عبثاً حاول الشاب مولينقو لفت انتباه الشابة ديرنا حتى يحوز على إعجابها فلم يفلح.. فقد كان يعرض عليها الأقنعة والأشكال التي ينحتها من خشب الأبنوس، وكان يستعرض لها قدراته في الأعمال البهلوانية، ألا أن كل ذلك لم يحرك فيها ساكناً.. واقترح عليه أحد اصدقائه وكان يعيش معه قصة حبه الفاشلة من طرف واحد، أن يذهبا سويا لعراف في قرية من قرى بوتسوانا الإفريقية، وقد اتخذ مقراً له بالقرب من نهر أفوكانقو. ووجدا صعوبة كبيرة في الوصول إلى عراف أفوكانقو الذي طلب منهما إحضار ديك أسود اللون ولا يحمل أية ريشة بيضاء. وبعد بحث مضنٍ توصلا إلى ذلك الديك وكان يملكه أحد أنجال العراف، فاشترياه بثمن غالٍ وأحضراه للعراف، فأمر بذبحه وغمس أصبعه في دمه ثم رسم بعض الخطوط على وجه الشاب مولينقو.. وقام بترديد بعض الجمل، وكان يطلب من الشاب أن يرددها خلفه، ثم أوصى الشاب بأن يجمع كمية من الجراد ويقيم وليمة يدعو لها الشابة ديرنا، وهو يؤكد له أنه بعد تلك الوليمة فإن الشابة ديرنا لن تدير أنظارها عنه.. وأنها ستكون له وأنه سيفوز بحبها. ورجع مولينقو مسروراً .. وكان أول شيء فعله هو جمع كمية كبيرة من الجراد الذي انتشر في تلك الأيام قادماً عبر صحراء كلهاري من جنوب افريقيا، ويبدو أنه كان من مجموعة دفنت بيضها في الرمال، وعند نزول أول أمطار خرج ذلك الفوج فتوجه إلى ضفاف نهر الافوكانقو، حيث ينتهي ذلك النهر في بحيرة خضراء في الصحراء.. وحيث يجد الجراد كل الحشائش والنباتات الخضراء التي يحتاجها.. ولكن كيف يدعو مولينقو الفتاة ديرنا إلى وجبة من الجراد؟ الأمر لا يبدو سهلاً، الا ان صديقه توصل الى خطة أشاع فيها أن مولينقو يملك وصفة تجعل لون البشرة فاتحاً وناعماً.. ووصلت الشائعة إلى ديرنا التي هرعت هي وزميلاتها الي مولينقو لكي يحصلن على تلك الوصفة، وهي تدرك مكانتها في قلبه ولن يرفض لها طلباً كهذا.. كما أن معظم الفتيات الإفريقيات اعتدن أن يجربن كل تلك المساحيق التي يدعي أصحابها ومنتجوها أنها تفتح البشرة الغامقة.. والمرأة تبحث عن الجمال في أي مكان حتى ولو كان وجبة من الجراد.. وعمل مولينقو بجد ونشاط وقام بإعداد كمية كبيرة من الجراد المقلي والمحمر على الفحم، وقدمه للفتيات وهو يصر على فتاته ديرنا أن تأكل أكبر كمية منه.. وفي لحظة خيل إليه أنه لمح إعجاباً يشع من عينيها فازداد سروراً وإصراراً من جانبه على أن تلتهم حبيبته كل الجراد الموجود.. والحقيقة التي تبينت أخيراً ومولينقو يواجه المحققين في قسم الشرطة أن ذلك الجراد كان قد تعرض لرش مكثف بالمبيدات الحشرية من سلطات جنوب إفريقيا وهو في طريقة إلى بوتسوانا.. وقد لاقت ديرنا حتفها لأنها أكلت أكبر كمية منه.. وتركت الشاب مولينقو في تعاسة دائمة. آخر الكلام: دل على وعيك البيئي.. لا تقطع شجرة ولا تقبل ولا تشتر ولا تهد هدية مصنوعة من جلد النمر أو التمساح أو الورل أو الأصلة أو سن الفيل.. وليكن شعارك الحياة لنا ولسوانا. ولكي تحافظ على تلك الحياة الغالية لا تتكلم في الموبايل وأنت تقود السيارة أو تعبر الشارع.