الكاريزما.. الجاذبية الكبيرة والسحر والحضور الطاغي والقدرة على التأثير في الآخرين إيجابياً وأحياناً سلبياً كما يفعل بعض الزعماء في العالم وكما يفعل الإعلام الغربي في صناعة حضور خرافي لنجوم لا يساوون شيئاً.. يشغلون بهم عقول وأفئدة الشباب والمراهقين ويصبحون مثلاً أعلى لهم في السلوك والمظهر والوجدان. ومن بين النماذج الإيجابية التي خلّدها التاريخ القائد صلاح الدين الأيوبي محرر القدس من الصليبين وبطل حطين.. شخصية ذات حضور طاغٍ في التاريخ، عُرف بأنه قائد إسلامي عظيم وفارس وبطل شهد بأخلاقه أعداؤه قبل أصدقائه، وأشهر أصحاب الكاريزما نابليون بونابارت وكان أنموذجاً للكاريزما الحاضرة ورمزاً لا يضاهى في السياسة والعسكرية رغم أنه كان قصيراً بشكل مفرط ولكن وكما كتب كانت الكاريزما التي يتمتع بها تتجلى في عينيه.. وقيل عنه إن كاردينلا جاءه للاتفاق معه حول أمر ما ووضع على عينيه عدستين خضراوين ليخفف بهما وهج عيني نابليون وحملقته.. والجنرال فاندام اكبر مساعدي الامبراطور اعترف بخوفه من أثر عيني نابليون الشبيه بأثر التنويم المغناطيسي، وغاندي ومانديلا وعبد الناصر وجعفر نميري كل من هؤلاء كان لديهم شىء من كاريزما مع اختلافها وتفاوتها.. سواء فى المظهر او اسلوب الحكم او منهج الحياة الذي اتخذه او حتى فى صوته وعمقه!! وبعد ان ظن الناس ان عصر القيادة الكاريزماتية قد مضى خاصة مع وجود ثورة الاتصالات والتلفزيون والبث المباشر الذي يفضح القادة والرؤساء والمشاهير فى المجتمع ويسجل زلات لسانهم ومواقفهم ويظهرهم اناساً عاديين وتزول منهم هيبة الكاريزما التى نفترضها او نضعها فيهم بصفتهم القيادية.. جاء التركي رجب أردوغان واثبت صحة ان النجاح والإنجاز صارا شرطين لا غنى عنهما للقيادة الكاريزماتية، الى جانب الشخصية الجاذبة والمؤثرة. ولا يكفى فقط ان نصنع قادة بالتلميع المزيف والشحذ الاعلامي، وهذا ما يجسده أردوغان تركيا الذي عندما سُئل عن سر النجاح وهو الذى انتشل بلدية اسطنبول من ديونها التى بلغت ملياري دولار الى أرباح واستثمارات وبنمو سبعة فى المائة قال: لدينا سلاح الايمان.. لدينا الأخلاق الاسلامية وأسوة رسول الإنسانية عليه الصلاة والسلام. معنى الكاريزما هو التفضيل الالهى او الهبة من الله.. فهي تولد مع الشخص، وباستثناء أردوغان ماذا لدينا من كاريزما قادة خاصة بعد أحداث الربيع العربي التي اجتاحت الوطن العربي وهزت ما هزت من كاريزما مصطنعة او مفتعلة لقادة عرب! لم يقدموا شيئاً سوى لأنفسهم ولأهليهم، مستغلين النفوذ والسلطة والكاريزما ثم أطيحوا وأطيح زيفهم وانقلب السحر على الساحر.. هل مازال هناك من يمتلك تلك الكاريزما؟ وهل فى استطاعتنا أن نتلمس تلك الكاريزما؟!