الاقتراب من تصوير أحداث (الاختفاء القسري) للأطفال - هو التعريف المتعارف عليه دولياً - وهم المختطفون من قبل الحركات المتمردة لتجنيدهم لممارسة الحرب، يجعل كل عدسة - طبيعية أو صناعية - تطرف بدمعها من رؤية تفاصيل ما حدث! بدءاً من الخطف أو الترغيب وصولاً إلى العودة. إعادة حوالي مئتين وخمسين طفلاً لولاية شمال دارفور من قبل مفوضية إعادة الدمج (D.D.R) وبالتعاون والتفاوض مع مفوضية ولاية الخرطوم ووزارة الرعاية الاجتماعية ومجلس الطفولة، يشكل مجالاً جوياً مفتوحاً للفرح خاصة وأنه سيتبع ذلك إعداد مشاريع مصاحبة لتلك الإعادة وذاك الدمج؛ تتمثل في أكثر الضرورات الحياتية لمنطقتهم وأهلهم، هي مياه الشرب والصحة، عبر مضخات المياه وتدريب القابلات القانونيات ومتطوعي الهلال الأحمر والإسعافات الأولية. الأولوية الرئيسة لقضايا الأطفال في السودان تتضح في شكلها العام أنها ذات أبعاد إنسانية واجتماعية متعلقة بالأطفال المجندين في الحركات المسلحة أو المتمردة، وممتدة إلى فرحة أسرهم بالعودة لكنها لا تخلو في تفاصيلها من التشظي في شرايين السياسة إن كانت بشكل مباشر يخدم رسالتها ضد الحركات المتمردة ضد الحكومة، أو بطريق غير مباشر عبر الدعم الإنساني والاقتصادي من برامج الأممالمتحدة المختلفة المناهضة لاستخدام العنف ضد الأطفال خاصة إن كان مرتبطاً بالتجنيد! لكن تجنيد الآلة الإعلامية لخدمة تلك القضية بأبعادها المباشرة والخفية، يبدو في كافة أشكاله غريباً جداً حينما تراه مبثوثاً مجرد خبر خالٍ من دسم المادة الغنية إنسانياً المصاحبة له، ومقتصراً فقط في شكل تصريحات السادة المسؤولين وبضع لقطات جانبية لوجوه الأطفال وبعض أفراد المفوضية! وهو ما تؤمن عليه (د. عطيات مصطفى) رئيسة وحدة مكافحة العنف ضد المرأة والطفل في حديثها نهار الخميس الماضي في اللقاء المصاحب لتوقيع مذكرة التفاهم بين اتحاد الصحفيين والوحدة، إذ تناولت بكل شفافية التناول الإعلامي المخل لمثل تلك القضايا المهمة عبر وسائل الإعلام وهو ما أمن عليه وبشكل خاص على قضية الأطفال وزير الدولة بوزارة الرعاية الاجتماعية (إبراهيم آدم إبراهيم). تهشيم حجارة الصمت عن المسكوت في قضايا العنف ضد المرأة والطفل يصيب كثيراً من الجهات بتلك الشظايا الحارة وحادة، إن كانت عبر أحاديث مستزادة لأغراض أخرى أو عبر الجهل بالشيء- كما جاءت مداخلة حول حقوق الصورة للأطفال ضحايا الاغتصاب - لكنه كفعل يعتبر ضرورة ملّحة للتعريف عن القوانين الملزمة والحقوق الواجبة للمواطنين والدولة على السواء، كي ما يشكل عنصر حماية من الاختفاءات القسرية والاغتصابات والتحرشات والاستخدام ومختلف الانتهاكات الإنسانية التي يتعرض لها الأطفال في السودان. إدانة الفعل تبدأ بقلم يكتب أو يسجل، وعدسة تصوّر أو تنقل، وحنجرة تصرخ أو تطالب. وهذا ما سعى إليه الاتحاد العام للصحفيين السودانيين عبر أمانة المرأة برئاسة الزميلة (آمنة السيدح) لجعل احتفاله بيوم المرأة العالمي يأتي مباشراً بفعل تكتيكي لنشر ثقافة للصحفيين كقطاع معني وللمواطنين كأهلية تطبق وتطابق بين كافة الثقافات والقوانين بما يحميها ويقويها. فجاءت مذكرة التفاهم الموقعة متضمنة لأربعة محاور أو مهام يقوم أغلبها على التدريب في الدورات التدريبية وورش العمل والتوجيه لنشر الخبر وتناول الموضوعات. موضوعياً تمثل إعادة دمج الأطفال (الجوا عايدين) مكسباً اجتماعياً لمناطقهم بما يمثلونه من قوة داعمة للنسيج الاجتماعي باعتبارهم المستقبل. وجدلياً يمكن أن يكون الدمج مصدراً للقلق من حيث عدم وجود قدرة على التغذية النفسية والاجتماعية لأطفال تربوا لحين على ثقافة الحرب..!