في يوم الأربعاء الموافق 17 أبريل 2013م ألقى وزير الإرشاد والأوقاف بيانه أمام المجلس الوطني... وأهم ما ورد في ذلك البيان في رأيي ما جاء في صفحة 16الفقرة الأولى ب/ أوقاف الخارج :- «... للسودان أوقاف مقدرة بالمملكة العربية السعودية في كل من مكةالمكرمةوالمدينةالمنورةوجدة وجملة الأوقاف «الحكومية» سبعة إضافة لثماني عمائر وقفية هي الوقف السناري وإحدى عشرة عمارة باسم وقف مسعود، وهنا يجب الإشارة إلى أن هنالك أوقافًا أخرى جارٍ البحث عنها.. وستكون هذه واحدة من مهام وكيل الناظر الجديد حال تعيينه...» وها هو ناظر عموم الأوقاف يُخرس الألسن التي ظلت تردد وهى خاوية الوفاض من فكر أو فقه عن عدم «سودانية» هذه الأوقاف ومسؤوليه أولياء الأمر شرعاً عنها.... وبقوله ذلك أمام المجلس الوطني تكون «جهينة قد قطعت قول كل خطيب» !!!! وزير الإرشاد والأوقاف، الأخ/ الفاتح تاج السر لم التقه في حياتي... أو لا أذكر ذلك... ولا أعرفه... لكنني سمعت عنه كل خير من كثيرين ولا أزيد ولا أزكيه على الله، ولعل الله قد أراد له وبه خيراً كثيراً، وأجراً أبدياً دائماً إن أفلح في استرداد أعيان كل الأوقاف السودانية في الخارج وإزالة الغبن عنها وتثميرها وتطويرها وإنفاذ شروطها... ليس في الخارج فقط، ولكن حتى في الداخل الذي تواجه أوقافه أكثر مما تواجهه أوقاف الخارج من كيد وغبن وإهمال وتسيُّب في الإدارة وتفلُّت ممن يضعون أيديهم على تلك الأوقاف، ويريدونها أن تظل كذلك مهملة ومعطلة الشروط!!! الذين أعدوا البيان للأخ الوزير فاتت عليهم عدة أشياء، سأستعرض بعضًا منها بإختصار للمصلحة العامة، مصلحة الوقف، وأسكت عن بعضها لأن محلها في غير أجهزة الإعلام... وأيضاً... لمصلحة الوقف... وأرجو صادقاً أن يكون ما فات على من أعدوا البيان ناتجًا عن عدم معرفة وقصور في المعلومات لا عن عمدٍ !!! لأن الفرق بينهما كبير وله ما وراءه !!!! 1» وكيل الناظر:- وهو الوكيل عن ناظر عموم الأوقاف... كانت النظارة بيد رئيس القضاء... ثم انتقلت إلى وزير الإرشاد والأوقاف... وناظر عموم الأوقاف ليست وظيفة حكومية ولن تجد في مراسيم الحكومة موقعاً بمسمى قاضي القضاة وناظر عموم الأوقاف أو وزير الإرشاد وناظر عموم الأوقاف وإنما هي مهمة يوكلها صاحب الولاية العامة في الدولة إلى الموقع الذي يحدده... مما يؤكد عدم علاقة الحكومة كحكومةبالأوقاف، ويجزم باستقلاليتها وذلك ما يود أن يطمئن إليه الواقفون... وقد وعت الحكومة ذلك تماماً فأصدرت في «»2008م» قانون ديوان الأوقاف لتكون له كما جاء في المادة «... شخصية اعتبارية وخاتم عام وحق التقاضي باسمه» وأوكلت له حق تعيين الناظر «الوكيل» كما جاء في المادة 17/1.... وبما أن قاضي القضاة وبعده وزير الإرشاد والأوقاف كانا على صلة بالجهات المعنية بالخارج فقد خاطبا تلك الجهات بمن آل إليه أمر تعيين الناظر... أي ديوان الأوقاف حتى يتمكن من القيام بمهامه.... أما اختيار وكيل الناظر فتلك مهمة لا تتم بالمزاج أو المصالح الشخصية الضيقة المتبادلة... وإنما يحتاج هذا الموقع إلى مؤهلات ومقدرات أجملها مولانا محمد عثمان يس وزير العدل السابق في لقاء مع المسؤولين السعوديين في «2006» في عبارة «بأن تكون لديهم مؤهلات وعلاقات تمكنهم من تسخيرها في تنمية الوقف وحفظه وحل الإشكالات التي تواجهه» وما بين ثنايا سطور هذه العبارة الكثير!!! ولا بد أن نعرف أن النظارة لا تُورث ما لم يُنص على ذلك، بل يجوز عزل الناظر متى ما قام مانع شرعي أو قانوني لتوليته كأن يهمل الوقف أو يعطل شروطه... 2» جاء في ص «16» من بيان الوزير عبارةالأوقاف الحكوميةهذه العبارة عبارة لا موقع لها من فقه الوقف..... وكون أن الحكومة قد اشترت أو أوقفت ذلك الوقف فلا يعني ذلك أنه وقف حكومي ... فأنواع الوقف معروفة فقهاً وقانوناً وهي: أ» الوقف الخيريب» الوقف الذري «الأهلي» ج» الوقف المشترك « خيري + ذري» جاء في قانون ديوان الأوقاف المادة 3/الوقف الخيري «يقصد به ما خصصت منافعه إلى جهة بر ابتداء سواء كان الواقف هو الدولة أو أي من أجهزتها أو أي من الأشخاص أو الأفراد...» وهكذا فقه الوقف... فبمجرد أن تُوقف الدولة أو أي من أجهزتها أو أي من الأفراد، تنتقل الملكية من ذلك المالك إلى ملك الله سبحاته وتعالى... وبعد ذلك يُحدد الوقف على حسب شروطه لا حسب واقفه.... أي خيري أو ذري أو مشترك... وهذا ينطبق دون شك على أوقاف الشيخ مسعود محمد مسعود والأوقاف السنارية فهي أوقاف خيرية ولا يصح أن نطلق عليها أوقافاً «أهلية» كما لا يصلح أن نطلق على تلك أوقافاً «حكومية».... لأن استخدام كلمة حكومية أو أهلية تُحدث لبساً عند العامة.... يمكن أن نقول إن الأوقاف السنارية أوقاف «سلطانية» تلك التي أوقفها سلاطين سنار ذلك التعريف لا يعني أنها تحت تصرف الحكومة، وينطبق ذلك على أوقاف ما بعد الاستقلال ما أطلق عليها هؤلاء جهلاً «أوقاف حكومية »... من أوقفها أو ثبتها هم أولياء الأمر في السودان مثل الأزهري وعبود رحمهما الله، أو عمر البشير فيما يختص بالأوقاف «السلطانية» في الداخل.... ومثل ذلك أوقاف السلطان علي دينار.... فهى ليست أوقافاً «أهلية» وإنما التعريف الفقهي «أوقافاً خيرية» كما تحدد شروطها... 3» شروط هذه الأوقاف: جاء في بيان الوزير ص 16 أن الأوقاف «الحكومية» كما أطلقوا عليها «اشترتها حكومة السودان وأوقفتها لصالح الحجاج من أهل السودان ومن يقومون بخدمتهم... وأن جميع هذه الأوقاف السبعة شروطها للحجاج والمعتمرين ومن يقومومون على خدمتهم من البعثات الإدارية والإرشادية والطبية... » ومن أعدوا الخطاب يقع عليهم إثم تعديل الشروط من غير اختصاص... والعياذ بالله. أرادوا أن يحصروا شروط هذه الأوقاف وريعها على الحجاج السودانيين والمعتمرين ومن يقومون بخدمتهم!! والفطِن لا تفوت عليه الأغراض من ذلك التبديل!!! ولنقرأ ما جاء في صك شارع أباذر أحد الأوقاف المعنية... وهو أصل كل تلك الأوقاف وشروطها من شروطه... ولم تقم الحكومة السودانية أو من يمثلها إلا بإنفاذ إجراءات الشراء لبقية تلك الأوقاف التي يطلقون عليها «حكومية». جاء في صك وقف شارع أباذر بالمدينةالمنورة «... وأنني الآن حسب وكالتي قد أوقفتها في أوجه البر والخيرات... على أن تكون وقفاً مستمراً لله تعالى على مصالح حجاج حكومة الجمهورية السودانية لتكون مقراً لسكن أمير الحج وشُعب البعثة المختلفة... ومستشفى لمصلحة حجاج المسلمين عامة ولأهل المدينةالمنورة ومكاتب الإدارة والبعثات وغير ذلك لما فيه مصلحة الحجاج السودانيين وغيرهم من رعايا الجمهورية السودانية... ويكون هذا الوقف وقفاً مؤبداً إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها...» الموقوف عليهم من عاليه: 1» مصالح حجاج جمهورية السودان وإدارة شؤونهم «لم يذكر الشرط المعتمرين». 2» مستشفى لمصلحة حجاج المسلمين عامة. 3» مستشفى لأهالي المدينةالمنورة. 4» رعايا الجمهورية السودانية من غير الحجاج.