انقضت أيام عيد الفطر المبارك وعاد الناس إلى سائر أعمالهم وهم اكثر إيماناً وثقة في ان قادمات الايام ستكون أفضل من سابقاتها بإذن الله وأن ما يكبل أبناء السودان عن المسير قدماً بالحوار الوطني إلى آفاق السلام والاستقرار إنما هو من عوارض البلايا، وبالأمس وفي خطبة الجمعة بمسجد القادسية بمحلية شرق النيل دعا د. حسن الترابي المفكر والزعيم الإسلامي المعروف الى التأمل في واقع المسلمين اليوم والنظر بعين الاعتبار الى ثمار الخلافات التي ضربت المسلمين في عدد من البلدان مثل العراقوسوريا واليمن وما يجري حالياً في ليبيا قريباً من ديار السودان وما تعانيه البحرين وغيرها من الدول من صعوبات بسبب الخلافات والإحن، وأضاف الترابي الذي خطب الناس وأمهم لصلاة الجمعة ثم أتم عقدي قِران نجل وكريمة الأستاذ أزهري محمد السنوسي شقيق القيادي الاسلامي البارز ابراهيم السنوسي أن أشواق أهل السودان نحو إتمام عقد الحوار الوطني وتوثيق ميثاقه تدفعها شواهد وبلايا ما يجري في تلك البلدان من تفرق وشتات واحترابٍ ومشاهد دموية يومية توثقها شاشات القنوات الفضائية. وتحدث الترابي مطولاً في تفسير سورة (الجمعة) وما فيها من العبر والبينات والتصوير الفني والتوثيقي لحياة الامة قبل وأثناء الدعوة وكيف ان المسلمين اليوم اتبع غالبيتهم ما كان يتبعه بنو إسرائيل من الضلال والحمل الكاذب للتوراة والإتجار بالدين وانتقد الترابي محاكاة العديد من المسلمين في تدينهم لليهود والنصارى وترجيحهم كافة المكاسب الدنيوية على ما عند الله وشن الترابي كعادته حملة ساخرة على المعتدين على المال العام الذين لا يتقيدون بالضوابط الشرعية ويريدون الاسترخاء والركون الى المغانم حلالها وحرامها طالما انها آنية تأتيهم في ساعتهم وقال ان كثيرا من الناس نسيو ربهم فانساهم أنفسهم والواجب على الجميع ان يتدبر في مكاسب شهر رمضان وما خرجوا به من ثمرات التقوى والتساؤل عن هيئة الإيمان في خواتيمه وما اذا كانت مشابهة لما كانوا عليه في مبتدا الشهر الكريم، وطوف الترابي متحسراً على ما يجري في غزة وسكوت حكام وزعماء الامة العربية والاسلامية على ما يجري فيها من تقتيل وسفك للدماء. إن مضامين خطبة الترابي لصلاة الجمعة أمس يمكن تلخيصها في نقاط مهمة تلبي أشواق اهل السودان الساعين الى إنجاح مسيرة الحوار الوطني باعتباره صمام الامان الذي يعصم البلاد من الانجراف وراء الخلافات مثلما جرفت الخلافات الشعوب من حولنا فاحتكموا الى البندقية وتفرقوا أيدي سبأ ومزقهم الله شر ممزق حتى وكأنما انطبق عليهم قول القرآن الكريم في سورة الدخان (كَمْ تَرَكُوا مِن جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ (25) وَزُرُوعٍ وَمَقَامٍ كَرِيمٍ (26) وَنَعْمَةٍ كَانُوا فِيهَا فَاكِهِينَ (27) كَذَلِكَ وَأَوْرَثْنَاهَا قَوْماً آخَرِينَ (28) فَمَا بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّمَاء وَالْأَرْضُ وَمَا كَانُوا مُنظَرِينَ) ومن المهم الإشارة هنا إلى أن غالب الثورات العربية التي اندلعت في بعض البلدان سبقتها دعوات سلمية للحوار والجلوس لحل الازمات ولكن وعلى ما يبدو ان بعضهم سبق عليه القول وغلبت عليهم شقوتهم فاختاروا طريق العناد ومصادمة حقائق العقل والمثلات فكان من امرهم ما يعلم الكافة من أحداث مؤسفة سبقت قتل القذافي وازاحة مبارك وعبد الله صالح في اليمن وما يجري الآن في سورياوالعراق لهو النذير المبين نسأل الله أن يجعل بلادنا وسائر بلاد المسلمين سخاءً رخاء وان يجنب السودان شر التمادي في الخلافات وأن يطفئ نيران الحروب الأهلية ويجمع كلمة الأمة.