أكيد ما زي السنة الفاتت.. الحالة أصعب مش كده؟ الناس ما قادرة تصدق يا رمضان إنو المسألة ما مسألة مواد تموينية وغلاء أسعار وبس!! أنت صاحب خبرة يا رمضان منذ مئات السنين.. في كل عام بتجينا بالحل لينا ولي غيرنا.. لكين كل واحد يا رمضان بشوف نفسو أنو هو ما السبب.. وما هو المعني ما هو ده الكاتلنا!! يا الشهر العظيم. حتى الميسورين يا رمضان.. ومن زماااان زي ما أنت عارف، وهم كثيرون ومنهم من عرف الحقيقة بعد فوات الأوان. قال عبد الملك بن مروان عند موته: لعمري لقد عمرت في الدهر برهة.. ودانت لي الدنيا بواقع البواتر فأضحى الذي قد كان مما يسرني.. كلمح مضى في المزمنات الغوابر فيا ليتني لم أغنِ بالملك ساعة.. ولم ألهُ في لذات عيش نواضر وكنت كذي طمرين عاش ببلغة.. من الدهر حتى زار ضنك المقابر.. طيب إذا كان ده عبد الملك بن مروان.. أُمال القذافي وبن علي وحسني مبارك وعلي عبد الله صالح وبشار الأسد يقولو شنو؟! قالت بعض بنات ملوك العرب الذين نكبوا بعد رغد العيش.. «أصبحنا وما في لأرض أحد إلا وههو يحسدنا، وأمسينا وما في العرب إلا وهو يرحمنا»!! نفس الذي حدث لعائلات الطغاة في عهدنا المعاصر!! ما حدث للأولين تناقلته الكتب وحكاه التاريخ.. وبنفس الطريقة يحدث للآخرين الذين لا يعتبرون ولكن هذه المرة يراه الناس رأي العين عبر وسائل الاتصالات والفضائيات ويعايشونه واقعاً.. وبالرغم من ذلك ما زال منهم الكثيرون يمر عليهم رمضان ولا يعتبرون ولا يتوبون ولا يصلحون لشأن آخرتهم!! دخلت أم جعفر بن يحيى البرمكي على قوم في عيد أضحى تطلب جلد كبش تلبسه، وقالت: «هجم عليّ مثل هذا العيد من قبل وعلى رأسي أربعمائة وصيفة قائمة وأنا أزعم جعفراً عاق بي»!! سبحان الله.. ما كانت تحس بما كانت عليه من ترف ونعمة.. تخيل أربعمائة وصيفة في خدمتها.. وأخيراً وصل بها سوء الحالة أن تشحد جلد كبش لتنستر به!! دنيا!! وكانت أخت أحمد بن طولون صاحب مصر كثيرة السرف في انفاق المال حتى أنها زوجت بعض لُعبها «يعني زوجت بنات أم لعاب على أولاد أم لعاب» فانفقت على وليمة ذلك العرس مائة ألف دينار.. وكانت ثروة طائلة.. فما مضى عليها زمان حتى رثيت في سوق من أسواق بغداد وهي تسأل الناس!! دنيا!! المسألة وما فيها أن رمضان حينما يمر يريد أن يخلصنا من الدنيا.. الفقير والغني فيها معذبان والذي يحدث دائماً هو بيد الناس.. بما كسبت أيديهم.. قال ابن رجب يصف الدنيا: «ما عيبت الدنيا بأكثر من ذكر فنائها، وتقلب أحوالها، وهو أدل دليل على انقضائها وزوالها فتتبدل صحتها بالسقم ووجودها بالعدم، وشبابها بالهرم، ونعيمها بالبؤس، وحياتها بالموت، فتفارق الأجسام النفوس وعمارتها بالخراب، واجتماعها بفرقة الأحباب، وكل ما فوق التراب تراب». أما وصف الآخرة فقال فيه: «دار لا يموت سكانها، ولا يخرب بنيانها، ولا يهرم شبابها، ولا يتغير حسنها وإحسانها، هواؤها النسيم، وماؤها التسنيم، يتقلب أهلها في رحمة رب أرحم الراحمين». ويتمتعون بالنظر إلى وجهه كل حين «دعواهم فيها سبحانك اللهم، وتحيتهم فيها سلام، وآخر دعواهم أن الحمد لله رب العالمين» سورة يونس «10» وصف علي رضي الله عنه الدنيا فقال: «دار من صح فيها هرم، ومن سقم فيها ندم، ومن افتقر فيها حزن، ومن استغنى فيها فتن، في حلالها الحساب، وفي حرامها النار». قال أبو العلاء: «رأيت في النوم عجوزاً كبيرة عليها من كل زينة في الدنيا، والناس عكوف عليها متعجبون ينظرون إليها، فجئت فنظرت فتعجبت من نظرهم إليها وإقبالهم عليها، فقلت لها: ويلك من أنت؟.. قالت أما تعرفني؟ فقلت لها لا.. قالت أنا الدنيا.. وقال قلت: أعوذ بالله من شرك، فقالت: فإن أحببت أن تعاذ من شري فأبتعد عن المعاصي صغيرها وكبيرها وداوم على ذكر الله سبحانه». قال أبو سفيان الثوري رحمه الله: إذا أردت أن تعرف قدر الدنيا، فأنظر عند من هي؟! مرحب بيك يا رمضان.. اتفضل لا جوة.. خش جوانا شوف الدنيا فينا قدر ايش؟ شوف حكامنا وشوف مسؤولينا.. شوف تجارنا ما جايبين خبر، كثيرون عاوزين يغنوا حلال حرام.. شوف الموظفين والمستخدمين في كل المرافق آخر تسيّب وهم يعرفوا «كلكم راع وكلكم مسؤول».. دي قروها في مرحلة الأساس ونجحوا فيها ودخلو الجامعات.. شوف نساءنا كيف مبذرات وللأزواج معذبات.. شوف الطلاقات البتحصل.. شوف التفاخر يا رمضان شوف الشوفونيات.. شوف وشوف وشوف ويا ما تشوف الفلل والعربات آخر موديلات، وفي الجانب الآخر فقر ما شفنا زيو لا أسع ولا الزمان الفات شوف التراحم يا رمضان.. مات.. مات.. ماااات.. حكومة تتسبب في رفع الأسعار وعيش يا حمار. مرحب بيك يا رمضان.. اتفضل خش لاجوة حتلقى فينا أشياء كثيرة مؤخرانا ومحطمانا شيء خلافات ومعارضات وناس دايرة تسقط حكومات وحكومة تتحداهم بأفظع اللهجات!! خش جوانا ونتضرع بيك للمولى يصلح الجوانا.. مرحب بيك يا رمضان شهر التوبة والغفر ان. رمضان والعمل كلمة «عمل» كلمة عظيمة.. وهي مكونة من ثلاثة حروف.. حتى أنك لو عدلت في حروفها تصير «علم» أما بكسر العين والعلم شيء جليل أيضاً أو تصير «علم» بفتح العين واللام والعلم مقدر عند الدول والشعوب والأمم ثم تصير «لمع» وتعني التوهج والتفوق.. فهي إذن كلمة حتى لو «شقلبت» حروفها صارت عظيمة. ولكننا قوم لا نقدر العمل ولا نحترمه كما ينبغي خصوصاً في رمضان.. مع أن ديننا الحنيف يرفع درجة العمل عالية.. الحديث الشريف «من عمل بما علم علمه الله علم ما لم يعمل».. ومعيار العمل الحق كما يحب الله هو :«إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملاً أن يتقنه».. وهذا ما يدخل في ضبط الجودة والمقاييس والموازين وما نحتاج أن نراجعه ونتوب إن قصرنا في حقه في هذا الشهر الكريم.. الذي فيه تجوَّد العبادات من صيام وصلاة وقيام وذكر وزكاة وبر وإحسان فتجعل من «عملنا» هذا خالصاً لوجه الله. أما في العمل العام فإن الحساب إن لم يكن في الدنيا خالصاً فإنه سيكون في الآخرة:«من أخذ الأجر حاسبه الله بالعمل». هذه وتلك هي مكانة العمل ولكنا للأسف في رمضان نتسيب كثيراً كثيراً في العمل.