البرهان يعلن تضامن السودان الكامل مع قطر    بدء إجراءات سفر الطلاب السودانيين بعد اعتماد التأشيرات بالقاهرة    موقع فرنسي يكذب الجيش السوداني بشأن حلايب وشلاتين    أمير قطر: إذا كانت إسرائيل تريد اغتيال القيادة السياسية ل"حماس" فلماذا تفاوضهم؟    سبب استقدام الشاب أموريوم لتدريب اليونايتد هو نتائجه المذهلة مع سبورتنغ لشبونة    الشرطة تضع حداً لعصابة النشل والخطف بصينية جسر الحلفايا    شاهد بالصور.. زواج فتاة "سودانية" من شاب "بنغالي" يشعل مواقع التواصل وإحدى المتابعات تكشف تفاصيل هامة عن العريس: (اخصائي مهن طبية ويملك جنسية إحدى الدول الأوروبية والعروس سليلة أعرق الأسر)    شاب سوداني يستشير: (والدي يريد الزواج من والدة زوجتي صاحبة ال 40 عام وأنا ما عاوز لخبطة في النسب يعني إبنه يكون أخوي وأخ زوجتي ماذا أفعل؟)    أمير قطر: بلادي تعرضت لهجوم غادر.. وعازمون على مواجهة عدوان إسرائيل    السودان يستعيد عضوية المكتب التنفيذي للاتحاد العربي لكرة القدم    السيتي يتجاوز يونايتد في الديربي    الهلال على موعد مع التاريخ في نهائي سيكافا أمام سينغيدا بلاك استارز التنزاني    سِيكَافا وفَن التّزحلق عَلَى الحَنِين    السودان يردّ على عقوبات الخزانة الأمريكية    ركابي حسن يعقوب يكتب: ماذا يعني تنصيب حميدتي رئيساً للحكومة الموازية؟    شاهد بالفيديو.. الناشطة المثيرة للجدل "زارا" التي وقع الفنان شريف الفحيل في غرامها تعترف بحبها الشديد للمال وتصدم المطرب: (أرغب في الزواج من رجل يملك أكثر من مليون دولار)    شاهد.. "جدية" الإعلام السوداني تنشر صورة لها مع زوجها الشاعر وتستعين بأبيات من الغزل نظمها في حقها: (لا شمسين قدر نورك ولا الاقمار معاها كمان)    شاهد بالصورة والفيديو.. بضحكة مثيرة جداً وعبارة "أبشرك اللوري مافي زول سائقه مركون ليهو زمن".. سيدة سودانية تثير ضجة واسعة بردها على متابع تغزل في جسدها: (التحية لسائق اللوري حظو والله)    شاهد بالفيديو.. الفنان شريف الفحيل يفتح النار على المطربة إيمان الشريف: (المجهود البتعملي عشان تطبلي لطرف تاني قدميه لزوجك لأنك مقصرة معه ولا تعطيه إهتمام)    شاهد.. "جدية" الإعلام السوداني تنشر صورة لها مع زوجها الشاعر وتستعين بأبيات من الغزل نظمها في حقها: (لا شمسين قدر نورك ولا الاقمار معاها كمان)    شاهد بالصورة والفيديو.. بضحكة مثيرة جداً وعبارة "أبشرك اللوري مافي زول سائقه مركون ليهو زمن".. سيدة سودانية تثير ضجة واسعة بردها على متابع تغزل في جسدها: (التحية لسائق اللوري حظو والله)    محمد صلاح يضرب شباك بيرنلى ويُحلق ب"ليفربول" على قمة البريميرليج    إنت ليه بتشرب سجاير؟! والله يا عمو بدخن مجاملة لأصحابي ديل!    لامين يامال: هكذا سأحتفل إذا فزت بالكرة الذهبية    مصر تسجل مستوى دخل قياسيا في الدولار    وزير الداخلية يترأس إجتماع لجنة ضبط الأمن وفرض هيبة الدولة ولاية الخرطوم    وزير الداخلية يترأس إجتماع لجنة ضبط الأمن وفرض هيبة الدولة ولاية الخرطوم    عودة السياحة النيلية بالخرطوم    ترامب يلوح بفرض عقوبات كبيرة على روسيا    في أزمنة الحرب.. "زولو" فنان يلتزم بالغناء للسلام والمحبة    إيد على إيد تجدع من النيل    أرميكا علي حافة الهاوية    انتقادات عربية وأممية.. مجلس الأمن يدين الضربات في قطر    وزارة الزراعة والثروة الحيوانية والري بالخرطوم تبحث إعادة إعمار وتطوير قطاع الألبان    شاهد بالصورة والفيديو.. عروس سودانية ترفض "رش" عريسها بالحليب رغم إقدامه على الخطوة وتعاتبه والجمهور يعلق: (يرشونا بالنووي نحنا)    حسين خوجلي يكتب: الأمة العربية بين وزن الفارس ووزن الفأر..!    ضياء الدين بلال يكتب: (معليش.. اكتشاف متأخر)!    في الجزيرة نزرع أسفنا    أعلنت إحياء حفل لها بالمجان.. الفنانة ميادة قمر الدين ترد الجميل والوفاء لصديقتها بالمدرسة كانت تقسم معها "سندوتش الفطور" عندما كانت الحياة غير ميسرة لها    من هم قادة حماس الذين استهدفتهم إسرائيل في الدوحة؟    مباحث شرطة القضارف تسترد مصوغات ذهبية مسروقة تقدر قيمتها ب (69) مليون جنيه    في عملية نوعية.. مقتل قائد الأمن العسكري و 6 ضباط آخرين وعشرات الجنود    نجاة وفد الحركة بالدوحة من محاولة اغتيال إسرائيلية    ديب ميتالز .. الجارحى ليس شريكا    الخرطوم: سعر جنوني لجالون الوقود    السجن المؤبّد لمتهم تعاون مع الميليشيا في تجاريًا    وصية النبي عند خسوف القمر.. اتبع سنة سيدنا المصطفى    عثمان ميرغني يكتب: "اللعب مع الكبار"..    جنازة الخوف    حكاية من جامع الحارة    حسين خوجلي يكتب: حكاية من جامع الحارة    تخصيص مستشفى الأطفال أمدرمان كمركز عزل لعلاج حمى الضنك    مشكلة التساهل مع عمليات النهب المسلح في الخرطوم "نهب وليس 9 طويلة"    وسط حراسة مشددة.. التحقيق مع الإعلامية سارة خليفة بتهمة غسيل الأموال    نفسية وعصبية.. تعرف على أبرز أسباب صرير الأسنان عند النوم    حادث مأسوي بالإسكندرية.. غرق 6 فتيات وانقاذ 24 أخريات في شاطئ أبو تلات    بعد خطوة مثيرة لمركز طبي.."زلفو" يصدر بيانًا تحذيريًا لمرضى الكلى    الصحة: وفاة 3 أطفال بمستشفى البان جديد بعد تلقيهم جرعة تطعيم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



د.الشفيع خضر سعيد: السودان وفترة الانتقال الخامسة
نشر في رماة الحدق يوم 23 - 07 - 2019

أثار التوقيع على الاتفاق السياسي بين المجلس العسكري الانتقالي وقوى إعلان الحرية والتغيير، في السودان، ضجة واسعة جداً، أهمها الفرحة الكبرى التي استقبلت بها جموع الشعب السوداني الاتفاق، وهي تراه خطوة كبرى على طريق انتصار ثورتها السلمية وإقامة سلطتها المدنية، وتتطلع إلى استكماله سريعًا، بالتوافق على الإعلان الدستوري وبدء الفترة الانتقالية أملاً في طي صفحات الحرب والتخلف وليالي القهر، والشروع في وضع لبنات السودان الذي تحلم به. وتجلت الضجة أيضاً في ردود الأفعال الناقدة للاتفاق الصادرة من بعض الكيانات السياسية ومجموعات الحادبين والمهتمين والمشفقين، خاصة وسط القانونيين، التي لا ترفض جوهر الاتفاق السياسي، وإنما تبين ما تراه فيه من نواقص وثغرات قد تشكل مدخلاً ينفذ من خلاله المتربصون بثورة الشعب المجيدة لإجهاضها والانتكاس بها. ورغم قناعتي بأن الاتفاق السياسي الموقع عليه لا يشبه العقودات والاتفاقات القانونية الموقعة من الشركاء في المعاملات المختلفة، مثل تأسيس الشراكات أو في التجارة أو عقود العمل….الخ، ورغم قناعتي أيضًا بأن حامي وضامن الاتفاق السياسي ليس توقيعات أطرافه أو توقيعات الوسطاء والشهود، أفراداً أو منظمات دولية أو إقليمية، دون التقليل من الأهمية القانونية لهذه التوقيعات، وإن الضامن والحامي الأساسي هو جماهير الشعب التي تهدر في الشوارع، التي بيدها حماية الاتفاق وتطويره، أو تمزيقه وإبداله إن هو تناقض مع مطالبها وطموحاتها. رغم قناعتي بكل ذلك، فإن ما يثيره منتقدو الاتفاق يستوجب أخذه في الاعتبار لسد أي ثغرات فيه، ولتجويد صيغته النهائية. والضجة أثارتها أيضاً مجموعات المقاومة المسلحة التي رحبت بانتصار ثورة الشعب، وهي تعتبر نفسها مساهماً رئيسياً في جعل هذا الانتصار ممكناً عبر محاربتها للنظام البائد، مستخدمة آلية الكفاح المسلح. فالمجموعات المسلحة رأت في توقيع قوى إعلان الحرية والتغيير على الاتفاق دون علمها، وهي مكون أساسي من مكونات قوى الحرية والتغيير، وقبل انتظار مساهمتها التي يفترض أن تضمن في الاتفاق، رأت في ذلك فصلاً بين قضايا وقف الحرب والسلام وقضايا التحول الديمقراطي، في حين أن قوى إعلان الحرية والتغيير مجتمعة توافقت على علاج هذه القضايا في منبر واحد، وأن التوقيع يعطي انطباعاً باستمرار سياسات التهميش، ويأتي تعميقاً لتناقضات المركز والهامش. الجديد الجيد في الأمر أن قوى إعلان الحرية والتغيير، بشقيها المدني والمسلح، تنخرط الآن في اجتماعات ونقاشات مطولة، لم تنته حتى لحظة كتابة هذا المقال، لبحث هذا الأمر والعودة للجمع بين قضايا السلام والديمقراطية في المنبر الموحد، وتوفير الضمانات الضرورية لذلك، والمتمثلة في التقيد بأسس الشفافية والعلانية، وإرساء كل ما من شأنه أن يعزز ويقوي الثقة بين هذه المكونات، والتقيد بمشاركة المجموعات المسلحة في كل مراحل العملية السياسية، بما في ذلك التوافق على كل تفاصيل الفترة الانتقالية، برامج وهياكل وإجراءات وترتيبات.
منذ نيله الاستقلال، شهد السودان أربع فترات انتقال، والآن نحن على أعتاب الفترة الخامسة. أولى فترات الانتقال كانت عقب خروج المستعمر، وثلاث جئن عقب الإطاحة بالأنظمة الديكتاتورية، عبود والنميري والبشير، وأخرى بعد التوقيع على اتفاقية السلام الشامل بين حكومة البشير والحركة الشعبية لتحرير السودان. وكل فترات الانتقال هذه توصف بالحرجة؛ لأنها مليئة بمهام جسام وخطيرة، سوى تلك المهام المتعلقة بمعالجة التدهور ونتائج السياسات الخاطئة الموروثة من الحقبة السابقة للفترة الانتقالية، أو المهام المتعلقة بالبدء في تنفيذ القضايا المصيرية المؤجلة منذ حقبة الاستقلال، قضايا بناء الدولة الوطنية السودانية، وذلك عبر آلية المؤتمر الدستوري. إن واقع التعدد والتنوع الغني الذي يميز ويفخر به السودان، من حيث الأعراق والقوميات، والأديان وكريم المعتقدات، والثقافات واللغات والحضارات، ومستويات التطور الاقتصادي والاجتماعي…، هذا الواقع الثري كان له القدح المعلى في تشكيل وصياغة تلك المهام التأسيسية للدولة الوطنية السودانية المستقلة، والتي تشمل: 1- تأسيس شكل الحكم الملائم الذي يحقق اقتساماً عادلاً للسلطة بين مختلف المكونات القومية والجهوية في السودان، ويحقق ممارسة سياسية معافاة في ظل نظام ديمقراطي تعددي مدني. 2- توزيع الثروة وخطط التنمية بما يرفع الإجحاف والإهمال عن المناطق المهمشة، مع إعطاء أسبقية لمناطق التوتر العرقي والقومي والاجتماعي، وذلك في إطار المشروع الاقتصادي العلمي الذي يراعي عدم تدهور مواقع إنتاج الفائض الاقتصادي، في الأطراف، وعدم استنزاف مركز ومصدر الخبرة العلمية، في المركز. 3- تقنين التعدد الإثني والديني والثقافي، وحسم علاقة الدين بالدولة. إن تنفيذ هذه المهام هو المدخل لتحقيق حلم كسر الحلقة الشريرة بتجلياتها المعروفة، التي تعكس جوهراً واحداً، جوهر الأزمة السودانية المزمنة، حيث العجز والفشل، منذ فجر الاستقلال وحتى الآن، في التوافق على مشروع قومي لبناء الدولة السودانية. وكل فترات الانتقال الأربع السابقة اتسمت بالفشل الذريع في استكمال مهامها، فلم نبن دولة ما بعد الاستقلال الوطني، بل فرطنا في وحدتها بانفصال جنوبها وتأسيسه جمهورية جنوب السودان.
واليوم، ونحن ندشن فترة الانتقال الخامسة منذ استقلال السودان، يستوجب علينا جميعاً، القوى السياسية، المدنية والمسلحة، وقوى المجتمع المدني، التعامل معها باعتبارها مسألة مصيرية وأساسية تخاطب جوهر ما يمكن أن يحقق أملنا في بناء الدولة السودانية الحداثية والمستقرة، لا أن يتم الاكتفاء بقصر التدابير الانتقالية على مجرد التغيير السطحي والشكلي، وحصره في إعادة توزيع كراسي السلطة بين القوى التي كانت تعارض النظام البائد. فالنجاح في تنفيذ التدابير الانتقالية لا علاقة له بالمناصب والمحاصصات، وإنما يقاس بتنفيذ تلك المهام الجوهرية والمصيرية، والنجاح في تنفيذ هذه المهام يضمن الحفاظ على وحدة بلادنا والسير بها نحو مرافئ التقدم والرقي، بينما الفشل هو أساس الحرب الأهلية وتفتت الوطن. وأي مشروع للتغيير، كالذي تطمح إليه ثورة الشعب السوداني، لا يضع هذه الرؤية نصب عينية، سيظل مجرد وهم يحرث في البحر.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.