تنويه: ورد بزاوية «ضد الوهن» يوم الخميس عبارة: (زعيم تيار الصقور يتحوّل إلى حمامة ويطأ بقدميه «النجستين» الخرطوم «رغم وسخها» ليدعو زعيم «اللصوص والمجرمين لزيارة جوبا») ومن وقف على سياق الكلام فهم قصدي وما أردته إذ تزعم الحركة الشعبية أن الخرطوم «وسخة» وأنهم بالانفصال قد ارتاحوا من وسخ الخرطوم ومع ذلك من قال هذه العبارة يطأ بقدميه النجستين الخرطوم يبغي سلاماً وتعايشاً خلوباً ومن زعم أن البشير زعيم اللصوص والمجرمين وطالبه بتسليم نفسه إلى لاهاي يدعوه إلى زيارة جوبا هذا ما أردته وهو واضح وقد فهم البعض منها فهماً خاطئاً فوجب التنويه. مقالة اليوم رسالة إلى أولئك الذين أصابهم الرهق واليأس من حروب فرضت علينا فأرادوا أن يستريحوا ولو تحت شجرة العلمانية بله ودولة مشروع السودان الجديد. «لا قبل لنا بجالوت وجنوده» كانت عبارة ترددها النفوس المنهزمة في كل زمان وفي كل حين عندما يضعف اليقين بالله ويجلس المرء يحسب الأمر حسبة مادية محضة فينظر إلى عتاده وعتاد العدو، إلى تسليحه وتسليح العدو، إلى تقنيته وتقنية العدو، وإلى تخطيطه وتخطيط العدو، وإلى المتحالفين مع العدو وكيف يساندونه بالمعلومات وتمرير القرارات ثم يلتفت إلى من حوله من الأعراب الذين لا يحسنون غير ترديد مفردة الشجب والاستنكار والتظاهر حين تمضي المقارنة على هذا النحو فإن يأساً يدبُّ في صدور الذين يقرأون المشهد بهذه التقاطيع. إن الابتلاء والتمحيص سنة إلهية تستفيد منه الجماعة المسلمة والدولة المسلمة وإن تضرر منه بعض الأفراد بالسقوط ذلك لأن الابتلاء يذهب الزبد ويظهر أصحاب العزائم الخائرة أولئك الذين يعبدون الله على حرف وريب وشك «ومِنَ النَّاس مَنْ يعبد اللَّهَ على حرفٍ فإن أصابه خيرٌ اطمأن به وإن أصابته فتنة انقلب على وجهه خسر الدنيا والآخرة ذلك هو الخسران المبين». صنفان بين الناس: طبيعة الصراع بين الحق والباطل تحكي عنه آية في كتاب الله والآية تذكر عنه قواعد ثلاثة «ولايزالون يقاتلونكم حتى يردوكم عن دينكم إن استطاعوا». /1 حتمية الصراع بين الحق والباطل. /2 استمرارية الصراع بين الحق والباطل ولكنه يأخذ صوراً وأشكالاً مختلفة فتارة تكون وسائله سلمية وتارة تكون حربية لكنه التدافع على كل حال إما محاولة للاحتواء بالالتفاف والتفكيك السلمي، وإما بالمواجهة والتدمير عبر التدخل العسكري المباشر. وعندما تبتلى الأمة وتمتحن وتستهدف فإن الأمة تتمايز صفوفها في صنفين من الناس: 1/صنف من الناس عندما يحسب الأمور حسبة مادية بحتة حين ينظر إلى فوارق السقوط المادية يستقر في قلبه يقين بالهزيمة والضياع والهلاك فلا جدوى للمواجهة «فلما تراءى الجمعان قال أصحاب موسى إنا لمدركون» إنها النفسية الإنهزامية «إنا لمدركون» أبت نفوسهم المهتزة إلا أن تعبِّر عن ضعفها بأنها في غاية الإحباط واستقر في قلبها يقين بالهزيمة. وانقطع الطمع في النصر بل انقطاع الطمع في إمكانية المواجهة، هذا الصنف من الناس برز يوم الخندق «إذ جاءوكم من فوقكم ومن أسفل منكم وإذ زاغت الأبصار وبلغت القلوب الحناجر وتظنون بالله الظنون هنالك ابتلى المؤمنون وزلزلوا زلزالاً شديداً إذ يقول المنافقون والذين في قلوبهم مرض ما وعدنا الله ورسوله إلا غرورا». إن هذا الصنف من الناس تبرز رموزه عند كل فتنة تثبِّط الهمم وتضعف العزائم وتزرع الوهن وتسعى إلى تسليم الأمة للعدو بلا مقاومة ولا مدافعة إنها نظرية اختلال موازين القوى. وهذا الصنف يقابله نوع آخر من البشر 2/ صنف من الناس لأنه يقاتل دون دين الله وتحت راية العقيدة لأن أهداف الصراع عنده واضحة وملامحه بيِّنة حين تجري العقيدة في جسده مجرى الدم فمنها يصدر في مفاهيمه وقيمه ومشاعره ومواقفه عندما تبقى الصورة عنده على هذا النحو صراع بين الله والشيطان، بين خالق الكون والمفسدين في الأرض، عندئذ فليعيد المنبطحون والمورسكيون الجدد قراءة موازين القوى قراءة جديدة بعد استصحاب ذلك أن الله فقط هو الذي كان يجعل الآلاف من الشباب المسلم في العراق ينتظر دوره ليقود سيارة مفخخة يستهدف بها المحتل وربما يأتي دوره بعد بضعة أشهر أو سنة بينما كان الجندي الأمريكي يدفع ألف دولار لمن يقوم بتهريبه، كيف ترى المقارنة في المشهد بين من يشتري الموت ويطلبه وبين من يدفع من أجل الفرار والحياة أين موازين القوى هنا؟! إن الإيمان وحده هو الذي يجعل الأم المسلمة تودع ابنها وتزوده بنصائح قيِّمة ودرر من الحديث النبوي تطلب منه التقدُّم لا بطلب قطعة سكنية تضمه وزوجته في الدنيا ولكنه التقدُّم رغبة في بيت في الجنة يضمه والحور العين، إن الإيمان وحده هو الذي يجعل عمير بن الحمام يرى الحياة طويلة طويلة طويلة إن هو تأخر عن الالتحام بالعدو حتى يكمل تلك الثمرات. إنا الإيمان وحده هو الذي يجعل في تلك القلوب سكينة وفي تلك الأفئدة طمأنينة وفي تلك النفوس زهداً في الدنيا ورغبة فيما عند الله، لذا كان رد موسى عليه السلام على قومه «كلا إن معي ربي سيهدين» إماماً من أئمة الصف الثاني الذي ليس لمفردة الإحباط في معجمه موضعاً ولا تعرف مفردة اليأس إلى قلبه سبيلاً وقد اتخذ مقاعد في صفوف هؤلاء الرجال أولئك الأصحاب حين قالوا ودولة النبي عليه الصلاة والسلام تحاصر «ولما رأى المؤمنون الأحزاب قالوا هذا ما وعدنا الله ورسوله وصدق الله ورسوله وما زادهم إلا إيماناً وتسليماً» لقد اتخذ أولئك مقاعد في صفوف الواثقين والراسخين فمن منا يتخذ له مقعداً قبل أن يفوته القطار، قطار الشهداء والأبرار والبلاد على أبواب عرس جديد إنه عرس الشهادة ومواجهة قانون ومحاسبة السودان الأمريكي الذي بدأت تنزلاته بدعوة الغدر للمشير البشير إلى جوبا وبهجوم الغدر على هجليج وهذه قراءة ضد الوهن والإحن والانبطاحات.