لا شك أن مصطلح كلمتي «أصلي وتجاري» في قطع غيار السيارات أو غيرها أصبح مألوفاً. فقد درجت معظم محلات قطع الغيار على كتابة كلمة أصلي في لافتاتها وبالتالي هي عادة ما تزيد السعر كثيراً بحجة أن الأسبير أصلي، الأمر الذي يضطر طالب الخدمة بالشراء رغم أنه لا توجد مرجعية واضحة لتحديد ما هو أصلي وما هو تجاري. كما أن بعض الإعلانات التجارية عندما تروج تحذر عملاءها من التقليد وتشير إلى العلامة الخاصة بها، وفي خضم هذه المساجلات وتلك الإدعاءات الترويجية يتوه المستهلك وما عليه إلا وأن يشتري. وفي العام الماضي قال رئيس لجنة الشؤون المالية والاقتصادية بالمجلس الوطني عمر علي الأمين حسب ما نقلت عنه الزميلة «ألوان» آنذاك، إن التشريعات الحالية لا تقوي عمل الهيئة ولا تضع المواصفات في موقف القوة أي هيئة المواصفات كما هو مراد بها، وأضاف بعض مديري الأجهزة التنفيذية يستغلون سلطاتهم لمنع فحص السلع لكن هل قصد رئيس اللجنة بعبارة مديري الأجهزة التنفيذية تحديداً أم أنه قصد نافذين في مواقع أخرى أكثر سلطاناً ونفوذاً من هؤلاء المديرين؟ بيد أنه مهما يكن فإن فتح الباب أمام السلع المضروبة أو غير المطابقة للموصفات فضلاً عن أنه يمثل تجاوزاً أخلاقياً معيباً، فهو يشكل ضرراً على مستخدمي السلع وعلى الاقتصاد الوطني الذي ينهكه استيرادها سيما فهي لا تعمر طويلاً بل قد لا تعمل مطلقاً، فمثلاً هناك الكثير من لمبات الإضاءة ما أن يتم تركيبها حتى تعطي ومضة خاطفة ثم تسلم الروح وهناك «بلك» الكهرباء الذي يتحطم «بهبشة» عابرة من مفك، أو سلك كهرباء يحترق قبل أن يتحرك الكهربجي من مكانه بعد جهد طويل بذله ومبلغ باهظ دفعه صاحب المنزل، ثم هناك الماسورة البلاستيكية المخرمة كالغربال، والحذاء الذي تنخلع أرضيته بعد قدلة إعجاب قصيرة، لكن المشكلة في السروال «أبو تكة» فهو لن يحتمل شبحة خاطفة داخل حافلة أو صراع ركوب في بص الوالي، ثم البسكويت أبو رسوم جميلة الذي لن يتمكن صاحبنا أبو سنون طورية من التعامل معه رغم أسنانه البلدوزرية فهو من فصيلة الدوم البسكويتي، أما التونة فهي لم تعد كما كانت قطعة لحم متماسكة وشهية فالآن فهي شرائح عائمة بطعم غير لطيف ورائحة منفرة فإذا كنت من أصحاب المعدة الحساسة القاعدة على الهبشة فلك خياران إما أن تتناول هذه الوجبة بالقرب من الحمام تحسباً ًللمشاوير المتوقعة أو تتأكد من وجود مستشفى أو مركز صحي قريب، أما قطع غيار السيارات فإن مخالفات المواصفات فيها قصة طويلة من الصعب أن يتسع لها هذا المقال، وودت لو كان المعلم الميكانيكي أبو عضل موجوداً معي أثناء كتابة هذه السطور فهو كان سيقول لي يا معلم تعرف أنا مرة عملت عمرة عربية تعبانة بتاعة موظف كحيان، والمسكين كلما أطلب منو أسبير قلبو ينخلع لمن يعرف سعره ويجيني ويقول لي الأصلي غالي شغل لي ده أمشي به حالي، المهم يا معلم بعد «15» يوما قدر المسكين يكمل الإسبيرات الفالصو وأنا ظبطه العمرة في ثلاثة أيام وصاحبنا المسكين جاء اليوم الأخير وحضر التسليك وانبسط أربعة وعشرين قيراط ولمن دورت الماكينة كان داير يطير من الفرح، وقال لي شكراً يا معلم أنا شايف العربية دي زي نقطت موية من العادم معناه أنت ظبطها صاح والأسبيرات القال ما أصلية طلعت ظابطة وده أظنه كلام تجار ساكت، وقام صاحبنا ركب عربيتو ودفع قيمة المصنعية وركب الظلط وبعد ثلاثة أيام أشوف ليك من بعيد دخاخين قلت يمكن في دبابة ماشة في الشارع ولا كومر بتاع تراب، علي الطلاق كمينة طوب وماشة ولمن قرب ألقى صاحبي ذاتو الما يغباني نازل من عربيتو وما دي بوزو مترين، وقال لي دي عملية تعملها يا معلم ، أنا طوالي انفصمت فيه وقلت له أسمع يا أستاذ أنت ما كنت واقف معاي لمن نزلت ليك الأسبيرات الجبتها براك، قال لي أيوه فعلاً لكن الحاصل شنو؟ قلت ليه الأسبيرات مضروبة يا أستاذ وأنا نصحتك قلت ليك أبعد من المواسير ما سمعت كلامي. ونحن بدورنا نتساءل من يتحمل وزر الموظف الغلبان؟ أكيد جماعة النافذين ديك ونتمنى عندما يتم كشفهم أن تصادر سيارتهم وأن تستبدل بسيارة بيجو مكوي قديمة وتتعمر بأسبيرات مضروبة ويطلبوا منهم بعد داك يركبوا الشارع وتكون كل شغلتهم الذهاب لصحابنا أبو عضل هو يعمِّر وهم يدفعوا والبادي أظلم.