انطلقت قبل أكثر من«10» أيام مناورات عسكرية «جوية» بين الولاياتالمتحدةالأمريكية وإسرائيل، والتي تمتد لمدة أربعة أسابيع.. وتعتبر هذه التدريبات الأكبر منذ انطلاق التدريبات المشتركة في هذا المجال بين البلدين قبل أكثر من عشر سنوات. وتحدث كثير من المحللين عن أن هدف هذه التدريبات هو الاستعداد لضرب إيران، وهو أمر متوقع حدوثه في أية لحظة.. فيما قالت«الدولتان» إن هذا التمرين ليست له علاقة بالموقف الراهن في المنطقة.. ولكن الواقع يكذب ذلك الأمر، خصوصاً بعد الضربة الجوية التي تعرض لها مصنع اليرموك، وهو مصنع تابع للجيش السوداني، وليس مصنعا سريا ولا يقوم بتصنيع الأسلحة غير التقليدية كما تحاول بعض «الجهات» أن تشيع ذلك، وتعتبر هذه الضربة معنوية أكثر من كونها ذات أثر عسكري «كبير» فما الذي دفع «الصهائنة» لهذا العمل الذي سيسبب لهم وللولايات المتحدة كثيراً من التعقيدات السياسية. هل هي الانتخابات الصهيونية التي أثبتت التجارب أن العوامل الخارجية، خصوصاً العسكرية منها في حال نجاحها ترفع من أسهم الحزب الحاكم.. أم هي الانتخابات الأمريكية التي يحتاج «أوباما» فيها لأصوات ودعم اللوبي الصهيوني داخل الولاياتالمتحدة.. أم يعود سبب ضربة اليرموك إلى التدريب على ضرب إيران واستعمال الخرطوم كهدف تدريبي للتشابه بين الخرطوم وطهران من حيث المسافة «نسبياً» وتم اختيار الخرطوم كهدف لأن المعلومات الاستخباراتية التي تمتلكها إسرائيل تجعل منها هدفاً تدريبياً مناسباً جداّ، ويعود ذلك لأن إسرائيل سبق لها أن قامت بتنفيذ عمليات داخل الأراضي السودانية ونجحت تلك العمليات، وهي بذلك تعرف مقدرة الخرطوم على الرد والتي تعتبر معدومة، ما يجعل المهمة التدريبية ناجحة بنسبة مائة المائة.. أمر آخر يجعل هذه الفرضية ممكنة، وهوالقانون الذي وقعه أوباما قبل فترة وصادق عليه مجلسا الشيوخ والنواب الأمريكيان، الذي يقضي بمنح إسرائيل طائرات أمريكية من طراز «Kc- 135» وهي طائرات قادرة على تزويد المقاتلات الجوية بالوقود جوا. وكانت الولاياتالمتحدة امتنعت سابقاً عن تزويد إسرائيل بهذه الطائرات لمنع قيام إسرائيل بعمليات عسكرية جوية ضد إيران حسب زعمها؟ أما الآن فإن مئات المقاتلات الجوية الإسرائيلية التي تحتاج للتزود بالوقود فى الجو تستطيع القيام بمهام بعيدة جداً تصل لأبعد من مصنع اليرموك الموجود بالخرطوم.. ويمكن أن يكون مصنع اليرموك أول أهداف التدريب للعدو الإسرائيلي على استخدام طائرات الإرضاع الجوي خصوصاً وأن إسرائيل لم تكن تمتلك مثل هذه المنظومة من قبل.. وهو ما دفع كثير من المحللين للإعتقاد أن الطائرات الإسرائيلية قد تزودت بالوقود من إحدى دول الجوار«جنوب السودان، جيبوتي، أريتريا، أثيوبيا» خصوصاً وأن المسافة بين تل أبيب والخرطوم تقدر بحوالي «1840» كم.. ولكن المؤشرات جميعها تشير إلى أن هنالك تنسيق بين تل أبيب وواشنطن في جميع مراحل التخطيط والتنفيذ لهذه الضربة، ويعتقد الأمريكان وإسرائيل أن الطائرات الإيرانية يمكن أن تنطلق من الخرطوم لضرب إسرائيل في حال مهاجمة إيران. لذلك كان من ضمن أهداف المناورة العسكرية «الجوية» استهداف الخرطوم، حيث سبقت عملية القصف زيارة سرية لرئيس المخابرات الأمريكية إلى إسرائيل.. سؤال آخر يتبادر لمن يمتلك معلومات بسيطة عن الطيران الحربي، لماذا هبطت الطائرات المهاجمة عند مستوى الرؤية البصرية وشوهدت في أحياء «العشرة» و«جبرة» التي تبعد عدة كيلو مترات عن المصنع جنوبالخرطوم، مع العلم أن طائرات مثل ،(اف 16 واف 18 واف22) «الشبح» كان يمكن لها أن تنفذ العملية دون أن تشاهد حتى عن طريق المراقبة الالكترونية.. ظهور هذه الطائرات للعين البشرية يجعلنا نتساءل، هل كان ضرب مصنع اليرموك هدفا استراتيجيا ، أم هدفا سياسيا ،أم تكتيكيا ؟؟ لأنه كان يمكن ضرب المصنع عبر صواريخ «توما هوك» أو «كروز» تستطيع قطع مسافة 2500 كيلومتر، حيث يصعب معها تعقب الفاعل خصوصاً وأن البوارج المقاتلة الأمريكية تجوب المنطقة، ولهذه الصواريخ ميزة في أنه في حال تم اسقاطها أو سقطت نتيجة خلل فني لن تكون هنالك خسائر بشرية، تقتل أو تقع في الأسر.. أمر آخر يجب مناقشته بشفافية، فهذه الضربة تحتاج لمعلومات أرضية دقيقة جداً من عناصر بشرية مدربة لتقديم معلومات حية قبل وأثناء الضربة، لأنه لو تسربت معلومات عن الضربة من قبل استخبارات دول الجوار للحكومة السودانية «مصر، السعودية.. مثلاً» وقام الجيش السوداني بعمل تدابير عسكرية في هذه الحالة العناصر البشرية تصبح مهمة جداً لتنبيه غرفة العمليات المنفذة للعملية!! وهذا يقودنا للسؤال عن دور مخابرات دولة جنوب السودان في هذه العملية خصوصاً وأن المناطق المحيطة «الكلاكلات» كانت سكناً لمجموعة كبيرة جداً من أفراد جيش جنوب السودان، وأيضاً قطاع الشمال للحركة الشعبية الذي يعمل بحرية ليس بعيداً عن أصابع الاتهام، خصوصاً وأن هنالك سابقة «مصنع الشفاء، التجمع الوطني» أم أن الوجود الأجنبي الكثيف وغير المقنن لبعض دول الجوار التي تعتبر صديقة لإسرائيل كان هو الطاقم الأرضي للعملية؟؟ هذه الحادثة الثالثة التي يتم تنفيذها ولا نعرف الجهة المنفذة إلا بعد أن يعرف المواطن العادي. فهل هذه الحكومة تمتلك أسلحة ردع جوي لا تريد الكشف عنها الآن، خصوصاً وأنها ستدل على مصدرها، أو أنها لا تمتلك غير أعين المواطن لتحدد لها من قام بضربها.. وفي هذه الحالة لا يسعني إلا أن نقول: نبني فتهدمها أمريكا وإسرائيل فلا نغضب أو نرد أو نثور. سؤال أخير: هل صار السودان أكبر بلد أفريقي مخترق أمنياً بعد أن كان عصياً حتى على المخابرات الأمريكية؟؟ في الختام أنا المواطن السوداني «المدني» سيكون «ردي» على هذا العدوان بأنني أعلن تبرعي بمبلغ «100» جنيه دعماً لقواتنا المسلحة «ليس لبناء عمارات تهدمها إسرائيل» بل هو مساهمة لشراء منظومة دفاع جوي متطورة.. فمعاً لحملة نطلق عليها «عيون الجديان» دعماً للجيش السوداني الذي هو رمز عزتنا وكرامتنا ومجدنا المسلوب!!!