تخيلوا أن المياه الجوفية بأحواض المياه بكل من دارفور وكردفان والمناطق الجنوبية من الولاية الشمالية، تفوق كميتها أكثر من «800» مليار متر مكعب من المياه، بمعنى أنها تعادل أكثر من نصيبنا في مياه نهر النيل بمقدار «50» ضعفاً، وهذه واحدة من الثروات العظيمة التي يتمتع بها هذا البلد، وهي في انتظار الاستغلال بإعطاء الأولوية في المرحلة القادمة. وثاني الثروات التي يتمتع بها السودان تلك المساحات الواسعة من المراعي الطبيعية التي رأيتها ونحن نطوف بطائرة هيلوكوبتر في مناطق وسط وغرب وشمال كردفان، حيث السهول المنبسطة والعشب الذي يغطي مئات الكيلومترات، والتي يمكن تحويلها إلى أعلاف جافة بالإمكان أن تكون غذاء لملايين بل مليارات رؤوس الماشية من الإبل والخراف والأغنام، ولكن المسألة تحتاج إلى خطة محكمة لاستخراج المياه الجوفية وبناء السدود وتوفير مصادر الري والشرب، لتتحول المنطقة برمتها إلى حديقة غناء ترتع في عرصاتها أرتال من القطعان وأشكالٌ من الحيوانات لتجلب عائداً ضخماً يعادل عشرات أضعاف الذي دخل خزينتنا من ريع النفط الذي لم يتجاوز عمره عقداً من الزمان. والمسألة المدهشة، للوقوف على الكنز الطبيعي، عندما يهم أحدنا بالسفر عبر الطريق الممتد من أم درمان إلى الولاية الشمالية، عندما يرى تلك المساحات الواسعة من الأراضي الخصبة، التي تفوق ال «30» مليون فدان، وقد غرست في امتداد تلك المساحة أبراج الكهرباء، وتمددت المشروعات الزراعية على طول الطريق، وفيما لو حظيت باهتمام يسير لأصبحت بكبر حجمها مساحة لمشروعات ضخمة تنتج فولاً وعدساً وقمحاً، وتحيط بأرجائها أشجار البستنة والحوامض ومختلف أنواع المزروعات ذات الثمر الجني والريع الوفير. وهذا البلد الطيب، الذي سيخرج نباته بإذن ربه، لا تخفى ثرواته على الذين انشغلوا بتصويب سهامهم إلى قلبه، وهم يعلمون أن ثروات السودان، لا تحصى ولا تعد، أولها النعمة التي ساقها الله إلينا بمياه جارية وأخرى تتخذ من جوف الأرض ماعوناً. كما لا يخفى عليهم ما يتمتع به أهل السودان من خير تجلبه لهم السماء في شكل أمطار غزيرة يخضّر بها الزرع فيمتلئ الضرع، بالقضارف والدمازين وشمال وجنوب كردفان وولايات دارفور. أما إذا تحدثنا عن نفائس باطن الأرض، فإننا عندما نتحدث عن الذهب والفضة ومختلف أنواع المعادن، فالأمر ليس خيالاً وإنما شهد بذلك التعدين الأهلي الذي استقطب عمالة أجنبية تجاوزت المليون منقب في مختلف أنحاء السودان. وما ذكرت ليس امتناناً ولا نسجاً من بنات أفكاري، ولكن تلك هي الحقيقة التي تجعلنا أئمة وتجعلنا من الوارثين، شريطة أن تتمكن عقيدة الإخلاص في نفوسنا ولا تدعونا عداوات الأعادي للانحراف بإرادتنا ليكون مصيرنا الاستسلام والخضوع، بينما نحن أغنياء بفضل من الله ورضوان.