لم يعد من العسير تمييز بروز السمات الجديدة في البعدين الدولي والشرق الأوسط.. فقد شهدت المنطقة العربية في بعديها الإفريقي والآسيوي منذ تفكك الاتحاد السوفيتي ومروراً بحرب الخليج الأولى والثانية ثم اضطرابات ما يعرف بالربيع العربي، فقد أصبحت الدول العربية غير مستقرة في شؤونها الداخلية أي كانت السياسية أو الاجتماعية أو الاقتصادية والأمنية.. وتأثرت بالفعل الدول العربية والإسلامية في ظل أحكام هيمنة مطلقة للولايات المتحدةالأمريكية على مصائر كل الدول وتحكمها فيها.. فأصبحت الآمر الناهي الذي لا مرد لإرادته.. ومن غير المنظور أو المحتمل ظهور دولة كبرى منافسة لهذا النظام الأحادي.. فروسيا مهما كان تجديد بنائها ومحاولة توحيد صفها فهي أصبحت بلا حول ولا قوة لأنها منهارة اقتصادياً، ومهما كانت قوتها العسكرية في ظل الوضع الاقتصادي الراهن أن تقف أمام المد العسكري الأمريكي.. فلقد انتشرت مراكز التدريب العسكرية للبنتاغون في كل مفاصل المعابر الدولية وتوزيعها الإستراتيجي لأسلحة الدمار الشامل.. كما أن الصين مهما كانت عقيدتها العسكرية وانفجارها السكاني ونمو اقتصادها المضطرد.. فإن دخولها في أي حرب كونية سيكون مصيرها التفكك وتنقسم إلى جذر نائية غير قادرة على حماية وحدتها أو نظام حكمها.. كما أن الحال بالنسبة لدول أوروبا واليابان فهي لا تنفك من تبعيتها لأمريكا، أما دول العالم الثالث والدول العربية على وجه الخصوص فقد يلفها عجز وانهيار كامل أمام أمريكا والدولة الإسرائيلية لقد استطاعت إسرائيل في ظل الهيمنة الأمريكية أن تقسم العالم العربي والإسلامي إلى ثلاثة محاور وهي: { المحور الأول وهذا يمثل المصالح الأمريكية والاقتصادية والإستراتيجية ومصالح النفط والملاحة الدولية وهذا ينطبق على كل مناطق البحار الدافئة.. وهي ما تطلق عليه الولاياتالأمريكية بالمصالح الحيوية حيث أفردت لها أهمية قصوى وهي مستعدة لحمايتها باستخدام القوة العسكرية المفرطة من أجل حمايتها وهذه المصالح الحيوية هي: 1/ الأمن الإسرائيلي: الحفاظ على الأمن الإسرائيلي منذ قيام الدولة اليهودية وعلى امتداد كل الحكومات والإدارات الأمريكية المتعاقبة منذ حكم ترومان إلى اليوم مع حكم أوباما القادم من أحراش إفريقيا.. كما تقوم الولاياتالمتحدةالأمريكية باستمرار الدعم المالي والعسكري حتى على صعيد الأسلحة الإستراتيجية وأسلحة الدمار الشامل. 2/ دعم إسرائيل في ممارساتها الوحشية ضد السلطة الفلسطينية والشعب الفلسطيني باعتبار أن إسرائيل هي الحليف الإستراتيجي للولايات المتحدةالأمريكية. 3/ العمل على تفكك الأنظمة العربية ودعم الخيارات القطرية الذاتية وذلك بهدف تعميق التجزئة بين دولها وذلك من خلال تهميش النظام الإقليمي العربي وجعل القرار العربي المشترك يمر عبر واشنطن كما تعمل أمريكا لإشراك إسرائيل في نظام إقليمي جديد سمّاه شيمون بيريز «الشرق الأوسط الجديد» وما يحدث الآن من حراك «الربيع العربي» ما هو إلا مخاض للشرق الأوسط الجديد». 4/ منع قيام قوة إقليمية جديدة تنافس في المنطقة مثل إيران أو روسيا أو الصين. 5/ تفتيت الدول العربية التي تقع بالجوار من إسرائيل وشل إرادتها العسكرية مثل العراق وسوريا وتركيا. 6/ القضاء على المنظمات العربية الدولية والإقليمية حتى لا تعمل على توحد الدول العربية. 7/ حماية أمن واستقرار منطقة الخليج العربي والذي يساعد أمريكا على حماية مصالحها خصوصاً النفط والأمن الإسرائيلي بمنع أي تدخل خارجي يعكر صفو هذا الاستقرار. 8/ الحفاظ والإبقاء على استقرار الأنظمة المعتدلة تحديداً السعودية والأردن والخليج العربي. 9/ إيقاف المد الإسلامي «الأصولية الإسلامية» والمقصود من ذلك إيقاف الدعوة الإسلامية وحصارها بشكل عام.. كما اتخذ من كتابي «صمويل هنجتن» عن صراع الحضارات وكتاب فرنسيس فوكاياما نهاية التاريخ والكتابين من تدبير أجهزة المخابرات العالمية.. مبشرة بهيمنة النظام الليبرالي على العالم بعد سقوط الشيوعية. 10/ كما اتخذت من الفوضى الخلاقة لإبادة الشعوب العربية المسلمة ولمحاصرة ما يسمى بالإرهاب وتدمير البنيات التحتية للدولة وانهيار النظام الاقتصادي وإيقاف التنمية والتعليم وإفقار الشعوب وتفشي الأمية والأمراض الوبائية. 11/ خلق جديد يبني حياته على العنف والكراهية وكراهية الأوطان. 21/ كانت تخطط الولاياتالمتحدةالأمريكية لعملية بناء سلام بين العرب والكيان الإسرائيلي وسعت لذلك منذ عام 1991م أي منذ مؤتمر مدريد إلا أنها أسبقت ذلك باقصاء كل الشركاء الدوليين حتى يتاح لها الضغط على الأطراف العربية لتجبر العرب لتطبيع علاقاتها مع الكيان الصهيوني قبل الوصول إلى تسوية لقضية الشرق الأوسط. 31/ مشكلة الطاقة النووية الإيرانية: لا تستطيع الولاياتالأمريكية ولا الكيان الإسرائيلي بشن أي هجوم على إيران وذلك للأسباب التالية: أ/ أمن الخليج العربي والدول المطلة عليه باعتبار أي هجوم على دول مجلس التعاون الخليجي سوف يقلص الوضع الأمني للولايات المتحدة ويضر ضرراً بليغاً بالمصالح الأمريكية ويربك القوة العسكرية الممثلة في القواعد الأمريكية في المنطقة ولا سيما القطع البحرية الأمريكية. ب/ وضع مصر الآن أربك حسابات عملية السلام والسياسة الأمريكية وأثّر ذلك على بؤر عدم الاستقرار في دول المغرب العربي وشمال إفريقيا، لأن هنالك نظم واتجاهات معادية للولايات المتحدةالأمريكية. 14/ تعول أمريكا على رصيد إستراتيجي مهم مع تركيا لأن نظام الحكم فيها علماني لمجتمع مسلم وموالية للغرب كما أن قربها من جمهوريات آسيا الوسطى المسلمة والتي تمتلك موارد طاقة كبيرة وإرث مهيب من منشآت وأسلحة نووية تسعى لها أمريكا لملء الفراغ بعد تفكك الاتحاد السوفيتي. ٭ السودان وإسرائيل ومتغيرات مؤتمر اللاءات الثلاثة: { إن ثورات الربيع العربي.. أحدثت تغيرات غير مفيدة للعالم العربي وأولها عدم استقرار الدول التي شهدت هذه الثورات.. كما أنها أحدثت أوضاعاً// جديدة وأهمها عدم الاستقرار الأمني والاقتصادي.. وبذلك استبدلت أمريكا وإسرائيل مشروع السلام بين الدول العربية والكيان الصهيوني لحل مشكلة الشرق الأوسط بالفوضى الخلاقة والتي نجم عنها: أ/ إضعاف الوحدة العربية. ب/ إن الدور المرتجى من الأنظمة الإسلامية بوصولها إلى سدة الحكم لم يحقق طموح الشعوب المسلمة التواقة لحكم الشريعة الإسلامية. ج/ لقد أصبح الوضع في كثير من الدول العربية لا هو بالإسلامي ولا بالعلماني ويظهر ذلك واضحاً في عوامل الجزر بين النظام الحاكم والأحزاب ذات التوجه العلماني. ولقد أضر ذلك بمصائر الشعوب وأقعدها عن أي تطور أو طموح.. فهنالك الفقر الواضح في معظم الدول الإسلامية.. والمرض وعدم الاستقرار الأمني وانعدام التنمية.