يبدو أن كل المحاولات المستميتة من قبل المواطن لمنع رفع الدعم عن المحروقات ستذهب بالتأكيد أدراج الرياح وتضيع سدى في مقابل الإصرار التام من وزارة المالية التي حشدت كل قواها لتمرير القرار من المجلس القيادي للمؤتمر الوطني والموافقة عليه والاتجاه للبرلمان لإجازته ومن ثم مجلس الوزارء ليصبح حقيقة وواقعًا ملزمًا المواطن أن يتعايش معه بغض النظر عن الآثار السالبة للقرار وهي لا تحتاج لذكاء أو عبقرية لشرحها سواء للحكومة ومسؤوليها أو للمواطن العادي الذي لا علاقة له بالعمليات الاقتصادية المعقدة ولكنه ببساطة يعلم علم اليقين أن المعاناة ستتضاعف من أجل الرزق الحلال وسوف يزداد ضنك المعيشة في ظل تردي الوضع الاقتصادي العام بشكل عام فالحكومة تصر على رفع الدعم عن المحروقات لتسد الفجوة في الموزانة فلماذا لا تلجأ لخفض مرتبات الدستوريين والوزراء عسى ولعل أن يتقلص الفارق؟ ولماذا لا تلجأ ذات الحكومة لخفض البعثات الدبلوماسية والوزراء ووزراء الدولة؟ فبدلاً من أكثر من كم وسبعين وزيرًا يصبح لدينا وزراء لا يتجاوزون أصابع اليد الواحدة؟ ما الحاجة لهذا العدد الهائل من الوزراء وأي أعمال يقومون بها إذا كان الاقتصاد يتهاوى يومًا بعد يوم وماهى الدواعي للعدد الكبير من المستشارين والوكلاء والمديرين العامين في مؤسسات الدولة؟ ولماذ لا يتم التطبيق الفعلي لحظر استيراد فاخر الأثاث والسيارات للدولة وإنهاء التعاقدات الشخصية في الوظائف بمليارات الجنيهات لتذهب للخزينة العامة بدلاً من ذهابها لأشخاص بأعيانهم. ولماذا لا تتجه الحكومة إلى تخفيض الإنفاق العام على المؤسسات والمرافق الحكومية بدلاً من التطاول في البنيان بمزيد من المباني المشيدة بالأسمنت وبأحدث الطرق وتجليدها ب«الكلادن» الفاخر؟ ولماذا يتم تجاهل مليارات الجنيهات المجنبة من المال العام والتي تذهب هدرًا على حساب الموازنة؟ ولما يتم التجاهل عمدًا لآراء ذوي الاختصاص من الخبراء والكفاءات الاقتصادية المتخصصة والتي تحاول جل سعيها المساهمة في حل الأزمة الاقتصادية بطرح بدائل أخف وطأة من رفع الدعم عن المحروقات؟ لماذا تتمادى الحكومة ووزير ماليتها في إثقال كاهل المواطن بمزيد من الأعباء المالية في مقابل العيش الكريم الذي تقطعت بنا إليه السبل منذ عهد بعيد في تجاهل متعمد للمعاناة والرهق من أجل البحث عن «اللقمة الحلال» والحكومة والوزير يعلمان تمامًا بأن شُح الموارد وتغلغل الفقر في مفاصل المجتمع وغلاء الأسعار وارتفاع الدولار من نتائج سياساتها الخاطئة التي لم تتقدم بالاقتصاد الوطني قيد أنملة بل على العكس عملت على توسيع الهوة وارتفاع معدلات التضخم وانتشار الفقر وتراجع عمليات التنمية وأدخلتنا نفق المنح والقروض حتى الربوي منها. فإلى متى تتعامل الحكومة بعقلية عقيمة متجاهلة توسع وتمدد معاناة الوطن والمواطن؟ ومتى تغير نهجها الذي تسير عليه لترسم خطة جديدة للتعامل بحنكة مع الأزمات الاقتصادية التي تُمسك بخناق البلاد وتستعين بالله سبحانه وتعالى أولاً ومن ثم بما تبقى لها من عقل لتتراجع عن إنزال كارثة رفع الدعم على رأس المواطن مباشرة. إذًا فقطع شك إما سيدخل المواطن في غيبوبة تامة ويُذعن بقبول القرار أو ينتفض غضبًا ليعبِّر عن رفضه للأمر بثورة غضب تتجاوز «المسكنة والاستسلام ليعلن رفضه القاطع لتلك السياسات الرعناء التي لم تدع إليه سبيلاً للعيش الكريم.