هذه الرسالة جاءتني من الأخ عاصم بن علي طالب الله مؤسس الحركة الإسلامية في السودان.. أفسح لها المجال إكراماً لصاحبها ولوالده العزيز: المهندس/ الطيب مصطفى إنها تحية الإسلام علينا وعليكم وعلى بلادنا السلام، حسرتي على ذلك الزمن الجميل زمن الخير والنفير والعطاء السلس النبيل عطاء يستدرجه النفاج ولا يحده من بركات السماء حائط، عطاء غير محدود، لا من عند عطائهم ولا بعد عطائهم جحود.. عطاء يسد الثغور ويرفع العاني ويفك الأسير ونوره يشع للطريق.. عطاء يتتبع الخلل ويداوي العلل، عطاء لخزائن ينميها العمل وينهكها البذل في سبيل الله لا انتظار فيه لكائن من كان ليملأها ولكن لتملأها خزائن السماء.. عطاء يجعل كل من يمسه يقوم متفرغاً لإقامة خلافة الله في الأرض.. فهل من مجيب؟ إنه أخي نحسها دوماً بين سطور «زفرات حرى» على ذلك الزمن الجميل تستصرخ فينا الضمير وتنادي حيّ علي العطاء!! وآخرها كان في «رفقاً بهؤلاء سيدي الرئيس» أي والله إن الخلاص في العطاء وإنه النصير للنزيل داخل الأسوار، والنزيل خارج الأسوار، والنزيل في دار المايقوما ومصحات العلاج النفسي والإدمان والنزيل تحت المجاري، والنزيل في هاوية فعل الجنوح وصعود الانتحار والنزيلات في ساحات العوز يتخذن الرذيلة مطية للعيش والنزيل .. النزيل! إنه يا أخي عظيم، ذلك الإنسان الذي كرمه الله، وجعل له دولة ذات سيادة، له حقوقه وعليه واجباته وهو يحمل من القدرات الممنوحة له من بارئه سبحانه ما يجعله قادراً على أن يمارس حقه في فعل الخير، تلك هي عظمة الإنسان، بل لهذا صار الإنسان إنساناً الفردية لا تعمل ولا تستطيع أن تعمل في عزلة لأنها ملتحمة بالوشائج الإنسانية كلها وهنا ترتقي علاقة الإنسان بالإنسان كما يريدها الإسلام. إن الإنسان حينما يؤدي واجباته وينجز مسؤوليته في مستوى القيم الصالحة ينير عصره ويرتقي بها جيله ويحتسب هذا واجب يكون له كأنه عاش الإنسانية كلها عاملاً معها وفي سبيلها عطاء لا ينقطع كما الصدقة الجارية.. قال تعالى: «فأما من أعطى واتقى «29/5» وصدق بالحسنى «29/6» فسنيسره لليسرى «29/7» وأما من بخل واستغنى «29/8» وكذب بالحسنى «29/9» فسنيسره للعسرى «29/01» صدق الله العظيم. هذا هو ميزان العطاء قدر الإنسان عند ربه مساوٍ للقدر الذي يعطيه للحياة والأحياء، فالعطاء ليس قاصراً على الكم والكيف والنوع بل في كل بذل من أجل المجتمع.. مطالب الإنسان أن يعطي ما يستطيع لذلك سبيلاً.. قال تعالى: «أفرأيت الذي تولى «35/33» وأعطى قليلاً وأكدى «35/43» صدق الله العظيم. قال تعالى: «الذي يؤتى ماله يتزكى «29/81» وما لأحد عنده من نعمة تجزى «29/91» إلا ابتغاء وجه ربه الأعلى «29/02» ولسوف يرضى «92/12» صدق الله العظيم. العطاء هو الواجب الذي يربط المجتمع والتعبير عن الواجب بالعطاء يجعله عملاً من أعمال الضمير لا من أعمال القانون ويجعل الرغبة لا الرهبة مصدره لأن الذي تحول الإلزام لديه إلى شغف والواجب إلى عطاء يكون قد بلغ من توفيق الله له ونعمته عليه الشأو العظيم الذي يجعل حياته كلها هدية الله إليه.. العطاء والبذل في سبيل الخير والمجتمع هو ذاك المعيار الذي يحدد شرف الإنسان وانعكاس عطائه السديد من أجل الحق والخير والحرية. كل أمجاد الأرض لا تغني شيئاً عن الإنسان الذي يأخذ ولا يعطي وإذا أعطى كان عطاؤه زيفاً وغشاً وكل أمجاد الحسب والنسب لا تغني عن صاحبها شيئاً ما لم يكرمه الله ويشرفه بالتوفيق لأن يعطي من خير نفسه وعمله.. حين تقوم العلاقة بين أفراد المجتمع على نسق الخير والعطاء ينال الفرد حقه في الحرية والإرادة والاختيار والعيش بسلام كما ينال المجتمع حقه في الولاء والتعاضد والإيثار وتصبح الحرية بركة على المجتمع وعوناً له فتصبح سيادة المجتمع سيادة للفرد ونماء لوجوده. هذا هو نهج الإسلام في المجتمع وحين تسير الأمور على هذا النسق يحيا الناس حياة راضية وحين ينقطع العطاء يجور البعض على البعض ويطغى المجتمع على الفرد ويفقد الولاء المتبادل بينهما إرادته ورشده.. وحينها تناديهم كلمات ربهم «إن الله لا يظلم الناس شيئاً ولكن الناس أنفسهم يظلمون» صدق الله العظيم. عاصم علي طالب الله الشيخ ورسالة أخرى من الأخ حسن أحمد حمد حول المنبر ودوره في المستقبل تعقيب على مقال الأخ الطيب مصطفى في جريدة السبت 9/7/1102. الأخ الكريم الباشمهندس/ الطيب مصطفى السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، زفراتك الحرى يا أخي الطيب بالسبت 9 يوليو 1102 هي شهادة مكتملة الوثائق لما كان سياسيونا يفعلون بنا وبإخوتنا عساكر ومدنيين على مدى طويل تجاوز الستين عاماً وسياسيونا هؤلاء كانوا وما زالوا كالنعام تدفن رؤوسها في الرمال والأمر واضح كالشمس. «دعني أرفق لك تقريراً أعده اللواء الركن معتصم عبد الوهاب بتاريخ 8/6/5002 عقب اتفاقية نيفاشا والذي يتناول بالتحليل العميق خطاب جون قرنق في احتفالات الحركة الشعبية بعيدها الثاني والعشرين بمدينة رومبيك، وفيه من الحقائق والرؤى ما يذهل!! والطريف أنني سلمت هذا التقرير بنفسي لأخ مسؤول كي يسلمه لجهاز الأمن، ومن ذاك الوقت لم أسمع ولم يسمع اللواء معتصم أي رد فعل، بل لعله كتب عليه «عُلم ويُحفظ» إن كان قد سلم أصلاً!!». والآن ثم ماذا بعد؟ هلا بحثنا عن لم شمل أهل سوداننا الشمالي الجديد وتوحدهم؟ إني أراك يا أخي الكريم تحدث أهلنا عن الشمال المسلم، وحكومة الشريعة، وهي حقاً ركيزتنا للتوحد والاعتصام بحبل الله جميعاً وتكوين أمة قوية لا تنهار ولا «تنبطح» كما تقول في تعبيراتك خفيفة الظل!! ولكن دعني أسألك: أما آن الأوان لقلمك البتار هذا أن ينبري لمحاربة الفساد والظلم حرباً لا هوادة فيها ولا مجاملة لمسؤول أو قريب أو ابن قبيلة؟ أخي: أقول لك إن نداءً للشريعة بلا راية خفاقة للعدل هو نداء أبتر. وإن نداءً للشريعة بلا مسيرة لرفع الظلم الموجود حالياً ويثير غبارها كل أنحاء البلاد.. هو نداء أبتر. «لقد تبسمت بسخرية وأنا أراجع قبل يومين مداولات المجلس الوطني حول ديوان رفع المظالم». وإن نداءً للشريعة بلا سيف بتار يصول ويجول حرباً على الفساد بلا هوادة هو نداء أبتر. أقول: بغير ذلك أرى الدعوة للشريعة التي هي أملنا في الدنيا ورصيدنا للآخرة إن شاء الله اقول إنها مبتورة، والرأي العام لأهلنا المسلمين في منازلهم ومنتدياتهم ومساجدهم يصيحون ويجأورن ويطالبون بهذا كله ولكن أهلنا المسؤولين في مختلف درجاتهم يصمون آذانهم ويستغشون ثيابهم ويصرون ويستكبرون استكباراً، وكلهم يحمل شعار: «أنا لا أُسأل عما أفعل»، وقد سبقهم من تحدى ولم يستح وقال أكثر من هذا بكل البجاحة.. ولم يُسأل!! أخي: أرى أنه قد حان موعد قيام منبر السلام العادل بدوره منطلقاً من مسؤوليته الدينية والوطنية، وليتذكر قول رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم ما معناه: «إنما هلك الذين من قبلكم أنهم إذا سرق فيهم الشريف تركوه وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد.. والله لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطع محمد يدها».. أخي: هذا حديث عن عشم جاد في منبر العشم هذا، ولن أكتفي بهذا النداء بل أضع نفسي تحت إمرتكم جندياً كما كنت جندياً في قواتنا المسلحة الشامخة الأبية.. مدافعاً ومحارباً ولا أتراجع، ولا أمنح نفسي «استراحة محارب»! .. حتى يكتب لنا القوي العزيز المقتدر بإذنه وبعونه النصر أو الشهادة. وبارك الله فيكم، ولنتعشم في التوفيق من القوي العزيز أن يهدينا سبيل اليقين والسداد والمصابرة.