قاد الطالب من الجن المسلم زميله الطالب من البشر إلى زيارة أهله دون أن يدري الطالب المدعو أن زميله ليس أنسياً، وعندما وصل إلى النيل قال له اغمض عينيك فوجد نفسه أمام منزل واسع وبه أثاثات جميلة، واستقبله والد الجني الشاب فرحب به وتناول الطعام معهم وأكل حتى شبع وعند العودة طلب منه أيضاً أن يغمض عينيه، وحين سأله عن حقيقة الأمر اعترف له بأنه من الجن ويعيشون في مكان ما بعد النهر. هذه الحكاية يرويها بعض الطلاب في ولاية شمالية وصدقوا حدوثها باعتبارها حدثت يوماً ما في إحدى مدارس الولاية، لكن بالطبع لا يعرف أحد اسم الطالب المزعوم وفي أية مدرسة كان يدرس وأين يسكن ومن هو الراوي الحقيقي لها. كلها أسئلة بديهية لم تخطر ببال الطلاب أو غيرهم من الذين يرددونها، لكن مع ذلك فهم يصدقونها وكأنها حقيقة بالفعل. وقبل أيام قليلة أشارت صحيفة «حكايات» عن حكايات يرويها بعض العاملين في إحدى الفضائيات الولائية عن جن يعبث بالأجهزة ويعطل بعضها «باين عليه البرامج ما عجبهم»، لكن يبدو أن الهجمة الجنية المزعومة لم تؤثر في حظ المدير العام الذي نال ثقة الدوائر المسؤولة وتم ترفيعه بتحميله مسؤولية أكبر «باين عليه جني ما بتاع ضر لكن بلعب وبس». ولعل السؤال الذي يطرح نفسه دائماً لماذا يلجأ الكثيرون إلى عوالم الجن ويحمولونهم الكثير من أخطائهم وعثراتهم وتقصيرهم، ويبدو أنه كلما ضاقت مساحات النجاح وضاقت سبل الحياة المادية يفزع الناس إلى الحلول الغيبية المتعلقة بعالم الجن بدلاً من التعلق بالأسباب المادية والتوكل على الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، فبعض لاعبي الكرة الفاشلين يريدون أن يصيبوا المرمى بمساعدة الجن، والموظف الفاشل يريد أن يتخطى المتفوقين بالكجور، والعاشق المرفوض الأناني يريد أن يطوع إرادة الفتاة بحبال الشيطان. وقبل سنوات علقت على أكاديمي دعا إلى الاستعانة بالجن لإحداث النهضة المنشودة في إحدى المؤتمرات المشهودة في بداية الإنقاذ فقلت (يبدو أن «...» قد أفزعته التحديات الكبيرة التي تواجه بلادنا فأراد أن يختزلها بالجن). وفي العام 2009 تحدثت بعض الأوساط الشعبية عن خرافة حكتها بعض الصحف تحدثت عن امرأة تدعى حواء لها ذنب، أرعبت سائق ركشة، ومن المنتظر أن ينداح الخيال كثيراًربما تحدث البعض عن حكايات مصاصي دماء على طريقة أفلام دراكولا القديمة أوالنسخ الجديدة من مصاصي الدماء في أفلام الشباك الأمريكية التي سيطرت على الساحة السينمائية مؤخراً، وربما سارع صاحب كاميرا فيديو من أم الحفر الجوانية بتصوير صديقه المنخشم أبو شلاضيم بعد إضافة حبر أحمر على رقبته المعروقة ثم يبعث بها على عجل إلى اليوتيوب فيتداولها أصحاب المنتديات على النت ثم تسري الحكاية أسرع من مركبة أبولو إلى القمر، وعندما يقرؤها أبو قفطان في كفر الترتار يقول لأصحابه السودانيين «بعد ده ما أظنوش تاني تقدروا تقولوا ان السودانيين ما بيكالوش الناس» فيحاول السودانيون بمنطقهم القوي وطيبتهم الناصعة إفهام أبو قفطان دون جدوى، وبعد أيام قليلة سيقدم عضو الكونغرس إستيفن فالصو مقترحاً بإجراء فحص عاجل لأي سوداني للتأكد من أن أسنانه لم يسبق أن استعملت في مص دماء بشرية وبصفة خاصة أمريكية أو إسرائيلية، وستتلقف الصحافة الأمريكية الدعوة وستكتب صحيفة هناك أن دعوة السيناتور«فالصو» لا بد من التعامل معها بجدية وأنه يجب أيضاً إدراج أسنان اليمنيين والصوماليين والأفغان لفحصها جيداً بواسطة الأشعة فوق البنفسجية للتأكد من عدم خطورتها وحتى إذا ما دخولوا ينبغي إخضاعهم أيضاً للمراقبة اللصيقة بواسطة الكاميرات الألكترونية لمراقبة أي نشاط محتمل تفرزه الجينات الوراثية الخطرة وستعقد فتاة من جماعة «الفلكصة» المعارضة مؤتمراً صحفياً في باريس تقول فيه إنها نجت بأعجوبة من حملة مص منظمة تقوم بها الحكومة السودانية بقيادة المؤتمر الوطني وإنه إذا لم يتدخل المجتمع الدولي لإنقاذ الضحايا في مص الدماء الحارة سيتواصل ولا بد أولاً من إرسال قوات دولية لإيقاف حملة المص كما لا بد أن تقوم المنظمات الأجنبية بتزويد الضحايا بدماء لتعويضهم، كما ينبغي أن تبعث الولاياتالمتحدة مبعوثاً جديداً له القدرة على معرفة نوايا مصاصي الدماء وخلاياهم والمليشيات التي يستخدمونها لجلب الضحايا وستتم تغطية المؤتمر الصحفي للحسناء «المتفلكصة» بواسطة معظم الوسائط الإعلامية العالمية وهي تشير إلى رقبتها التي تعرضت لعمليات خدش ومص فاشلة لكن أبو عراقي أصلي عندما يشاهد هذا المشهد سيقول «علي الطلاق شوف عيني المفعوصة دي رقبتها خدشتها شوكة في غابة السنط مع ...»، وسيضحك الجميع وسينخفض ضغطهم الذي رفعته المتفلكصة بتاعت السنط. أما حاج إبراهيم سيقول«يا جماعة والله أخير لينا نسمع حكاية أم ضنب من جنس الكلام ده» لكن حاج سراج الظريف قال لصديقه المحينة «والله أنا خائف صاحبك إدريس العندو سن زي الطورية يعتقلوه في مطار نيو يورك ويصوروا أضراسو الملولوة دي ويودوه غونتنامو مكلبش زي كلبنا بوبي» ويضحك الجميع بصوت عال ثم يتحسسون أسنانهم قبل الانصراف.