بحضور لفيف من المهتمين والعاملين في مجال التراث والفلكور السوداني عقد المجلس الأعلى لتطوير وترقية اللغات القومية ورشة عمل استمرت في الفترة من 14-15 الجاري بحضور ممثل رئاسة الجمهورية «راعي المجلس» والبروفيسور ابراهيم يحى وبروفيسور الأمين أبو منقة الأمين العام للمجلس وممثلين لكلية التراث بدنقلا ومركز مالك عقار الثقافي وقسم اللغات بجامعة البحر الأحمر ومركز توثيق دراسات البجة وممثل وزارة الثقافة والإعلام الاتحادية عن مركز تسجيل وتوثيق الحياة السودانية. وابتدر جلسة افتتاح أعمال الورشة بروفيسور الأمين أبو منقة الذي أوضح أن المجلس بدأ نشاطه بعد قرار تكوينه في 2007م إنفاذاً لأحد بنود اتفاقية السلام في ما يخص اللغة، وأن هدف المجلس إيجاد خارطة لغوية للمجموعات التي تشكل السودان إثنياً وتدوين اللغات المهددة بالانقراض لحفظها كجزء من تراث المجتمع السوداني، إضافة لتطوير اللغات المحلية المتداولة وتدوينها وإفساح المجال للأجيال القادمة للإفادة منها. كما أشار إلى أن الدساتير تمنح الولايات حق اختيار لغة محلية للتعليم في حال اختيارها من قبل المجتمع المحلي. وقدم «أبو منقة» الورقة الأولى حول اللغات واللهجات المحلية موضحاً الفرق، وذكر أنه حسب الاحصائيات الأخيرة فإن هناك حوالي مئة لغة محلية متداولة في السودان، واقترح وضع معايير صرف لغوي لتحديد هذه اللغات، مع استبعاد المعيار اللغوي الاجتماعي، موضحاً أن السودان من أكثر مناطق العالم تعقيداً من حيث تداخل اللغات التي تشكل ثلاثة مجاميع لغوية هي المتداولة في افريقيا قاطبة عدا «الكويساتية»، وتسود اللغات النوبية النيلية، الدارفورية، العربية، البجاوية ولغة الهوسا، مع ملاحظة عدم التكافؤ في التوزيع الجغرافي لهذه اللغات. { وسط السودان .. مقبرة اللغات المحلية أجمع المتحدثون بدايةً بمقدم الورقة بروفيسور «أبو منقة»، أن وسط السودان يعد بامتياز مقبرة حقيقية للغات المحلية، حيث يلجأ القادمون إليه من أطراف السودان إلى التخلي عن لغاتهم المحلية - عدا في نطاق قبلي - لصالح العربية والعامية السودانية التي يحملونها في رحلة العودة إلى الجذور، مع ملاحظة احتفاظ سكان العشوائيات حسب الاحصائيات بلغاتهم الأم في تعاملاتهم اليومية، إذ تلعب اللغة المحلية في منطقة «مايو» مثلاً جنوبالخرطوم دوراً هاماً في المحاكم الشعبية والرسمية ومجالس الصلح.. تعجز «العربية» عن القيام به. المتحدثون وعلى رأسهم بروفيسور محمد المهدي بشرى وبروف عثمان محمد صالح ود. أونور وغيرهم اتفقوا في عدة محاور على ضرورة إحياء دور مراكز اللغات الموجودة حالياً ودعم نشاطها وأن الاهتمام باللغات المحلية ضرورة لترسيخ الوحدة، مع وضع خطط واضحة لكيفية جمع وتدوين هذه اللغات. وأشار د. أونور إلى ضرورة تخصيص كرسي بحثي للبجاوية كلغة رئيسية في الشرق باختلاف لهجاتها، وأشار لوجود روابط تاريخية للغات السودانية المحلية .