ضحكتُ من الحسرة حين قرأتُ مانشيتاً أحمر أوردته إحدى صحف الغفلة بالأمس تقول فيه: «البرلمان: نواب الحركة يمتلكون تفويضاً من الشعب»!! ما أدهشني أن تتلاعب الصحيفة الغبيانة بمصداقيتها حين تختصر البرلمان كله في عضو برلماني منحته حق أن يكون رأيه الشخصي هو رأي البرلمان جميعه!! يقول متن الخبر إن نائبة رئيس المجلس الوطني سامية أحمد محمد اعتبرت وضعية نواب الحركة الشعبية في المجلس الوطني معضلة قانونية مضيفة بأنهم سيظلون كأفراد إلى حين حسم وضعيتهم في مجلس الأحزاب لأنهم جاءوا منتخبين بتفويض من الشعب ولم يأتِ للبرلمان ما يفيد بنزع هذا التفويض لكنها قالت بعد ذلك: «الحركة الشعبية بوضعها القديم انتهى وجودها في السودان وأصبحت في دولة أخرى ومنسوبوها في الشمال إذا وفّقوا أوضاعهم بالقانون لا نمانع في مشاركتهم باسم الحركة»!! عجيبٌ أمر الصحيفة وعجيبٌ أكثر أمر الأستاذة سامية أحمد محمد! وجه العجب في أمر سامية أنها تتحدث باسم مجلس الأحزاب أو باسم الحكومة حين تقول إن منسوبي الحركة في الشمال إذا وفقوا أوضاعهم بالقانون «لا نمانع» في مشاركتهم باسم الحركة!! من تُراه أعطى الأستاذة سامية سلطة أن تقرِّر باسم البرلمان أو مسجل الأحزاب وتتحدث بصيغة الجمع؟! هل اجتمع البرلمان وقرر ذلك وهل هي سلطة البرلمان أم سلطة مسجل الأحزاب؟! لماذا يا تُرى «يُريَّس» مسجل الأحزاب ثم «يُتيَّس»؟! ثم إذا كانت وضعية نواب الحركة معضلة قانونية لماذا لا تُترك لأهل القانون الذين يعبِّر عنهم مفتي الدولة «النائب العام وزير العدل»؟! أما الصحيفة «الغبيانة» فإن أمرها لا يخلو من الغرض خاصة بعد أن تبنَّت خط عشق إسرائيل وقبلها خط الحب «العذري» لأمريكا وبريطانيا اللتين تغدقان السفر وإقامة الخمسة نجوم في فنادقها المخملية والمظاريف المعلومة لرئيس التحرير!! من كل ما أوردته الأستاذة سامية لم تختر الصحيفة إلا عبارة: «لأنهم جاءوا منتخبين بتفويض من الشعب» بعد أن قطعته من سياقه بطريقة «لا تقربوا الصلاة» أو «ويل للمصلين» ثم عمدت إلى منح نائبة رئيس المجلس سلطة البرلمان وأبرزت حديثها مانشيتاً أحمر لم تنسبه لها وإنما إلى البرلمان بالرغم من أنه أي البرلمان في عطلة رسمية ولم يجتمع أو يمنح تفويضاً لسامية أو لرئيسه مولانا أحمد إبراهيم الطاهر لاتخاذ القرارات أو النطق باسمه!! إنها مشكلة التصريحات السياسية في بلادنا والتي عجزت الدولة عن تنظيمها بالرغم من أن تلك القضية ظلت تسبِّب حرجاً مستمراً للحكومة ولغيرها من أجهزة الدولة!! ما قالته سامية حول المشكلة القانونية قاله قبلها الأستاذ بلندية رئيس المجلس التشريعي بجنوب كردفان، لكن أكثر ما يُدهشني أن تشنّ الحركة حرباً على الدولة ويدمِّر جيشُها الشعبي «الأجنبي» أو التابع لدولة أجنبية المنشآت ويروِّع ويقتل المواطنين ويشرِّدهم ورغم ذلك لا ينسحب هؤلاء النواب من هذه الحركة المجرمة غير المسجَّلة كحزب سياسي حتى اليوم ثم يتحدث البعض عن أن هؤلاء يظلون نواباً منتخبين!!. إنها الإباحية في بلاد تُمتهن وتُحتقر هيبتُها ويزدريها كل من هبَّ ودبَّ ويتطاول عليها كل رويبضة حقير ولا توجد بها قوانين تحرسها ولا دستور يصون كرامتها أو يردع من يخونها ويعتدي عليها!! سؤال أوجهه إلى سامية: ماذا لو رُفعت دعوى ضد أعضاء الحركة الذين ظلوا يؤيدون أفعالها أو الذين انسحبوا من البرلمان احتجاجاً بدلاً من أن يدينوا تمردها على سلطان الدولة؟! الموظف الذي يُدان في قضية تمس الشرف والأمانة يُفصل من عمله ويفقد وظيفته أما من يدمِّر ويخرب ويقتل وينحاز إلى دولة أجنبية ويخون وطنه فإنه يظل محتفظاً بعضويته في برلمان دولة الإباحية السياسية!! سيدي الرئيس.. أعد الانتخابات في جنوب كردفان والنيل الأزرق حتى نطهِّر أرضنا من هؤلاء الخونة.