يفتوننا في رؤيا حالنا هذا، من انتشار للأيدز وانتهاكات عروض واغتصابات أطفال وزنا محارم وقتل الأقربين وفساد حكّام وفتن طوائف و... قالوا احتمال تنفجر!