تخصيص مستشفى الأطفال أمدرمان كمركز عزل لعلاج حمى الضنك    السودان يتّجه لإغلاق حقل هجليج وإخلاء العاملين    بريطانيا تغلق سفارتها في القاهرة بعد رفع السلطات المصرية حواجز أمنية    والي الخرطوم يستقبل 25 بص تحمل العائدين من مصر للبلاد    فوز مثير لمانشستر يونايتد    رئيس الاتحاد السوداني لكرة القدم ينصف صقور الجديان    حفلة ناقصة (الفنان) وحَافلة ناقصة (السّوّاق)    ريال مدريد يقلب الطاولة على مايوركا    الجنجويدية بنت المهدي    اتهم أبناء قبيلتين داخل الدعم السريع بالتواطؤ مع "الكيزان".. شاهد الفيديو الذي بسببه تم الاعتداء على القائد الميداني للمليشيا "يأجوج ومأجوج" واعتقاله    شاهد بالفيديو.. الفنانة هالة عمر تثير ضجة إسفيرية واسعة وتعرض نفسها لسخرية الجمهور بإقدامها على "حركة" غريبة أثناء إحيائها حفل بالخليج    شاهد بالصورة والفيديو.. مجموعة من الدعم السريع تعتقل القائد الميداني البارز بالمليشيا "يأجوج ومأجوج" وتوقعات بتصفيته على طريقة النقيب سفيان    شاهد بالفيديو.. الفنانة هالة عمر تثير ضجة إسفيرية واسعة وتعرض نفسها لسخرية الجمهور بإقدامها على "حركة" غريبة أثناء إحيائها حفل بالخليج    شاهد بالفيديو.. ظهرت بأزياء ضيقة ومثيرة..حسناء الفن السوداني "مونيكا" تشعل مواقع التواصل برقصات فاضحة داخل كافيه بالقاهرة    شاهد بالصورة والفيديو.. مجموعة من الدعم السريع تعتقل القائد الميداني البارز بالمليشيا "يأجوج ومأجوج" وتوقعات بتصفيته على طريقة النقيب سفيان    بيراميدز يهزم الأهلي بثنائية نظيفة في الدوري    دقلو يؤدي اليمين الدستورية رئيساً للمجلس الرئاسي، وأعضاء المجلس يؤدون القسم أمامه    عودة المحكمة الدستورية قرار صائب وإن جاء متأخراً    ساعات حاسمة ..أرتال عسكرية تتحرك نحو طرابلس    رئيس الوزراء: نهضة مشروع الجزيرة من أولويات حكومة الأمل    علماء فلك يتوقعون توهجات شمسية هي الأقوى منذ بداية الصيف    وزير الثروة الحيوانية: انطلاقة الخطة الاستراتيجية من نهر النيل بإنشاء مدينة للإنتاج الحيواني    صلاح الأعلى تقييماً في لعبة "EA FC 26"    من صدمات يوم القيامة    الطاهر ساتي يكتب: الثغرة الكُبرى ..!!    المريخ السوداني يسميّ المدرب الجديد    حسين خوجلي يكتب: الأمة الشاهدة بين أشواق شوقي وأشواك نتنياهو    اغتيال رئيس نادٍ في إسطنبول    رئيس الوزراء السوداني في الجزيرة    الجنيه السوداني ورحلة الهبوط القياسي    أطنان القمامة تهدد سكان الخرطوم الشرقي    فعاليات «مسرح البنات» في كمبالا حنين إلى الوطن ودعوة إلى السلام    رئيس الوزراء يلتقي أعضاء لجنة أمن ولاية الخرطوم ويشيد بالتنسيق المشترك بين الأجهزة الأمنية    "وجيدة".. حين يتحول الغناء إلى لوحة تشكيلية    قرار جديد من الولايات المتحدة بشأن تأشيرات الطلاب والصحفيين    قال لي هل تحكي قليلا من العربية؟    الغرب يستخدم "سلاح القمح" الأوكراني ضد الحكومة السودانية    اجتماع مهم بين بنك السودان المركزي والشركة السودانية للموارد المعدنية حول عائدات الذهب ودعم الاقتصاد الوطني    شاهد بالفيديو.. "بقى مسكين وهزيل".. ماما كوكي تسخر من الفنان شريف الفحيل بعد تعرضه لهجوم شرس وإساءات بالغة من صديقته التيكتوكر "جوجو"    عثمان ميرغني يكتب: شركة كبرى.. سرية..    ما حكم شراء حلوى مولد النبى فى ذكرى المولد الشريف؟    مشكلة التساهل مع عمليات النهب المسلح في الخرطوم "نهب وليس 9 طويلة"    وسط حراسة مشددة.. التحقيق مع الإعلامية سارة خليفة بتهمة غسيل الأموال    انتشال جثث 3 شقيقات سودانيات في البحر المتوسط خلال هجرة غير شرعية    نفسية وعصبية.. تعرف على أبرز أسباب صرير الأسنان عند النوم    (للخيانة العظمى وجوه متعددة ، أين إنت يا إبراهيم جابر)    الذهب السوداني تحوّل إلى "لعنة" على الشعب إذ أصبح وقودًا لإدامة الحرب بدلًا من إنعاش الاقتصاد الوطني    اتهام طبيب بتسجيل 4500 فيديو سري لزميلاته في الحمامات    طفلة تكشف شبكة ابتزاز جنسي يقودها متهم بعد إيهام الضحايا بفرص عمل    حادث مأسوي بالإسكندرية.. غرق 6 فتيات وانقاذ 24 أخريات في شاطئ أبو تلات    تطول المسافات لأهل الباطل عينا .. وتتلاشي لأهل ألحق يقينا    بوتين اقترح على ترامب لقاء زيلينسكي في موسكو    الموظف الأممي: قناعٌ على وجه الوطن    بعد خطوة مثيرة لمركز طبي.."زلفو" يصدر بيانًا تحذيريًا لمرضى الكلى    الصحة: وفاة 3 أطفال بمستشفى البان جديد بعد تلقيهم جرعة تطعيم    أخطاء شائعة عند شرب الشاي قد تضر بصحتك    تقرير أممي: «داعش» يُدرب «مسلحين» في السودان لنشرهم بأفريقيا    إلى بُرمة المهدية ودقلو التيجانية وابراهيم الختمية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مشروع الجزيرة الهرة التي أكلت بنيها..الدكتور أبو القاسم محمد حبيب الله
نشر في الانتباهة يوم 17 - 08 - 2013

عندما جاء الإنجليز إلى السودان عام (1898م) فكروا في استغلال موارد البلاد وأدركوا بحسهم الاستعماري أن السودان يتمتع بثروات طائلة حيث الأراضي الشاسعة الخصبة ونهر النيل وفرعيه الأبيض والأزرق وقرروا الاستفادة من هذه الإمكانيات.
الشاهد في الموضوع أنهم خططوا لمشروع زراعي كبير لزراعة القطن طويل التيلة وذلك بغرض الاستفادة منه في صناعة الغزل والنسيح في مصانع لانكشير ومانشستر وهي أكبر مغازل موجودة في العالم في ذلك الوقت. ومن ثم بدأوا في استئجار الأراضي من الأهالي وعملوا على إنشاء خزان سنار وذلك لتوفير المياه للزراعة وشقوا الترع والقنوات وأقاموا أكبر مشروع زراعي في العالم تحت إدارة واحدة وتبلغ مساحته حوالى اثنين مليون فدان وكانت المرحلة الأولى وهي مشروع الجزيرة والثانية مشروع امتداد المناقل وكان ذلك بغرض أن يخدم كل أهل الجزيرة المشروع والضمان نجاح التجربة تأخر مشروع امتداد المناقل. ولم يكتف الإنجليز بذلك بل سمحوا للسيد عبد الرحمن المهدي بزراعة القطن في مساحات واسعة على نهر النيل الأبيض مشروعات الإعاشة وكذلك قاموا بزراعة العديد من المحاصيل النقدية والزراعية في الأراضي البور وكذلك عملوا على إنشاء مشروع عبد الماجد الزراعي وغيرها من المشروعات إيماناً منهم بأن السودان بلد زراعي وتتوفر فيه كل الإمكانات الزراعية ولقد استفادوا من هذا الجانب لأنهم أتقنوا الأداء في مشروع الجزيرة.
ولعل من نافلة القول أن نقول إن ذلك التخطيط الرائع لمشروع الجزيرة من إقامة المكاتب والسرايات ومنازل الخفراء على الترع والتي كانت تمثل نقلة حضارية ووقتها كانت البلاد تعيش في أمان دون سلب ونهب ويعيش الناس في الأطراف دون حماية ودون حراسة فهي السبب في نجاح مشروع الجزيرة ويتمثل ذلك في أنه أصبح العمود الفقري لاقتصاد السودان ولقد جاء أهلنا من كل أنحاء السودان من الشمالية ومن غرب السودان وغيرها للاستفادة من خيرات المشروع ولقد استفاد أهل الجزيرة أو أهالي مديرية النيل الأزرق تحديداً من هذا المشروع لأنهم أصحاب الأرض وقسمت لهم الحواشات وأثروا ثراء عريضاً وقتها لدرجة أنهم بنوا منازلهم بالطوب الأحمر بدلاً من الطين واشتروا الثلاجات من شركة النور والراديو وعملوا على تعليم أولادهم وبناتهم وامتلأت جيوبهم بالأموال لدرجة أن أحد الساخرين من ذلك قال إن المزارع كان يوقف صاحب البص ويقول ليه: (بالله بوري بقرشين) يعني أضرب بوري بقرشين.
ظل هذا المشروع العمود الفقري لاقتصاد السودان وازدهرت المدن التي تقع فيه وترعرعت بسرعة ونمت تجارياً وصناعياً نتيجة لتوفر مدخلات الصناعة التمويلية من زيوت وغزل ونسيج، ولعل من المدهش حقاً أن نرى نهضة في صناعة الغزل والنسيج في ولاية الجزيرة ومصانع تجمع الآلاف من أبناء السودان ومشروع يجمع الملايين من أبناء الوطن وكل ذلك تدهور دون أن يجد عناية ورعاية ومصانع ضخمة أصبحت مغلقة سواء كانت في القطاع العام والخاص وانقطع رزق العاملين بها. وكذلك موظفي مشروع الجزيرة الذين هاموا على وجههم.
إن انهيار مشروع الجزيرة وتردي الخدمات به كلف المزارعين كثيراً حيث أصبحوا ليس في مقدورهم مواصلة الزراعة نظراً لارتفاع تكاليف الزراعة وأصبح العمل فيه للذين لديهم المال والقدرة على العمل بأيديهم كأجراء أو شركاء. وإذا سألت عن التمويل من البنك فإنه يمتص معظم ما يدره المزارع من ربح وبالتالي يتعرض للخسارة أي المطالبة من الجهة الممولة وقد يدخل السجن ولم يخرج حتى يسدد ما عليه من ديون.
إن مشروع الجزيرة هو رائد الزراعة في العالم ولا يحتاج من الحكومة إلى بذل جهد كبير وهو ضمان لغذاء أهل السودان كما أنه يوفر لهم الكساء ويخدم كثيراً من العمالة والبطالة في السودان. وأنا أراهن على أنه ثروة أكثر من البترول والذهب والمعادن الأخرى فعلينا أن ننوع الموارد ونستفيد من هذا المشروع الضخم الذي ورثناه من الاستعمار بل هو الحسنة الوحيدة التي استفاد منها أهل السودان من الاستعمار الإنجليزي.
نرجو من الدولة ونخص في ذلك وزارة الزراعة وولاية الجزيرة أن تسعى إلى إعادة المشروع إلى حيويته ونشاطه وطريقته التي بدأ بها ونُدخل أساليب الزراعة الحديثة من ميكانيكا وتقاوي محسنة وأسمدة غير ضارة ومفيدة للزراعة وحل قضايا المزارعين وإعادة كل الخدمات ثم نعود إلى المشروع نفسه ونتعرف على المزارع النشط والجاد في زراعة الأرض لأن الأرض لمن يفلحها لأن كثيراً من الأراضي في داخل المشروع وهي بور كان أن هناك جماعات لم تهتم بالزراعة وهي تملك حواشات داخل المشروع ومنحت لهم من قبل الدولة لاستثمارها وليس للامتلاك والبيع والشراء، إن خبايا المشروع كثيرة وإن مشروع الجزيرة والمناقل يحتاج إلى دراسة متأنية وبحث كامل وإن هذا لا يتأتى إلا في ظل إدارة قوية وممتازة وناجزة ومبدعة في الأداء والإنجاز والحسم وإصدار القرارات التي تخدم المشروع والمزارعين والعاملين فيه.
ويجب أن نعلم أننا دولة زراعية ولقد أنعم الله علينا بنعمة كبيرة من أراضٍ خصبة وماء ري مستديم فعلينا أن نستغل هذه الإمكانات ونعمل على تطويرها وتنميتها من أجل بناء السودان الجديد سودان الغد وسودان الأجيال وإلا فسوف يكون مشروع الجزيرة هرة تأكل بنيها وذلك نظراً لتدهور الخدمات من ري وعدم وجود تقاوي وأسمدة لتحسين الأرض فأرجو من الدولة الاهتمام بهذا الأمر لأنه عصب الحياة لأهل السودان ألا فعلت الدولة ذلك.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.