الرئيس المنتخب، المشير عمر حسن أحمد البشير، رجل له قلب جريء، ولكنه كما عرفناه، منذ أيام الطلبة، هذا القلب يحمل طيبة وعفوية وصدقاً لو قسمت دون مبالغة على أهل السودان لكانوا أطيب الناس وأصدق الناس، السودانيون كذلك فيهم نبل يكفي العالم كله لأن يكون من النبلاء، أصحاب السير والمقامات، والسودانيون بطبعهم عفويون إلى درجة قبول كل من جاءهم زائراً، لا يسألون فيم أقبل، ولا ماذا يريد، ولكن الرئيس البشير يزيد على ذلك أنه يسعى إلى الناس ولا يجعل الناس يسعون إليه، ويحب الناس، دون تفرقة، ومع ذلك نجد أن بعض الناس ممن طبعهم العداوات والعمل على تفرقة الجمع، والغش والتدليس، يعادون البشير، وأشهر أعدائه ثلاثة، هم الحسل والفسل والمأفون، دون سبب جناه إلا أنه قاد ثورة الإنقاذ الوطني لأن تصبح أم الثورات في العالم العربي والعالم الإسلامي والأفريقي، وقدم نموذجاً للقيادة، يقوم على المجابهة دون تردد، والصدق حتى على النفس، وقبول الآخر دون أن تختفي من وجهه أروع ابتسامة عرفها العالم. ولهذا فإن البشير تجاوز القيادة العادية إلى الزعامة، التي تؤسس على كاريزما، لم يعرفها من زعماء العالم العربي والأفريقي والإسلامي إلا قلة قليلة جداً، لعل مثالها المُدرك هم عبد الناصر، ونكروما، ونايريري. وهناك زعامات أسست على الشرعية التاريخية، ثم انقلبت إلى شرعية ثورة دستورية تاريخية سياسية، مثل زعامة الشهيد الراحل الملك فيصل بن عبد العزيز وهي شرعية أقامها على جهاده من أجل المشروع الإسلامي العالمي، الذي أنتج لنا مؤسسات عالمية مثل رابطة العالم الإسلامي ثم منظمة المؤتمر الإسلامي ومؤسساتها التي ولدت مثل البنك الإسلامي للتنمية ومنظومة البنوك الإسلامية التجارية التي أسسها ابنه المجاهد محمد الفيصل. ولكن البشير تقوم الكاريزما التي أسس عليها زعامته على شرعية تاريخية، هي شرعية الحركة الإسلامية التي تضامنت مع القوة الإسلامية المتقدمة داخل القوات المسلحة، لتنطلق شرارة الإنقاذ الوطني على شرعية ثورية ظلت قرابة عقد من الزمن تبني للسلطة والوحدة، والمجاهدة في سبيل الوطن الواحد ولهذا لم يتردد البشير قبل الثورة في قيادة قواته في ميوم، ليعود بأروع انتصار في زمن كانت الهزيمة فيه هي الأصل!! ثم زاد عليها الشرعية السياسية بإقامة نظام المؤتمرات إضافة إلى الشرعية الاقتصادية التي بنيت على الاقتصاد الإسلامي والسياسة التنموية التي أرست لها الخطة العشرية، فكان أن جعلت السودان واحداً من أعلى الدول في العالم نسبة في النمو الاقتصادي بدرجة بلغت 13.6% على نصف الخطة العشرية واستقر بعد بدايات التحرير الاقتصادي على 9.4% ثم أخيراً على 8.2%. ولهذا فإن الشعب السوداني حينما توجه إلى صناديق الاقتراع وفي كل أنحاء السودان كان في ذهنه هذا الرجل الزعيم، الذي وقف كالطود الشامخ يعادي أمريكا، ولايعاديه هو إلا الأحلاس من البشر، ويتخطى عقبات الحصار الخارجي، حتى جاء الفسل «بالجنائية» فإذا بانتخابات 2010م التي قدمت الزعيم البشير تجعل (الفسل) بجنائيته يبكي حسرة وندامة!! وينطلق بالسودان ليكون حديث العالم ويقف العالم على أطراف أصابعه، بانتظار إعلان نتيجة انتخابات الزعيم البشير. ولما سجل الزعيم فوزه الكاسح، لم يجد المأفون من القول إلا أن يحاول التقليل من فوز أشاد به حتى بان كي مون ولا أظن أن بان كي مون يحب البشير، بل وتعلن ترويكا الغرب أمريكا وبريطانيا والنرويج قبولها بفوز البشير وإعلان النتائج. فوز كانت أبرز علاماته تأكيد زعامة الرئيس البشير، وعداوة الحسل والفسل والمأفون، الذي ذهب إلى درك سحيق دون أن يسجله كتاب السودان في تاريخه.