إذا كانت إتاحة هامش الحريات العامة الراهنة قد وضعت القوى السياسية الحاكمة والمعارضة تحت محك الاختبار والامتحان فيما يتعلق بإظهار مدى ما لديها من قدرة على إثبات الجدارة المؤهلة لها للاستفادة من ذلك في تحقيق المزيد من الالتحام بالجماهير، والتعبير عن الهموم المعيشية الصعبة والضاغطة عليها، وغيرها من القضايا والشؤون الوطنية الأخرى الملحة والشديدة الوطأة في المجالات والجوانب الداخلية والخارجية المترابطة والفاعلة والمتفاعلة والمؤثرة والمتأثرة ببعضها البعض. وذلك إضافة لإثبات مدى ما لديها من قدرة على إثبات الجدارة المؤهلة والمسعفة لها في المساعدة على الإبداع في ابتكار وابتدار الحلول العلمية والعملية والموضوعية اللازمة والمطلوبة والمأمولة والمنشودة في سبيل المعالجة الناجعة والناجحة لكل الأزمات المتفاقمة والمتصاعدة والمتفجرة. إذا كان ذلك كذلك فيما يتعلق بالاختبار والامتحان الناجم عن إتاحة هامش الحريات الراهنة بالنسبة للقوى السياسية الحاكمة والمعارضة، رغم أن النتيجة المباشرة التي أسفرت عن نفسها حتى الآن قد جاءت محزنة ومؤلمة ومفجعة ومؤسفة، ولم تكن دافعة للآمال المعلقة عليها والمتفائلة بها، حيث لم تتمكن هذه القوى من إظهار ما يدعو لذلك بطريقة مقنعة وهادفة وباعثة للتفاؤل بما لديها من قدرة وخبرة في الوصول إلى معالجات ومعادلات صالحة للخروج بالبلاد من المآزق التي ظلت محيطة بها ومخيمة عليها على مدى الفترات الطويلة المنصرمة والحقب المختلفة لأنظمة الحكم المتعاقبة على سُدة مقاليد السلطة منذ الحصول على الاستقلال الوطني والخروج من الاستعمار البريطاني الأجنبي في منتصف القرن الميلادي العشرين الماضي وحتى الوقت الحالي والذي يسود إجماع على تصنيفه باعتباره هو الأسوأ في معرض المقارنة مع جميع الأنظمة الوطنية في العهود والعصور السابقة. إذا كان ذلك كذلك فيما يتعلق بما ظهر حتى الآن عن مدى وجود قدرة لدى القوى الوطنية الحاكمة والمعارضة على إثبات وإظهار ما لديها من خبرة مؤهلة ومسعفة للاستفادة من هامش الحريات الراهنة المتاحة للمساعدة في تحقيق معالجات ناجعة للأزمات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والحضارية الجامعة والجامحة والمستفحلة والمستعصية على التسوية، فإن الذي يسعدنا رغم هذا فيما يتعلق بنا في مهنة الصحافة التي ننتمي لها ونعتمد عليها وننطلق منها للمساهمة في أداء دورنا والقيام بواجباتنا المتعلقة بالاهتمام بالقضايا والموضوعات والهموم والشؤون الوطنية الكبرى والضاغطة والملحة، والتعبير في كل ما يتصل بذلك عن تفاعلنا في هذا مع جماهير شعبنا الكادحة والمكافحة والمناضلة والمجاهدة بكل أجيالها وفئاتها، إضافة إلى الاعتماد على هذه المهنة، وبناء على هذا المعنى وهذا الفهم لها كوسيلة وسبيل لكسب المعيشة الشريفة وتدبير الاحتياجات الخاصة بنا وبأسرنا الصغيرة والكبيرة. والذي يسعدنا في سياق هذا الإطار لممارستنا لهذه المهنة في الصحافة التي يحلو لنا أن نصفها ونطلق عليها أنها «صاحبة الجلالة» تعبيراً عن الاعتزاز والافتخار بالانتماء إليها، هو أنها قد تمكنت بالفعل من إثبات القدرة والخبرة المؤهلة لها والمحفزة على زفها لاعتلاء عرشها والتربع في المكانة السامية والرفيعة اللائقة بها في ممارستها للتأثير الشديد الوطأة على السلطة الحاكمة والقوى الوطنية المساندة والمعارضة لها. وقد زادت سعادتنا في بلاط صاحبة الجلالة لأن هامش الحريات الراهنة والمتاحة قد تزامن مع ظهور إرادة ساهمنا في ترويجها وتسويقها وبلورتها فيما يتعلق بما يجري في الوقت الحالي من تزايد متصاعد في التصدي للفساد والدعوة للقضاء على المفسدين، وهو الأمر الذي نعتبره بمثابة شهر عسل لن ينتهي بالنسبة لصاحبة الجلالة وهي تعتلي عرشها بناء عليه.