للمرة الثانية تُصدر السلطات القانونية أحكامًا قضائية جنائية بحق ياسر عرمان ومالك عقار بعد إثبات تورطهما بشأن الأحداث في النيل الأزرق وسنار وغيرها من جرائم حرب ارتكبوها، وقبل أيام أصدرت المحكمة حكمًا غيابيًا بحق الاثنين، لكن الناظر في استمرار هذه الأحكام يجدها وإن كانت قانونية إلا أنها لا تأتي بنتيجة مرجوة خاصة بعد إثبات كل المتورطين وبالأدلة القاطعة، فالمدانون حتى الآن يتحركون بحرية كاملة في دول المنطقة، وظلت الحكومة مرارًا تُصدر أحكامًا بالقبض على تلك القيادات وتطالب بمحاكمتهم وظلت تطالب الشرطة الدولية «الإنتربول» بالقبض على عرمان وتسليمه للسلطات إلا أن الأمر لم يخرج من كونه مطالبات وتصريحات للاستهلاك السياسي ليس إلا، فحتى يتعاون المجمتع الدولي مع سلطات أي دولة لتقديم متهميها وإلقاء القبض عليهم فيتطلب ذلك اتفاقيات بين البلدان فحتى الآن بحسب عبد الملك النعيم لم يطلب من دول المنطقة تسليم هؤلاء خاصة مع وجود وساطة إفريقية تعمل لحلحة القضايا بين الأطراف. وبحسب متابعين للشأن السياسي بالبلاد فإن المحاكمة غيابيًا وإن كانت لم تحقق نتائج مرجوة بدليل أنهم لا يزالون يمارسون عملهم دون أي موانع تقف فى طريقهم، ويرى الكثيرون من أن المحاكمة وإن أصدرت حكمها إلا أن تنفيذها على أرض الواقع يبدو بعيدًا على أرض الواقع وبحسب المحلل السياسي د. عبد الملك النعيم الذي يرى خلال حديثه ل «الإنتباهة» أن المحاكمة تتدخل فيها المعالجات السياسية في إطار تنفيذ القانون نتيجة لتقديرات المصلحة العامة فالوضع السياسي يحتم الجلوس معهم للتفاوض وهي رفع تدريجي لإجراءات المحكمة وليست لإلغائها وإن توصل الاتفاق معه لدرجة من الاستقرار أكثر مما ستحققه المحكمة، ويضيف النعيم ان العمل بالآليتين لا يزال مستمرً الى ان تحقق كل آلية النتائج المرجوة. فتقديم هؤلاء المدانين ومحاكمتهم غيابيًا الغرض منه اثبات للراى العام والمجمتع الدولى انهم مدانون.. ويتفق مع عبد الملك استاذ العلوم السياسية بجامعة النيلين البروفيسر حسن الساعورى الذى يرى ان الغرض من المحاكمة هو اقناع المجمتع الدولى بان المحاكمين مطلوبينون للعدالة ويؤكد خلال حديثه ل«الانتباهة» قد يكون الهدف من هذه المحاكمة حتى يصبح هؤلاء المحاكمون مطلوبين عالميًا فاذا حوكموا جنائيًا وادينوا فمن حق السودان ان يطلب من الانتربول القبض عليهم وتسليمهم للحكومة، فاذا اقتنع المجمتع الدولى بادانتهم فالمقصود بعد المحاكمة تقييد حركتهم بحيث لا تستطيع دولة ايواءهم.. الا ان هناك آراء تذهب إلى ان محكمة عقار وعرمان غيابيًا لا تخرج من كونها مواقف سياسية لاثبات ان السلطات تتبع القانون فى مقاضاتهم ومحاسبتهم بيد انها فى المقابل تدخل معهم فى حوارات ومفاوضات ربما ستجدى اكثر من المحاكمة غيابيًا. على كل يبقى اصدار احكام غيابيًا على عدد من قيادات التمرد على راسهم رئيس الحركة الشعبية قطاع الشمال ياسر عرمان ووالى النيل الازرق السابق مالك عقار تبقى محل جدل بين القانون والسياسة فطالما طالبت السلطات مرارًا بتقديم عرمان وعقار للمحاكمة واصدار احكام غيابية فى الوقت نفسه تواصل الحكومة التفاوض مع قطاع الشمال والذى يرأسه عرمان، وكما ذهب المحللون فان الحكومة تسعى من جانب التفاوض لتحقيق نتيجة افضل لوقف اى عمليات عسكرية فى منطقتى النيل الازرق وكردفان فان تحقق فى التفاوض ما عجزت عنه هذه الاحكام فإن السياسة بذلك تكون قد انتصرت للقانون.