حاج إبراهيم عُرف بصراحته الشديدة التي كثيراً ما تدخله في كثير من المشكلات ولكنه لا يبالي برد الفعل مهما كان رغم نصيحة كثير من العقلاء هناك. وكانت مواقفه يتندر بها أهل المنطقة في مجالسهم خاصة في مناسبات الأفراح. وذات يوم جاء أحد أصدقائه يحمل طفله الصغير مريضاً وعندما سأله حاج إبراهيم عن مرضه قال له إنه معيون، فرد عليه حاج إبراهيم سريعاً: ولدك المسينيح ده البسحرو منو؟ فغضب الرجل غضباً شديداً ولم يرد عليه ولكنه أعلن لكل أصدقائه أنه قاطع حاج إبراهيم للأبد، والغريب أن حاج إبراهيم لا يعبأ أبداً بهذه المقاطعات، ولكن إذا تدخل الأجاويد للصلح فهو لا يتردد في قبوله ولكنه لا يعتذر أبداً بحجة أن ما يقوله صحيح، وكان الأجاويد يهمسون له قائلين: نحن عارفين كلامك صحيح لكن ما أي حاجة بتقال. بل لم يكن يعبأ حتى بعمدة القرية، فذات يوم عندما قدموا العمدة ليؤم المصلين لأن الإمام الراتب كان غائباً صاح قائلاً: هوي ما تقدموا العمدة ده ماكل واطاة حاج حمد، وفجأة تكهرب الجو وارتبك العمدة ولكنه رغم ذلك تقدم للصلاة وأم المصلين وعندما انتهت الصلاة قال العمدة يا جماعة المطلش ده ما في زول يسمع كلامه، لكن رد عليه حاج إبراهيم سريعاً وقال: مطلش لكن بالورق. وهنا ارتبك العمدة وانصرف غاضباً . بل أن صراحة حاج إبراهيم تسببت في إفشال زواج ابنته، فعندما أتى له صديقه الحميم حاج حسن طالباً يد ابنته لابنه وبعد أن استقبله استقبالاً طيباً بحرارته المعهودة نظر إلى خطيب ابنته الشاب وقال له: طبعاً يا ابني أنا ما بعرفك لأنك طلعت بدري بلاد بره لكن غايتو من عويناتك دي باين عليك حبرتجي دحين خلوني استخير وأنا فراستي دائماً ما بتخيب. وهنا استشاط حاج حسن غضباً وقال لحاج إبراهيم: وفر استخارتك عليك نحن ذاتنا ما لازمانا بتك. ورغم تدخل الأجاويد إلا أنه رفض وخرج من منزل حاج إبراهيم غاضباً وتبعه ابنه حزيناً. ومن طرائف حاج إبراهيم أنه حين استمع لأحد السياسيين يخطب في قريتهم إبان الانتخابات ويعد الناخبين بتقديم الخدمات، قاطع الخطيب وصاح بصوته القوي: يا ناس بلاش وعود ما بتتحقق، المرة الفاتت قلت حتبنوا لينا مدرسة كبيتوا الطوب وكبيتوا الزوغة لحدي هسي ما عايزين تبنوا لينا مدرسة ولا مسجد، نحن عايزنكم تدخلوا لينا الكهرباء في المشاريع وترخصوا لينا السماد والتقاوي وبعد ده نحن أي حاجة بنعملها برانا، لكن قبل أن يرد الخطيب انقسم الحضور بين مؤيد بشدة لحاج إبراهيم وساخط عليه، حتى أن حاج حسن اصطحب مرارته معه وقال يا جماعة الراجل ده ما تسمعوا كلامو يعني لا خيرو لا كفاية شرو، ولولا تدخل الأجاويد لانقلبت الساحة إلى معركة بالعكاكيز ولسالت الدماء. بيد أن من أطرف ما يُروى عن طرائف حاج إبراهيم روي أنه شهد ذات يوم صلاة الاستسقاء في المدينة التي تتبع لها قريتهم، وأخذ ينظر للسيارات الفارهة المصطفة حول مكان الصلاة وعندما شاهده أحد مواطني قريته قال لأصدقائه: حاج إبراهيم حضر ربنا يستر ويجيب العواقب سليمة، وعندما بدأت الصلاة انطلقت نغمات الموبايل هنا وهناك من جانب المصلين الذين كانوا يرتدون ملابس فخمة بعضهم جلابيب باهظة الثمن بعضها مصحوبة بقفطان فخم وشال مذهب، والبعض الآخر كانوا يرتدون بدلاً أفرنجية وبمجرد ما سلم الإمام، صاح حاج إبراهيم قاطعاً الصمت قائلاً بصوت عال: هوي يا ناس عليَّ الطلاق صلاة بالموبايلات والعربات السمحة ما أظنها تجيب غير الكتاحة، الأمر الذي جعل الكثيرين يضحكون بشدة في حين أن البعض المعنيين بالحديث اكتفوا بالهمهمة الغاضبة، غير أن حاج إبراهيم لم يعبأ لأي رد فعل وسارع بلبس مركوبه المتواضع وقال وهو ينصرف: واطاتكم أصبحت يا ناس كان راجين ليكم مطرة من الصلاة دي.