ما يدعو للأسف حقاً أنه في الوقت الذي شد فيه وزراء العمل من كل الدول رحالهم للمملكة من أجل إيجاد حلول لقضايا رعاياهم، غاب السودان كعادته عن هذا المشهد الإنساني، ولم يهتم بأبنائه المغتربين على الرغم من أنهم استثمار اقتصادي حقيقي للدول التي تعرف قدرهم. إلى متى تظل الحكومة السودانية في سباتها العميق ولا تنتبه لأبعاد هذا القرار بعد انتهاء المهلة المحددة؟ ألا تدري قيمة هذه المهلة في تصحيح أوضاع «80%» من السودانيين العاملين في السعودية والذين يقدر عددهم بمليوني عامل وحاجتهم الماسة لوقوف دولتهم معهم ممثلة في وزارة العمل في هذا الوقت؟ كتبنا وتحدثنا كثيراً من خطورة هذا القرار وآثاره على السودانيين المقيمين بالمملكة العربية السعودية، والذي حسب الإحصاءات سيتضرر منه بعد انقضاء مهلة الثلاثة أشهر أكثر من نصف عدد المغتربين الموجودين هناك وسيتم ترحيلهم للسودان بلا مأوى أو مصدر دخل يقيهم هجير الغربة الداخلية أو مدخرات يستظلون بها من وعثاء الحياة التي هربوا منها، ثم عادوا لها مرة أخرى.. الوقوف إلى جانب الإخوة المغتربين لتصحيح أوضاعهم مسؤولية لا تختص بها وزارة العمل السودانية فحسب، بل تشمل كل الأذرع السيادية ذات الارتباط الوثيق بهذه الشريحة لأهميتها التي يعونها جيداً، ليس لاعتباره بقرة حلوباً كما يطلق عليهم تدر العملات الصعبة لخزينة الدولة فقط، بل لما يمثلونه من واجهة للسودان بالخارج والتي هي انعكاس حقيقي للسودان وحكومته، فالجاليات العربية والآسيوية وغيرها التي اهتمت بها بلدانها، لها كينونتها ولكن ليست كالسوداني الأصيل ذي الباع الطويل في التنمية داخلياً وخارجياً.. ومن هنا نرسل رسالة واضحة وشفافة لوزيرة تنمية الموارد البشرية والعمل وكل الطاقم العامل معها وبها، وأيضاً لجهاز تنظيم شؤون السودانيين العاملين بالخارج وأمينه العام الذي يعي جيداً ماذا تعني معاناة المغتربين والظروف المحيطة بهم ومشكلاتهم التي واجهته بكل تأكيد في يوم من الأيام عندما اختار الاغتراب سبيلاً لمستقبل واستقراره.. أما السفارة السودانية وطاقمها العامل بها لا يألوا جهداً في سبيل إيجاد الحلول بأسرع وقت ممكن، ولكنها لن تكون ملموسة وتستحق الوقوف عليها إن لم تجد اليد المعينة لاجتياز هذه المرحلة التي يمكن أن نصفها بالحرجة إن لم تتكاتف الجهود فيها، وتبذل من أجل الحفاظ على صورة السودان نضرة قبل إنسانه الكريم..