كشف (وليم بلوم) في كتابه (الدولة المنبوذة) في فصلَيْ (الإنتخابات) و(التدخلات) عن تدخّل (الوقف الوطني للديمقراطية)، في الشؤون الداخلية لدول العالم. حيث ظلّ يقوم علناً بما كانت تقوم به وكالة (CIA) سرّاًَ. وذلك حسب التوصيف الوظيفي ل (الوقف). فقد قام (الوقف الوطني للديمقراطية) بالتأثير على نتيجة الإنتخابات في (نيكاراجوا) عام 1990م، وأطاح (ديمقراطياً) بالرئيس (دانيال أورتيغا)، مزيحاً ثورة (ساندينستا) عن الحكم. كما قام (الوقف) بالتأثير على نتيجة الإنتخابات في منغوليا عام 1996م. كما ساعد (الوقف الوطني للديمقراطية) في الإطاحة بحكومات منتخبة ديمقراطيّاً في بلغاريا عام 1990م، وألبانيا عام 1991 و1992م، و(هيتي) في نهاية التسعينات حيث عمل (الوقف) بنشاط بالنيابة عن المجموعات السياسية اليمينية التي توحَّدت في معارضتها للرئيس (جان بيرتراند أرستيد) وأيديولوجيته التقدمية. كما وضح تأثير (الوقف الوطني للديمقراطية) غير الديمقراطي في العديد من العمليات الإنتخابية في عدد كبير من أقطار العالم. وقد درج (الوقف الوطني للديمقراطية) على إيهام العالم بتصديق أسطورة أن (الوقف) يدرِّس دول العالم أبجديات الديمقراطية وبديهيات الإنتخابات، لشعوب لا تعلم عنها شيئاً. ولكن في أمثلة الدول الخمس التي ورد ذكرها آنفاً (نيكارغوا، منغوليا، بلغاريا، ألبانيا، هيتي)، كانت توجد انتخابات حرَّة نزيهة، ولكن فازت بها أحزاب سياسية ليست في (قائمة الأحزاب المفضلة) ل(الوقف الوطني للديمقراطية). أي قوائم المغضوب عليهم والضالين! . وقد ظلّ (الوقف) يدَّعي الحرص على العمل على بناء الحركات السياسية المعارضة وتشجيع الجماعية السياسية ودعم الشعوب التي ليس لها صوت في نظمها السياسية. ولكن لم يحدث أبداً أن قام (الوقف الوطني للديمقراطية) بتقديم عون لرعاية المعارضة التقدمية في المكسيك والسلڤادور وغواتيمالا ونيكاراغو وشرق أوربا. وذلك بالرغم من أن حركات المعارضة التقدمية في تلك الدّول بذلت مجهوداً كبيراً للحصول على تمويل وجعل صوتها مسموعاً. ذلك بينما حازت الجماعات السياسية الكوبية المعارضة الناشطة داخل أمريكا وأجهزة الإعلام الكوبية المعارضة المتواجدة بالولايات المتحدة، على تمويل ضخم من (الوقف الوطني للديمقراطية) بهدف الإطاحة بنظام الرئيس فيديل كاسترو في كوبا. وقد لعب (الوقف الوطني للديمقراطية) دورًا مهماً في فضيحة (إيران كونترا) في الثمانينات. حيث قام بتمويل شبكة عمليات (أوليڤرنورث) السريّة. (أوليڤر نورث قيادي في مجلس الأمن القومي الأمريكي في عهد الرئيس رونالد ريغان وأحد أخطر المسؤولين في البيت الأبيض في عهد الرئيس ريغان). كان (نورث) يسمِّي شبكة عملياته السّريّة شبكة (مشروع الديمقراطية)، حيث قام ذلك (المشروع السّري) بخصخصة السياسة الخارجية الأمريكية، وشنّ الحرب وأرسل شحنات الأسلحة والمخدرات، وانهمك في العديد من الأنشطة الجذابة المماثلة الأخرى!. وفي عام 1987م صرح الناطق الرسمي باسم البيت الأبيض أن (الوقف الوطني للديمقراطية)، يقود (مشروع الديمقراطية) لكن في حقيقة الأمر كان الصحيح هو القول بأن (الوقف الوطني للديمقراطية)، هو الذراع العلني ل (مشروع الديمقراطية)، بينما (أوليڤرنورث) هو قائد عملياته السّريَّة. (مشروع الديمقراطية)، يعني (الديمقراطية على الطريقة الأمريكية الإمبريالية)!. أيضاً قاد (الوقف الوطني للديمقراطية) في منتصف الثمانينات حملة متعددة المستويات ضد المعارضة الفيليبينيّة. حيث قام (الوقف) في هذا السياق بتمويل منظومة موالية للسياسة الأمريكية من المنظمات الخاصة والإتحادات والنقابات والأجهزة الإعلامية الفيليبينية. وذلك في (إعادة إنتاج) طبق الأصل لدور (CIA) في حقبة ما قبل (الوقف الوطني للديمقراطية). وفي الفترة من 1990م 1992م قام (الوقف الوطني للديمقراطية) بتقديم ربع مليون دولار من مال دافعي الضرائب إلى (المؤسسة الوطنية الكوبية الأمريكية) أكثر الجماعات السياسية الكوبية المعارضة تطرفاً ضد الرئيس فيديل كاسترو. يُرمز لهذه الجماعة الكوبية المعارضة ب(CANE) ومقرها (ميامي) بولاية فلوريدا. بعد استلام (CANE) مبلغ ربع المليون دولار، قامت بدورها بتمويل (لويس بوسادا شارلس) أخطر الإرهابيين في العالم والذي ثبت تورطه في تفجير طائرة الخطوط الكوبية عام 1976م. وقد نجم عن حادث التفجير مقتل (73) شخصاً. وفي عام 1997م كان (لويس بوسادا شارلس) متورِّطاً في سلسلة تفجيرات في فنادق العاصمة الكوبية هاڤانا. منظمة (الوقف الوطني للديمقراطية) كسلفها وكالة (CIA)، تصف ما تقوم به من أعمال عدائية إجرامية بأنه دعم للديمقراطية، لكن الحكومات والحركات السياسية التي يستهدفها (الوقف الوطني للديمقراطية) بالحرب والإطاحة، لا تسمِّى أعمال (الوقف) تلك دعماً للديمقراطية، بل تسمِّيها زعزعة للإستقرار وحربًا غير مبرَّرة واستعمارًا وتدخلاً سافرًا في الشأن الداخلي. حيث أن أعمال (الوقف) هي نقيض للديمقراطية. في ذلك الإطار، إطار (الوقف الوطني للديمقراطية) وتمويله الدولاريّ ، ما موقع المنظمات السودانية العلمانية واليسارية المعارضة من الإعراب؟.