في12/ ديسمبر 1974م انتخب داؤود بولاد رئيساً لاتحاد جامعة الخرطوم في أجواء سياسية عاصفة من النضال الطلابيّ الديمقراطي ضد ديكتاتورية الرئيس جعفر نميري، وانتخب في مواقع قيادية في اتحاد الطلاب حافظ جمعة سهل (الشاعر الشهيد) وبكري عثمان سعيد (عميد كلية الطب بالجامعة العالمية والمحاضر بالجامعات البريطانية) وغازي صلاح الدين (مستشار الرئيس) وسمية أبو كشوة نائب مدير جامعة الخرطوم. أصبح داؤود بولاد رئيساً لاتحاد الطلاب دورة 74/75 لكن امتدت تلك الدورة حتى أغسطس 1977م، بسبب انقلاب المقدم حسن حسين في 5/9/1975م. حيث اتخذ الرئيس نميري الانقلاب الفاشل ذريعة لتصفية الحساب مع الإسلاميين وتصفية معقلهم الحصين في جامعة الخرطوم. فقام الرئيس نميري بحلّ الاتحاد ومطاردة أعضاء الاتحاد الذين تمّ فصلهم مع طلاب ناشطين اسلاميين من الجامعة بقرار جمهوري. كان الفصل لمدة عامين. (كاتب هذه السطور كان عضواً في المجلس الأربعيني للاتحاد). في انتخابات اتحاد الطلاب دورة 74/75 عرفت المنابر الطلابية داؤود بولاد خطيباً مفوَّهاً. وقد سمعت بروفيسور عبد الله الطيب يقول بعد أن استمع إلى داؤود بولاد خطيباً بأن داؤود خطيب مِصْقَع. لكن برغم ذلك فقد كانت خطابة داؤود في المنابر ليست ميزته الأولى. فقد كانت يتخلَّل خطابته فلتات عاطفة جارفة مكلّفة سياسيّاً. مثلاً في إحدى خطبه في مقهي النشاط كان داؤود يتحدث عن الشيوعيين فقال على المايكرفون (سنضربهم بالكلاشنكوف). تلك الفلتات عادة ما يلتقطها (الزملاء في الجبهة الديمقراطية) مثل كامل الطيب (الملكية الفكرية) وأحد كوادر صحيفة (مساء الخير) صحيفة الشيوعيين بالجامعة، ليكتبوا بالخط العريض عن (إرهاب الإخوان المسلمين). وقد ترك د. كامل الطيب الشيوعين وحبذا لو كتب تجربته وانتقالاته الفكرية. كان (الزملاء) أى الشيوعيون (يفترصون أى ينتهزون الفرصة)، كانوا يفترصون فلتات الإسلاميين، مثل فلتات بولاد تلك ليخيفوا الطالبات من (الإخوان الوحوش أعداء المرأة والفنّ والجمال). وقد ظلت داخلية الطالبات لحقبة من الزمن في الإنتخابات الطلابية من نقاط ضعف الحركة الإسلامية. فالطالبات يحببن التعامل الرقيق وأخريات عددهن غير قليل يحببن الوسامة، لذلك بسبب لطف التعامل أو الوسامة. كان جعفر شيخ ادريس والحاج بابا ومحمد محي الدين الجميعابي وزهير عبد الرحمن بلة، يحرزون أعلى الأصوات في داخلية الطالبات في انتخابات اتحاد الطلاب. وذات مرة شوهدت إحدى الطالبات (جبهة ديمقراطية)، حيث قبضتها إحدى (الإخوات) في الصباح الباكر ،وهى تنتزع من لوحة الدعاية الإنتخابية الصورة الفوتغرافية لمحمد محى الدين الجميعابي لتحتفظ بها. وعندما قبض عليها ملتبِّسة بنزع الصورة قالت في ضراعة (أستريني يا ابتسام)!. وقد كان. وتمَّت السُّترة. لا أدري إن كان يمكن القول أن تلك الحادثة اعتراف من الشيوعيين بوسامة الحركة الإسلامية !.وعمّ ذلك (الخير) الأخ امين بناني (الوزير . المحامي) عندما ازدهرت سمعة الإسلاميين في أوساط الطالبات فأصبحن يغنين (أمين بناني... عليك الله... إترشح تانى ... عزَّ الله)!. كان بناني رئيس الاتحاد دورة 79/1980م ، وقد عرف بثقته العالية بالنفس وخطابته وابتسامته الدائمة على وجهه. ولولا قبضة الحزب الشيوعي الحديدية على عضويته من الطالبات لغنين ل (الإخوان)!. كما غنَّت أخريات في الخمسينات (عيون زروق أذونا...). الراحل مبارك زروق هو السياسي الوحيد حتى الآن التى تغنت الفتيات بوسامته. من بعد زروق الإنسان النبيل الراقي الوسيم، هل غابت الوسامة عن السياسة؟. وفي مرة أخرى قال داؤود بولاد في جنحة عاطفية سياسية جارفة بقاعة ال (OLT) بكلية العلوم في اجتماع للفعاليات التنظيمية (الإخوانية) بجامعة الخرطوم في نوفمبر 1979م، حيث كان يجرى التداول حول كيفية التعامل مع (دالي) والجمهوريين، حيث قال داؤود بولاد بعاطفيته الجارفة يجب أن نرميهم من كبرى النيل الأزرق في نهر النيل!. ولو صدر في ذلك الإجتماع قرار تنظيمى بذلك، لأمسك داؤود بولاد ب أحمد المصطفي دالي وقذف به من كبري النيل الأزرق إلى النيل تصحبه الأناشيد العِرفانية (دارُ ريَّا... يا حسنها دار ريَّا.. ساقتِ البسطَ والسّرورَ إلىَّ)...! الأخ إبن عمرو محمد أحمد أخطب خطباء الجامعة وأخطب خطباء السودان، شاعر ولغوى مجيد في العربية والإنجليزية، وأخ فاضل وبطل فارس كبير وعاشق للعطر وتدخين السجائر الفاخرة وشيخ عرب أصيل كريم و (أخوا اخوان) ، ولكن مع تلك المزايا والخصال والمعدن النفيس، لم ينل من الأغاني وإعجاب الطالبات ماناله أمين بناني أو الجميعابي. ولم تنزع طالبة شيوعية واحدة صورته الفوتغرافية للإحتفاظ بها. ابن عمرو كان يعلّق على مثل ذلك بقوله (نحن مثل أبطال الأفلام يحبوننا فقط في الشاشة، ولكن في الواقع لا !). كان (فريضة) تنظيمية غير مكتوبة في جامعة الخرطوم وقتها أن يتزوج الأخ المسلم أخت مسلمة. وكان بعضهم يحنّ قلبه إلى قريبته وهى غير أخت مسلمة فيقول ل (مخارجة) ارتباطه بها: إن ابن عمتها أخ مسلم. وابن عمتها هو نفسه!. تلك كانت من طرافات إبن عمر. وكان حياء الإخوان المسلمين يمنعهم من التعليق على جمال الطالبات فيقولون والله أختنا دى طيبة خلاص!. وكان إذا تقدم أحد (الإخوان) لطلب يد إحدى الإخوات ولم يكن مناسباً معها تقول له أريد أن أستخير. فقال أحد الإخوان إذا قالت لك أريد أن استخير فهذا يعني أنها قد رفعت لك (الشاكوش) لكى (تخبتك)، أى تضربك!. و(شواكيش) الإخوان المسلمين باب واسع من أبواب العلم !... ولله عاقبة الأمور.