{ لا أملك إلا أن أنحني احتراماً وإجلالاً للتجربة الرائدة التي ابتدرتها الأستاذة «مريم حسن عمر» من أجل التمكين لفكرة صناعة القادة والعلماء لبلادنا، فالإنجاز الذي حققته مدارس الموهبة والتميز في عمرها القصير بحساب الزمن، الطويل بحساب النجاح؛ يستحق التقدير والتصفيق والمؤازرة. فالمشروع النبيل الذي ترعاه حكومة السودان رعاية شاملة، يقوم أساساً على مبدأ رعاية الأطفال أصحاب القدرات العالية، والمواهب الملحوظة، وتوفير كافة المعينات اللازمة لتهيئة بيئة دراسية صالحة لهم، بما يتوافق وخصوصيتهم، وما نرجوه منهم يوماً. { والفكرة في الأساس؛ فكرة عالمية طبقتها العديد من الدول، منها على سبيل المثال «الأردن فلسطينالولاياتالمتحدة الخليج العربي إسرائيل»، وبدأ تنفيذها في السودان منذ عام 2005م، لهذا تعتبر الدفعة التي جلست لامتحان شهادة الأساس لهذا العام، هي أول دفعة تجلس لهذا الامتحان من مدارس الموهبة والتميز، وكانت نسبة النجاح والحمد لله 100% وبلغ أعلى مجموع (277)، بينما كان أقل مجموع (251)، علماً بأن الدفعة تضم حوالي 136 طالباً، شارك 10 منهم في المركز الأول، وأحرزت المدرسة أعلى نسبة تحصيل بالخرطوم. { تستوعب المدرسة عملياً الطلاب من عمر 6 - 9 سنوات، أو من الصف الثالث أساس، إذ يُفترض أنهم أكملوا رسم الملامح الأخيرة لموهبتهم الخاصة، ومجالات تميزهم، ويتم اختيار الطلاب بواسطة المحلية، أو المدرسة، باتفاق مع الوزارة ومدارس الموهبة والتميز، أو بواسطة ولي الأمر مباشرة، بحيث يقوم الأخير بسحب استمارة المدرسة، ويقدمها، ثم يخضع الطالب لامتحانات متعددة، منها امتحان القدرات، واللغة العربية، والرياضيات، ويتم تقييم امتحانه المدرسي بواسطة خبراء من أجل معرفة مدى تحصيله العلمي، والاستعداد الذهني، غير أن التفوق الأكاديمي في المواد وحده لا يكفي، ويجب أن يتكامل مع تميز الطالب في مجالات أخرى تؤهله للانضمام للمدارس التي تعمل على تنمية قدراته وتهيئته ليكون ذا شأن وذا فراسة وذا نبوغ. { ويعتبر اليوم الدراسي لطلاب مدارس الموهبة والتميز أطول من المعتاد، إذ يبدأون في تلقي مواد إضافية مثل الحاسوب والرياضة البدنية واستخدام المكتبة المدرسية وتنمية مهارات التفكير والقيادة وحل الأزمات والتعامل الإلكتروني، إضافة للحرص التام على تأدية الشعائر الدينية كما يجب، وغرس الشجاعة الأدبية، ورورح التفوق والعطاء. كما أن المدرسة توفر باحثاً اجتماعياً للطلاب على دراية تامة بكافة أوضاعهم الاجتماعية، وفي اتصال دائم مع الأسرة. { كل هذه الميزات المبهرة والعالمية، برسوم رمزية تكاد تكون مجانية، وبرعاية شخصية من رئاسة الجمهورية، وبإشراف الأستاذة الجليلة التي تعتبر رقماً يصعب تجاوزه في مجالات التربية والتعليم والابتكار، الأستاذة «مريم حسن عمر»، التي حرصت على أن يضم المنهج الدراسي رحلات ترفيهية وعلمية، للوقوف على معالم السودان التاريخية، في محاولة جادة لخلق جيل جديد مشبع بالوطنية، والانتماء، اللذين نعاني الآن الأمرين من انعدامهما لدى العديد من الشباب، وتضمنت السنة الدراسية المنصرمة رحلة إلى «سد مروي» للوقوف على حجم الإنجاز والإعجاز، وأحسب أنها فكرة ذكية تركت أثراً بالغاً ومبهراً في نفوس الطلاب الذين يتمتعون بقدر فائق من اللباقة والثقافة والحصافة والفصاحة، رأيته بأم عيني متمثلاً في الصغيرة «رهف» ابنة الزميلة المتميزة «سهير عبد الرحيم»، التي كنت أحسب أن ذكاءها ومنطقها العالي صفة موروثة من والدتها الإعلامية الرياضية، والإدارية الناجحة، حتى حدثتني «سهير» عن مدارس الموهبة والتميز التي التحقت بها «رهف» مؤخراً، بإسهاب؛ فملكتني المعلومة كما يجب، وأتاحت لي فرصة التواصل المباشر مع الأستاذة المتعاونة والمتمكنة «محاسن» مديرة مدرسة عبدون حمدان للموهبة والتميز، الكائنة جوار تقاطع شارع (41) العمارات، التي ما توانت عن تعريفي بنشاطات المدرسة وإنجازاتها التي أحسب أنني لم أوفها حقها كما يجب، غير أنني أؤكد أن للحديث عن مدارس الموهبة والتميز بقية، حتى يتحول هذا المشروع التعليمي النموذجي إلى مشروع شامل، يضم جميع المدارس الحكومية لمرحلة الأساس، علماً بأنه حتى الآن يقتصر على ثلاث مدارس هي مدرسة البروف المحجوب عبيد بأم درمان، ومدرسة الشهيد محمد فؤاد ببحري، ومدرسة عبدون إحمد بالخرطوم، والبقية تأتي. { تلويح: هنيئاً لهذا الوطن العزيز، بهذا الجيل الرائد من قيادات الموهبة والتميز.