ورغم ردودنا العلمية الواضحة والدامغة لجهالات الكاتب المدافع عن الشيعة الرافضة د. عبد الرحيم محيي الدين إلا أنه يأبى إلا يجود من كيسه المعهود بجمل من الشتائم، فقد تكلّم عن الوهابية وتخلفها ورددتُ عليه بمقال: «وقفات مع د. عبد الرحيم محيي الدين» ولما كان لا يملك معلومات يدفع بها ما كتبتُه في ردي عليه وليس له نصيب في نقاش موضوعية وحوار علمي فإنه كتب مقالاً نشره ببعض المواقع بعنوان: «عارف الركابي والوهابية والوصاية الأمريكية» ملأه بالشتم المعهود والسبّ المعتاد منه، وذكر في مقاله براءة عن كتاب الكافي للكليني فرددتُ عليه بمقال: «كتاب الكافي بين الخادع والمخدوع» بينت فيه أنه كتاب عمدة لدى الشيعة الروافض ونقلت له النقول الكثيرة وبيّنت أنه إما خادع أو مخدوع، ووجب عليه الرد العلمي لكن فاقد الشيء لا يعطيه.. ولمّا نشر عني وعن الشيخ سعد كذباً مبيناً في والشمس في كبد السماء ونسب إلينا أن القراء لا يعرفون عن الشيعة إلا بسبب ما ننشره ، رددتُ عليه بمقال: «نَجِر عز الضُّهُر» بينت فيه بالأدلة الواضحة أنه قد افترى علينا الكذب. وفي عدد هذه الصحيفة الذي نشر قبل أمس الخميس كتب هذا الكاتب المسكين ما يلي: «نقطة نظام: ختاماً لا بد أن نعترف أن غياب الحركة الإسلامية عن أداء دورها القديم في قيادة المجتمع والتربية والتوجيه في مؤسسات المجتمع ومؤسساته التعليمية وانصراف جل أعضائها وراء تنفيذ سياسات الحزب الحاكم ودفاعها عنه بالحق والباطل هذا جعل المجتمع ومؤسساته نهباً لجهلاء الوهابية الذين شوّهوا الدين وقدموه في صورة ينفر منها كل من يبحث عن الحق والحب والجمال والسلام.. فهم منذ دخولهم إلى السودان لم يخرجوا من مقابر حمد النيل ولم يتجاوزوا القبة والضريح والشيخ والتوسل والكرامة في الوقت الذي يجهلون فيه الاجتماع والاقتصاد وليست لهم ثقافة غير التكفير واتهام النوايا حتى تجرأ بعضهم على الهجوم على المصلح الاجتماعي الشيخ البرعي فأصدر شريطين سماهما «حقيقة برعي السودان».. إن نبتة الوهابية الشيطانية التي غرسها الجاسوس البريطاني جفري همفر هي التي قدّمت الإسلام بصورة منفرة.. فمتى تعود الحركة الإسلامية للقيادة والريادة حتى تطرد من مساجدنا البوم والحمران والرخم؟». قلتُ: كلامه لا يرقى لأن يبذل في الرد عليه وقت ويهدر فيه مداد، لكن لإكمال جوانب المقالات التي سبق نشرها في هذا السياق فأقول: أولاً: عجبي من تناقض قوله عن الحركة الإسلامية في قوله: «التعليمية وانصراف جل أعضائها وراء تنفيذ سياسات الحزب الحاكم ودفاعها عنه بالحق والباطل» هذا حكمه على الحركة الإسلامية ثم يريد من هذه الحركة الهالكة بوصفه والتي تدافع بالباطل عن الحزب الحاكم بشهادته يريد منها أن: «فمتى تعود الحركة الإسلامية للقيادة والريادة حتى تطرد من مساجدنا البوم والحمران والرخم ؟».. وهذه الجزئية من التناقض الفاحش في انتظاره الخلاص ممن يشهد بأنه ينصر الباطل ويدافع عنه هي من بدهيات ما يجود به الكاتب عبد الرحيم في ما يكتب. ثانياً: الأشرطة التي سمّاها هما شريطان لي أصدرتهما عام 2002م قبل وفاة البرعي واجتهدت في أن يسمعهما، وهما لا يزالان يتداولان على مستويات كبيرة وانتظر من أي شخص كان نقداً علمياً، فإن كان للكاتب نقداً علمياً عليهما فليأتِ به وإلا فليحسن الإنصات، وليدع الطريقة الرخيصة في غرضه المعروف في إثارة الفتن والتشويش فعمودي اسمه الحق الواضح وما أنقد به وأحاور فيه وأناقشه أطرحه للعامة بوضوح وجلاء تام وأرحب بالنقد العلمي الذي لم نجد لدى الكاتب المدافع عن الرافضة منه نقير ولا قطمير. ثالثاً: كذب الكاتب في دعواه أن السلفيين لم يخرجوا من مقابر حمد النيل والقبة والشيخ، فهذا الحصر مخالف للحق والحقيقة وهو من النماذج التي تضاف لمقال: «نجِر عز الضُّهُر»، فالسلفيون جهودهم واضحة ومعلومة في الدعوة والتعليم والعمل الخيري، وقد بينتُ سابقاً بعض إنجازات السلفيين في بلادنا. فمن أبرز ذلك: الثبات على المبادئ والأصول التي قامت عليها الدعوة السلفية التي من أهمها: تحقيق العبودية لله وحده، والتعريف بحق الله تعالى الذي خلق لأجله الخلق أجمعين، والتحذير من نقيض ذلك وهو إعطاء هذا الحق العظيم لمخلوقين خلقهم الله كغيرهم من المخلوقين لعبادته وطاعته، والاجتهاد والحرص لإرجاع هذا الحق الذي سلبه أناس وادعوه لأنفسهم ووعدوا الكثيرين بوعد الغرور ليتحقق لهم هذا العدوان على أعظم الحقوق، وهذا العدوان إن لم يدرك الكثيرون هو أعظم جريمة تقع على ظهر الأرض ،ولذلك فقد رتّب الله على هذه الجريمة أموراً كثيرة منها الخلود في النار وعدم دخول الجنة وذلك هو الخسران المبين، ولما علم السلفيون خطورة هذه «الجريمة» وهي صرف حق الله لغيره من المخلوقين، ولمحبتهم للخير لغيرهم كمحبتهم للخير لأنفسهم اجتهدوا في النصح وبذلوا الجهود الكثيرة والمتواصلة لأداء الأمانة في هذا الجانب الخطير. ومن المبادئ التي ثبت عليها السلفيون ولم يغيّروا ويبدلوا فيها: نصرة النبي الكريم محمد بن عبد الله عليه الصلاة والسلام ، وتقديم محبته على غيره من سائر المخلوقين، ومحبته تقتضي وتوجب: طاعته فيما أمر واجتناب ما نهى عنه وزجر وتصديقه فيما أخبر وعبادة الله بما شرع، فصدق محبته عنوانه ومظهره ودليله: التمسك بما صحّ من سنته والعمل بها والحرص عليها، ونشرها بين الناس، ودراسة سيرته وهديه، والاجتهاد في الاقتداء به عليه الصلاة والسلام، فمن الإنجازات في هذا الباب التركيز على قضية «خير الهدى هدى محمد صلى الله عليه وسلم»، فليس للسلفيين لوائح وأجندة ومواد ودساتير من وضع البشر يجتهدون في نشرها في المجتمع، ويحرصون على التزام الناس بها، وإن أكبر ما يعتنون به: هاتين القضيتين، فإن منهاج الدعوة السلفية يرتكز على هاتين الركيزتين الأساسيتين المهمتين «إخلاص الدين لله الخالق سبحانه وتعالى، ومتابعة النبي الكريم وعبادة الله بهديه وطريقه وسنته»، ولا يعني ذلك أن كل من انتسب للدعوة السلفية هو كذلك ويثبت على ذلك!! فكلامي هنا على «المنهج» وليس على «الأفراد والأشخاص» إذ حديثي عن منهاج وأصول الدعوة السلفية. ومن إنجازات السلفيين اهتمامهم وعنايتهم بالناحية العلمية، فقد أقيمت المعاهد الشرعية، وأضافوا لمهام مراكز تحفيظ القرآن الكريم: تدريس العلوم الشرعية كالتفسير والحديث والعقيدة والفقه والسيرة وغيرها ، وهذه دروسهم معلنة وهذه محاضراتهم التي لا تتوقف في سائر أيام العام في المساجد شاهدة تبرز اهتمامهم بالتأصيل العلمي، وبناء الأحكام على الأدلة من القرآن وما صحّ من سنة سيد ولد عدنان عليه أفضل الصلاة وأتم السلام، فلا تعرف مجالس العلم عند السلفيين رمي الكلام على عواهنه دون سنده بالأدلة والحجج والبراهين، وظهر جلياً عناية السلفيين بتراث الأمة العظيم مما ورثته من الصحابة الكرام والتابعين وتابع التابعين الذين شهد لهم النبي عليه الصلاة والسلام بالخيرية، وظهرت عنايتهم بتراث الأئمة الأربعة وغيرهم من علماء المسلمين الذين شهدت لهم الأمة بالاجتهاد والتحقيق العلمي وسلامة وصحة الطريق، وحُقّ لمن سلمت أصوله واستقرت على منوال واحد وأخذت من مورد ومعين قائم على: «قال الله قال رسوله عليه الصلاة والسلام» فسلموا من التناقضات ، وتعافوا من التلون «ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافاً كثيراً».. ولك أن تضع كمثال لذلك موقف السلفيين من الحاكم وتنظر في هذا الجانب في أصوله وتفاصيله لديهم وترى علاقتهم بالحاكم وما يستندون إليه في ذلك من النصوص الشرعية فليست مواقفهم قائمة على المصالح الشخصية أو الانفعالات العاطفية أو المواقف السياسية أو التكتلات الحزبية، ولك أن تنظر في واقعهم ومسيرتهم في هذا الجانب وغيره لتزداد يقيناً أنهم: آووا إلى ركن شديد.. ومن إنجازات السلفيين المُشَرِّفة: مشاركتهم لمجتمعهم وسعيهم لخدمته؛ وقد ضربوا مثالاً رائعاً في هذا الجانب، فلك أن تسأل عن عدد المساجد التي أقيمت في السنوات الماضية في العاصمة والولايات، في القرى الصغيرة والكبيرة، ولك أن تسأل عن عدد المراكز الصحية وعدد المستشفيات والمدارس التي اجتهد السلفيون في إقامتها، ولك أن تسأل أيضاً عن عدد الآبار التي تم حفرها، وعن الأيتام المكفولين وعن أئمة المساجد والمؤذنين والمحفظين والمدرسين الذين تمت كفالتهم أيضاً ليقوموا بدورهم في النصح والتوجيه والتربية على محاسن الدين والتصحيح في المجتمع، واجتهدوا في إقامة هذه المشروعات؛ كما اجتهدوا في نشر المصحف الشريف والكتب النافعة وأسسوا مكتبات علمية في جهات عديدة، وحتى المواد الإغاثية كان لهم نصيب كبير في توفيرها للمتضررين في مناطق عديدة، متحملين هم الشفاعة الحسنة لدى أهل الخير والبر والإحسان، باذلين وقتهم وجهدهم في خدمة أهلهم وإخوانهم، ولم ينتظروا ممن قاموا بمساعدتهم جزاءً ولا شكوراً، كما لم يشترطوا في دعمهم لهم ووساطتهم في ذلك تحقيق ولاءات شخصية أو حزبية ، والواقع خير برهان ودليل في ذلك ، فلسائل أن يسأل عن هذه الثمار اليانعة وهذه الجهود العظيمة «فاستغلظ فاستوى على سوقه» ليسأل عنها في شمال وجنوب وشرق وغرب ووسط البلاد وعاصمته، لتحدثه الإنجازات والمشروعات الضخمة ودور العبادة والعلاج والتعليم قبل أن يحدثه الأشخاص. ومن إنجازات السلفيين سعيهم للدعوة والإرشاد بالحسنى، وبالتي هي أحسن، ولذلك فقد قبلهم المجتمع ،فوجدوا القبول الكبير في مختلف الجهات ولدى كل شرائح المجتمع وفتحت لهم المساجد والمنابر، فالجهود الدعوية للسلفيين قد انتشرت في المدن والقرى وفي الأسواق والمساجد والجامعات وغيرها، وقد اجتهد السلفيون في الإنكار عبر منابرهم على أهل الغلو وجماعات التكفير، فقامت المناظرات التي يعرفها أهل الاختصاص في ذلك، وتم تبيين منهج الوسطية والاعتدال الذي هو دين الإسلام الذي أرسل الله به محمداً عليه الصلاة والسلام للناس كافة، ولذلك فقد اعتدى التكفيريون على السلفيين وسالت الدماء البريئة في مساجد للسلفيين بسبب هذه الجهود الموفقة والمحاصرة العلمية القائمة على الحجج والأدلة. ومن إنجازات السلفيين سعيهم للإصلاح في المجتمع بقدر وسعهم، ودعوتهم لجمع الكلمة على الحق وبيان خطورة التحزب والتفرق ودعوات العنصرية والقبلية والجاهلية التي هي من أشد وسائل الفتك بالمجتمعات، ومن إنجازاتهم تفاعلهم مع قضايا المجتمع ودعوتهم للأخلاق الكريمة وتحذيرهم من التصرفات الخاطئة في الأسواق وفي المظهر العام وفي الوظائف والأعمال وغير ذلك.. وشهادة المجتمع لهم على مستوى الراعي والرعية من الأمور المعلومة وليسوا هم ببوم ولا رخم ولا حمران كما جاء في شتم الكاتب المدافع عن الشيعة الذي يثبت بما يكتب سبب تأثره بالتشيع، وتأثير التشيع فيه فإنها ملة لا تحسن أكثر من السب والشتم واللعن كفانا الله شرهم.