طمأنات دفع بها المبعوث الأمريكي الخاص للسودان برنستون ليمان صوب الخرطوم أواخر ديسمبر الماضي مفادها «أن انتقال حالة الربيع العربي الراهنة إلى السودان ليس من أجندة الادارة الأمريكية»، وأردف: «لا نريد اسقاط النظام ولا تغييره بل نريد اصلاحه باجراءات دستورية ديمقراطية»، تلك التصريحات زادت من حالة الاحباط الذي يعانيه تجمع «أنقذوا دارفور» الذي ظل مؤسسوه منذ نشأته يطالبون باسقاط نظام الحكم في السودان عبر توظيف الحملات الاعلامية ضد الخرطوم وعبر الدعم العلني للحركات المتمردة في اقليم دارفور المضطرب. فقد سبق وأن عانى تجمع «أنقذوا دارفور»Save Darfor من احباطات كبيرة حسب مجلة «نيويورك تايمز» بسبب التوجهات الجديدة لإدارة الرئيس أوباما بعد ما وجهت استراتيجيتها إلى تفضيل الحلول السياسية للأزمات مقابل سياسات التصعيد والعقوبات.. حالة الاحباط التي انتابت انقذوا دارفور عبر عنها الكاتب «نيوكلاس كريستوف» أحد الذين ظلوا يتحدثون عن قضية دارفور.. { منذ أن دخل «سكوت غريشن» المبعوث الأمريكي الخاص السابق لدى السودان على الرئيس «أوباما» في مكتبه البيضاوي حاملاً ذاك التقرير والابتسامة تعلو وجهه فإن «الفال» لم يصبح خيراً لدى تجمع «أنقذوا دارفور، فالرجل أكد حينها وجود علامات ايجابية يمكن أن تفضي إلى حلول سياسية في الاقليم». { «نيكولاس كرستوف» الذي انتقد في مقاله بصحيفة نيويورك تايمز تجاهل «أوباما» للمنظمة في مقال تحت عنوان: «أنقذوا دارفور أم أنقذوا السودان» سبق وأن شن هجوماً شديداً على الإدارة الأمريكية في عهد «بوش» الابن ومارس مع المسؤولين الأمريكيين ضغوطاً مكثفة بهدف الاعتراف بالابادة الجماعية في دارفور - حسب زعم الصحيفة - وذات الضغوط مارستها صحيفة الواشنطن بوست التي يحررها الفريد هيات.. ويرى مراقبون أن تلك الضغوط دفعت بالإدارة الأمريكية في خضم انتخابات سبتمبر 2004م على لسان وزير خارجيتها كولن باول للادلاء بشهادة أمام لجنة الشؤون الخارجية بمجلس الشيوخ أن ما يحدث في دارفور هو إبادة جماعية. واختار حينها حلف أنقذوا دارفور - الذي يضم ما يفوق (180) منظمة حقوقية ودينية ويهودية - أن يدشن حملته الخاصة بدارفور تزامنا ًمع مرور «55» عاماً على التصديق على ميثاق الأممالمتحدة الخاص بالإبادة الجماعية، وحينها كان سقف مطالب التنظيم مرتفعاً للغاية إذ طالبت الرئيس الأمريكي «جورج بوش» بدعم نشر قوات دولية في الاقليم بعدما سلمته مليون بطاقة تطالب بذلك. { «هيلاري كلينتون» وزيرة الخارجية الأمريكية لم تكن في ذلك الوقت بعيدة عن تلك الحملة المنظمة، فقد وقعت هي الأخرى البطاقة المليونية في يونيو من العام 2006م بجانب السيناتور الجمهوري بيل فرست وكان في ذلك الوقت يمثل زعيم الأغلبية في مجلس الشيوخ. إحباطات متتالية تجاهل أوباما سبب احباطاً لدى «أنقذوا دارفور» بصورة لم يعهدها مؤسسو هذا التنظيم، فمنذ تنظيمهم لأول ندوة حاشدة في معهد الهولوكست في بوسطن في فبراير عام 2004م تحت عنوان «حريق غرب السودان» والأمور لديهم كانت تسير على ما يرام وحسب ما يبتغون.. وتحدث في تلك الندوة حول حالة الطوارئ في دارفور كل من «أدوتي اكوي» الذي يعمل في منظمة العفو الدولية و«جون غاست» الذي كان يشغل مدير برنامج افريقيا بمجموعة الأزمات الدولية و«جميرا رونه» الناشطة في مجال حقوق الانسان في منظمة (هيومن رايتس ووتش).. وأوصت الندوة حينها بضرورة الإبقاء على قضية دارفور حية على السطح ومحاولة جعلها جزءاً من اهتمامات المجتمع الدولي بالاضافة إلى مشروع لدعم حركات دارفور التي تحمل السلاح. { معهد جاكوب بلوشتين هو الآخر كان داخل دائرة اللعبة، فقد نظم منتصف العام 2005م ندوة تحت عنوان «لابد من وقف الابادة الجماعية في دارفور» وشن مقدم الورقة «الينسون كوهين» هجوماً عنيفاً على الخرطوم وقال: «إذا لم يتدخل المجتمع الدولي بشكل حازم فإن الوضع سوف يزداد سوءاً». فندق دارفور في أغسطس من العام 2005م نظمت اللجنة اليهودية الأمريكية بواشنطن بالتعاون مع اتحاد ترقية الملونين حشداً ضخماً بنادي الصحافة الوطنية أوضحت فيها أن بطل فيلم «فندق رواندا» سيخاطب حشد الملونين تحت عنوان «اتخذوا خطوات في دارفور».. وكانت المجموعات اليهودية في تلك الفترة قد عمدت إلى استخدام زخم فيلم «فندق رواندا» للتذكير بالمذابح والابادة الجماعية في رواندا، وتم بالفعل استقطاب الممثل جون شارل عقب ترشيحه للأوسكار لقيادة حملة ضد ما أسموه الإبادة في دارفور وشرعوا في بذل جهود من أجل تصوير فيلم «فندق دارفور» على قرار «فندق رواندا» ورشح حينها الممثل جون شارل الذي قام بدوره بزيارة معسكرات اللاجئين في دولة تشاد في يناير من العام 2005م وأجرى مقابلات مع من اسماهم ضحايا الحرب في دارفور. { الخرطوم رسمياً أكدت أكثر من مرة أن تلك المنظمات تمارس أعمالاً استخباراتية واتهمت منظمات يهودية بالعمل على تفتيت السودان. { ويرى مراقبون أن تلك التحالفات ظلت تسعى جاهدة إلى تمويل وصرف أموال مقدرة من أجل توظيف الدعاية لصالحها من أجل تنفيذ أجندتها في اقليم دارفور. { الرئيس البشير أكد أثناء تدشين السلطة الانقالية باقليم دارفور أن تجمع «أنقذوا دارفور» يمارس الاتجار بقضية الاقليم.. بينما اتهمت جهات منظمة «أنقذوا دارفور» بتبديد أموال جمعتها لحشد الدعم والسند الدولي لقضية دارفور وأنها استغلت أموالاً جمعتها للدعاية التلفزيونية، وأشارت مصادر إلى أن المنظمة فقدت جل أموالها في البورصة بعد أن تلاعب من يديرها بشرائه لأسهم لا قيمة لها بودائعها.