عندما قمت بزيارة سد مروي لأول مرة؛ اندهشت جداً للعمل التنموي الكبير، والذي - كما قلت من قبل - سيحول إنسان الولاية إلى إنسان ثان، وكذلك الشمالية والسودان بصفة عامة. وبعد تجوالنا في السد والمدينة السكنية؛ كانت هناك مفاجأة كبرى أعدت لنا، وهي الفيلم الوثائقي الذي يحكي عن مروي قبل وبعد السد، هذا الفيلم جسّد شكل المدينة قبل قيام السد، كما أعطى نماذج للمدينة وهي تستقبل إنشاءه. الفيلم كان بعنوان (قبل وبعد)، حتى ربطته في نفسي مع «قبل وبعد التجميل» في إشارة إلى العمليات التجميلية التي تجرى لعدد من الأشخاص، إذ يحرص أصحاب العمليات على إبراز صورة جميلة وهم يعلنون لمؤسسات التجميل وذلك بأن يعرضوا صورة تحكي عن الشكل قبل إجراء عملية التجميل وصورة أخرى «آخر حلاوة» تحكي عن الشكل بعد العملية، لذلك «قمت» بربط هذا الفيلم بهذا النوع من العمليات التي تجرى من أجل التجميل، فسدّ مروي حوّل المدينة، بل والشمالية، إلى واحة خضراء، أقول هذا وأنا أتذكر ما قالوه لنا في أول زيارة لي إلى مروي، عن تلك «المرأة» ولا أذكر من أي الدول جاءت «المهم، على ما يبدو أنها ذات اهتمام كبير بمجال السدود والجنادل»، قالت: سمعت منذ وقت بعيد جداً بقيام سد مروي، وكذلك سمعت «بالقيامة»، ولكن حتى الآن لم أر السد، وكذلك لم أر القيامة. الآن نقول لهذه «المرأة» ذات الاهتمام بالسدود: تعالي لتشاهدي بأم عينيك التحول الذي حدث. كما نقول لها إن القيامة قائمة لا محالة، ونذكرك بقول الله تعالى في سورة الواقعة «إِذَا وَقَعَتِ الْوَاقِعَةُ * لَيْسَ لِوَقْعَتِهَا كَاذِبَةٌ* خَافِضَةٌ رَافِعَةٌ * إِذَا رُجَّتِ الْأَرْضُ رَجًّا * وَبُسَّتِ الْجِبَالُ بَسًّا * فَكَانَتْ هَبَاءً مُنْبَثًّا * وَكُنْتُمْ أَزْوَاجًا ثَلَاثَةً * فَأَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ مَا أَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ* وَأَصْحَابُ الْمَشْأَمَةِ مَا أَصْحَابُ الْمَشْأَمَةِ» صدق الله العظيم. ونقول لها كذلك إن الله أقسم بيوم القيامة في سورة القيامة، قال تعالى «لَا أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيَامَةِ* وَلَا أُقْسِمُ بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ» صدق الله العظيم. وبما أنني من المؤمنين جداً بالواقعة، والمعارج، ويوم القيامة، واليوم الآخر، والحساب، ويوم الحشر، والموت؛ فلا أقف كثيراً عند مهازل الذين يتحدثون عن يوم القيامة ويشككون في قيامها. وبما أن الحديث كان عن السد والتشكيك في قيامه؛ فقد كنت من المشككين جداً في قيام مشروع سندس الزراعي، وقد زرته مراراً وتكراراً، وفي خلال زياراتي المتكررة لم أكن أشاهد شيئاً غير الآليات والحفريات، ولم أهتم كثيراً بالتصريحات التي تصدر بين الحين والآخر حول الدعوة للاستثمار في المشروع، وزيارات الإدارة التنفيذية، ولقاءاتها مع المغتربين من أجل الاسثمار في المشروع، والذي يقع في ثلاث ولايات: «الخرطوم- النيل الأبيض، والجزيرة»، فالمهندس الصافي جعفر بذل جهداً كبيراً من أجل النهوض بالمشروع وقيامه. وبالأمس شاهدت القمح مزروعاً بالمشروع، وكذلك زهرة الشمس، ولم أصدق عيني وأنا أرى شجيرات القمح تحركها الرياح يمنة ويسرة، وكذلك زهرة الشمس، والتي تتحرك مع الشمس لتعلن ميلاد يوم جديد لسندس وهو يزرع الآن أفدنة بانتظار الحصاد في أبريل القادم. نائب رئيس الجمهورية علي عثمان محمد طه كان حاضراً، وكذلك والي ولاية الخرطوم د. عبد الرحمن الخضر، وبروفيسور أحمد علي قنيف، مستشار النهضة الزراعية. نتمنى بعد أن قام سندس؛ ألا تتوقف مسيرته الزراعية وألا يقف التمويل عائقاً أمامه، كما نتمنى منذ الآن أن يتم تحديد تركيبته المحصولية، سواء أكانت من العروة الصيفية، أم الشتوية، وأن يحتفل كل السودان بأول إنتاج من سندس في احتفال كبير يشهده كل المساهمين والمستثمرين، بالإضافة إلى المشككين في أمر قيامه. كنا أيضاً نتمنى أن تتم زراعة عينات ذات إنتاجية عالية من القمح، وعينات معروفة بكفاءتها؛ حتى ننافس القمح الأسترالي، ونغذي المطاحن بهذه العينات؛ فيا صافي جعفر، أنت معروف بصوفيتك وأريحيتك الدينية، فعليك أن تملأ سندس خضرة وجمالاً وإنتاجاً وفيراً لتنتقل إلى الإستبرق؛ حتى تكتمل الصورة: «سندسٌ وإستبرق». وأخيراً نقول: «أفرأيتم ما تحرثون أأنتم تزرعونه أم نحن الزارعون» صدق الله العظيم.