لو تأمل الأمين العام للحركة الإسلامية الأخ الكريم الزبير أحمد الحسن، قائمة الأمانة العامة للحركة الإسلامية التي أجازها له مجلس الشورى يوم السبت أول من أمس وأعاد الكرة مرتين، لوجد أن الحركة بتاريخها وتجليات وجودها الزماني والمكاني، هي غير الحركة التي انتمى لها كثير من أبناء السودان وصفوة متعلميه ومتدينيه من كل أصقاع وبقاع السودان المختلفة!! فمن غير المعقول ألا تعبِّر الحركة وهي تتحدث في بيانها الختامي أمس عن نبذ العرقيات والجهويات، عن كامل التنوع الجغرافي للسودان بشكل جيد وفعَّال، يضمن لها رضاء الجميع ويهدئ من ثائرة الانتقادات التي طالت الحركة اليوم وبدأت توصمها بما ليس فيها. لو تأمل الأمين العام للحركة قائمة الأمناء الذين قدمهم واختارهم للعمل معه في الدورة الممتدة حتى عام 2016م، لوجد أنها خالية من أي «أخ مسلم» من أبناء النوبة أو من مكونات سكانية عديدة في السودان لها سبق في الدعوة الإسلامية وباع وسنام!! ولوجد أن التوازنات التي أعملت في الاختيار أخطأت، مثل مولانا سومي زيدان الرجل التقي الورع من أبناء النوبة الذي عمل والياً من قبل في جنوب كردفان وقاضياً وفقيهاً، وهناك غيره من كردفان الكبرى التي غابت بالكامل عن قائمة الأمناء الجدد. وكذلك تجاهلت القائمة الكثير أهل الصدق والسبق المنحدرين من مناطق كثيرة في السودان، وحصرت الأمانة في شخوص بعينها ظلت تتبادل هذه المواقع لسنوات طويلة دون أن يطولها تغيير، ولا يعبِّر أكثرها عن قيمة مضافة في حفظ التوازن السياسي والاجتماعي كما هو سائد الآن!! صحيح هناك تغيير قد حدث بالفعل في بعض المواقع في الأمانة العامة، لكنه ليس التغيير المنشود، ولن يكون له أثر، فالتغيير الذي تم كان مطلوباً لذاته، وليس تلبيةً ونزولاً لرؤية جامعة تعيد للحركة دورها ونضارة وجهها واتساعها للناس جميعاً. وللأسف هذا التغافل عن حقائق عديدة وعدم إعمال النظر بدقة وقراءة الواقع من كل زاوياه واتجاهاته، يجعل التفكير الجهوي والمناطقي حاضراً بقوة شئنا أم أبينا!! وماثلاً أمام الجميع صلداً لا يتزحزح، ومن حق أي فرد لم يجد نفسه على سطح هذه المرآة اللامعة، أن يتساءل عن وجوده ومكانه وموقعه وتمثيله!! فكيف يمكن للحركة أن تنداح دعوتها وتتجذَّر أكثر وأعمق في النيل الأزرق وجنوب كردفان وبطاح دارفور في دار زغاوة ومناطق الفور ودار أندوكة، وتندلق في هضاب وقمم وسفوح البحر الأحمر وسهوب القضارف ودوكة وباسندة وقلع النحل والقلابات والجبلين والدندر كركوج والأضيَّة وسودري وقليصة ولقاوة والتبون ومكجر ووداي صالح ومزبد وكارياري وأبو جبيهة وتلودي وطروجي وسلارا، وقد تجاوزت الحركة الإسلامية رموز هذه المناطق وأبعدتهم عن دائرة الفعل التنظيمي وموطن القرار. إن مثل هذا التفكير للأسف، صار هو المعيار الذي يتحدث به الناس في كل مكان، ويجب ألا ندفن رؤوسنا في الرمال هرباً منه، وهناك تكالب على المواقع وسعي لها وتصارع حولها، كما أن هناك استئثاراً بها نستبشع الحديث عنه، فلماذا لم تتلمس قيادة الحركة الإسلامية الجديدة هذه الحقائق وتصحح الأخطاء التي أجهضت الكثير من أعمال الحركة الإسلامية ونشاطاتها في الأمس القريب؟! ولذلك فنظرة سريعة تكفي للحكم على طبيعة الاختيار وما وراءه، ولا شك على الإطلاق في النوايا، لكن ما حدث إعوجاج لا بد من تقويمه وتعديله، وإلا فقدنا كل هذه المناطق وأهلها، وتعسر علينا إصلاح العطب ورتق الفتق ودمل الجراح. إن أكثر ما ميز الحركة الإسلامية عبر ستين عاماً من عمرها وتزيد، أنها كانت حركة اعتصام وبلاغ ودعوة وإخاء واصطفاف قومي، لا تفرق بين أحد من أبنائها في كل مكان، وكانت قياداتها تمثل الطيف الجغرافي والسكاني من مناطق السودان المختلفة، في الوقت الذي لم يكن فيه أحد ينتبه لهذه التصنيفات الضيقة، أما الآن وطالما أن هذه المعايير والموازنات قد صنعتها تجربة الإنقاذ التي هي من بنات أفكار الحركة الإسلامية، فعلى قيادة الحركة الإسلامية التعامل مع هذا الواقع والنظر في مطلوباته، وإلا سيبحث الناس غداً عن غيرها، وسيكون الولاء دونها، ولا يضيرهم في ذلك شيء، لا مغنم يفوت ولا أمل يموت!! ألا هل بلغت اللهم فاشهد!! --- الرجاء إرسال التعليقات علي البريد الإلكتروني عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.