كان الوزير مقرباً من السلطان.. وكان السلطان يستشير وزيره الحكيم المتفائل دائماً في كل أموره.. والوزير كان يحسن الظن في الله، ويتدبر العواقب، ويفتي سلطانه في كل الأمور حتى ان السلطان اصبح لا يستمع لأية وشاية تصل إليه لتفرق بينه وبين الوزير. ولكن دوام الحال من المحال. وتأتي الرياح بما لا تشتهي السفن. وبالرغم من أن الوزير كان يجيب السلطان حتى وإن حصل مكروه يطمئنه قائلاً: حصل خير.. أو «لي خير» ٌٌٌإلا ذلك اليوم الذي غضب فيه السلطان غضباً شديداً من وزيره. ودخله الشك.. وبدأ يصدق وشاية الواشين. وصادف ذلك حينما المت بالسلطان مصيبة كبيرة قطعت أحد أصابع يده اليمنى. فجاءه الوزير مواسياً وملطفاً ليقلل له من وقع المصيبة وقال قولته المعهودة: «حصل خير يا حضرة السلطان» قال له السلطان:«كيف تنظر لفقداني احد اصابعي بانه خير»؟ فأمر السلطان بسجن الوزير. فرد الوزير على امر حبسه هذا قائلاً أيضاً: «برضو حصل خير يا حضرة السلطان»!! وبعد أيام من ذلك الحادث خرج السلطان مع بعض حاشيته للصيد والنزهة.. وحينما توغلوا بعيداً عن السلطنة صادفوا قوماً كانوا يقيمون احتفالاً لتقديم قرباناً لآلهتهم حسب معتقداتهم، وهو ان يقدموا لذلك افضل ما يكون عليه القربان فوجدوا في ذلك السلطان ضالتهم، فاعتقلوه وهموا بذبحه قرباناً لآلهتهم. إلا ان احد كهنتهم لاحظ ان اصبع السلطان مقطوعاً وقال لهم لا ينبغي ان نقدم للآلهة قرباناً ناقصاً! فأوقف تنفيذ الذبح واطلقوا سراح السلطان الذي عاد مسرعاً ليفك أسر وزيره بعد ان زاد فيه ثقة جراء ما حدث له من معجزة. وعقب وصوله لقصره امر باطلاق سراح الوزير فوراً في احتفال كبير، وحينما قربه إليه ودنا منه سأله: «قد علمت أن قطع اصبعي كان خيراً عميماً مخبأً لي ليكون فدية لحياتي كلها. ولكني سمعتك وأنت تقول لي حينما أمرت بسجنك ايضاً: «برضو لي خير».. كيف يكون في سجنك خيراً؟ فرد الوزير قائلاً: نعم يا حضرة السلطان لو انك لم تكن قد سجنتني لاصطحبتني في اسفارك كعادتك دوماً، ولوقع الاختيار عليَّ باعتباري وزيرك الاول والاقرب لتقديمه قرباناً لآلهتهم الفاسدة. ولكن العناية الالهية التي لا يعلمها الا الله، أنك قمت بسجني وكان السجن خيراً. حكمة هذه الموعظة انها تطمئننا إلى حسن الظن في الله في كل ما يصيب المؤمن خيراً او مكروهاً.