ولم أكن أتوقّع أنني بحاجة إلى أن أنقل من أدلة وجوب تغطية المرأة المسلمة وجهها ما أجعله في حلقتين من حلقات عمود «الحق الواضح»، ولكن لطالما وجدت شنشنة حول النقاب بقي التذكير العام الذي يذكر أمثلة ونماذج من المهمات، وقد اطلعت على بحث مصوّر جمعه بعض الأفاضل عن تغطية الوجه في الأمم السابقة وفي التأريخ الإسلامي وغير الإسلامي!! كما اطلعت على موقف المذاهب الأربعة من حكم تغطية المرأة وجهها، وفي ذلك أبحاث منشورة على الشبكة فيها جمع مميز يغني أولي الفطر السليمة عن غيره من الشنشنات، وفي الحلقة الماضية نقلت بعض الأدلة من القرآن الكريم على وجوب تغطية المرأة وجهها، ونقلت بعض الإجماعات التي ساقها بعض علماء الإسلام في ذلك، ومما ورد في السنة النبوية الشريفة مما يدل على وجوب تغطية المرأة وجهها عن غير محارمها مما هو منشور في الآفاق في أبحاث ومقالات علمية أنتقي ما يلي: عن أم المؤمنين عائشة قالت: كان الركبان تعني الحجاج يمرون بنا ونحن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم محرمات، فإذا حاذَوا بنا سَدَلت إحدانا جلبابها من رأسها على وجهها فإذا جاوزونا كشفناه. رواه أحمد، وأبو داؤد وصححه الألباني في تخريج المشكاة، فهذا بيان من عائشة رضي الله عنها لحال الصحابيات المحرمات، أنهن إذا مر بهن الرجال غطين وجوههن.. مع أن المرأة ممنوعة من تغطية وجهها وهي محرمة.. إذن لماذا يغطين وهن محرمات؟!! لأنهن يعلمن أن تغطية الوجه أمام الرجال الأجانب أهم وأوجب. قوله صلى الله عليه وسلم: «لا تنتقب المحرمة ولا تلبس القفازين» «رواه البخاري» فمنع صلى الله عليه وسلم المرأة إذا أحرمت من أن تلبس ما جرت عادتها بلبسه في غير الإحرام، كما منع الرجل عن لبس القميص والعمامة لأنه يلبسهما في غير الإحرام، فدل ذلك على أن عادة النساء في عهده صلى الله عليه وسلم كن ينتقبن أي يسترن وجوههن ولا يخرجن إلا العينين. عن أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنها قالت: كنا نغطي وجوهنا من الرجال، وكنا نمتشط قبل ذلك في الإحرام.. رواه ابن خزيمة، والحاكم، وقال: صحيح على شرطهما، ووافقه الذهبي. لما خرجت عائشة رضي الله عنها مع رسول الله في غزوة بني المصطلق، وفي طريق عودتهم إلى المدينة ذهبت عائشة لتقضي حاجتها فتأخرت، فلما رجعت فإذا الجيش قد ارتحل عنها.. قالت عائشة: فجئت منازلهم وليس بها داع ولا مجيب، قد انطلق الناس، فتيممت منزلي الذي كنت فيه وظننت أن القوم سيفقدوني فيرجعون إلي، فتلففت بجلبابي وجلست، فغلبتني عيني فنمت فوالله إني لمضطجعة إذ مرَّ بي صفوان بن المعطل وهو أحد الصحابة كان قد تأخر عن الجيش لبعض حاجاته فرأى سواد إنسان نائم، فأتاني فعرفني حين رآني.. وقد كان يراني قبل أن يضرب الحجاب علينا، فلما رآني قال: إنا لله وإنا إليه راجعون، ظعينة رسول الله؟؟ فاستيقظت باسترجاعه حين عرفني، فخمرت وجهي بجلبابي ووالله ما كلمني كلمة، ولا سمعت منه غير استرجاعه، حتى قرب راحلته إليَّ، فأناخها، فركبت.. وأخذ برأس البعير فانطلق سريعاً يطلب الناس .. «الحديث» وعن عائشة رضي الله عنها قالت: كانت نساء المؤمنات يشهدن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة الفجر متلفعات بمروطهن أي متسترات غاية التستر ثم ينقلبن أي يرجعن إلى بيوتهن حين يقضين الصلاة لا يعرفهن أحد من الناس» متفق عليه. قوله صلى الله عليه وسلم: «لا تباشر المرأةُ المرأةَ فتنعتها لزوجها حتى كأنه ينظر إليها» رواه البخاري، وفي هذا دليل على أن النساء إذا خرجن يكن مغطيات وجوههن بحيث لا يستطيع الرجل أن يعرف وصف المرأة ومعالم وجهها إلا بسؤال امرأته أو سؤال من ينظر إليها من النساء، ولو كانت النساء في عهده صلى الله عليه وسلم يمشين في الشوارع كاشفات عن وجوههن لما احتاجت المرأة أن تصف المرأة للرجل مادام قادراً على أن ينظر إليها في الطريق إذا شاء. عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «ثم إذا خطب أحدكم المرأة فقدر على أن يرى منها ما يعجبه ويدعوه إليها فليفعل» رواه أبو داؤد والحاكم وغيرهما وصححه الألباني، قال جابر: فلقد خطبت امرأة من بني سلمة فكنت أتخبأ في أصول النخل حتى رأيت منها بعض ما أعجبني فتزوجتها، فلو كانت هذه المخطوبة تمشي مكشوفة الوجه.. لما احتاج جابر أن يختبأ لها في النخل ليراها، بل كان يقعد لها في الطريق بكل سهولة وينظر إليها، وبمثل هذا الحديث ورد أمر النبي عليه الصلاة والسلام للمغيرة بن شعبة وغيرهما رضي الله عنهم جميعاً. وفي الباب الكثير من الأدلة والعديد من الأبحاث المتخصصة.. والموفق من وفقه الله.