حرصت على متابعة الزيارة التي قام بها فخامة المشير/ عمر حسن أحمد البشير لدولة إثيوبيا لمشاركة الحكومة والشعب الإثيوبي في فرحته بأعياد الدستور بمدينة (أصوصا) عاصمة إقليم (بني شنقول) وقد دعا السيد الرئيس في كلمته بتلك المناسبة الدول الإفريقية إلى التعاون من أجل رفاهية وازدهار شعوبها وامتدح فخامة الرئيس العلاقات بين السودان وإثيوبيا ووصفها بالقوية والمتينة مشيداً بالتطور الدستوري ونظام الحكم الفيدرالي الذي أعطى الشعوب حقوقها وتطلعاتها في الحرية والعدالة والتنمية وتحدث السيد رئيس الجمهورية عن سد (النهضة) ووصفه بالمفخرة للقارة الإفريقية وقال إن السودان أعطى نموذجاً حياً في مجال التعاون مع دولة إثيوبيا في العديد من المشروعات الاقتصادية والتنموية ومشروع الربط الكهربائي وقد أيقظت هذه الكلمات الصادقة من قبل رئيس الجمهورية العديد من الحقائق التي يتغافل عنها المشتغلون بالشأن الإعلامي حين يأتي الحديث لعلاقاتنا بدول الجوار وعلى وجه الخصوص علاقتنا بالجارة إثيوبيا ولكن مشاركة السودان في احتفال «أصوصا» بوفد رسمي وشعبي وضعت الإضاءة اللازمة لحقائق كثيرة ظللنا نقفز فوقها إلى رحاب علاقات أخرى أقل ما يمكن أن توصف به أنها علاقات بحاجة إلى بعث جديد أو إعادة غربلة بما يعود على طرفي العلاقة بالنفع الذي يحقق مصالح الشعوب في العيش الكريم ولن نذهب بعيداً عن هذه النقطة إن قلنا أن علاقتنا مع مصر وهي مصر التي يصدح شعبنا صباح ومساء بالقول: (مصر يا أخت بلادي يا شقيقة) فمصر ومنذ سنوات ظلت العلاقة التي بيننا وبينها تتأرجح ولم يتجاوز مشروع التكامل بين السودان ومصر طور (الشرنقة) ويتم طرحه من حين لآخر فقط للاستهلاك السياسي فتارة يقولون إن مثلث (حلايب) هو النواة لمشروع التكامل بينما الصحيح هو أن (حلايب) ظلت الشوكة التي تؤخذ قفا التكامل من مقعد العجز الأبدي فكيف يستقيم التكامل والقوات المصرية تمنع الدخول لمثلث حلايب إلا عبر بطاقة تعجيزية لا يزيد أمدها عن أسبوعين وهذا استخفاف بحق الشعوب في التواصل وتحقيق المصالح المشتركة لذلك يلحظ المراقب للشأن السياسي أن علاقتنا مع الجارة إثيوبيا فيه تلاقي ثقافي وفكري وتكامل بين البلدين ويتمثل ذلك بوضوح في العلاقات المزدهرة بين الأقاليم الإثيوبية والولايات السودانية المتاخمة في حدودها لتلك الأقاليم أضف إلى ذلك أن موقف إثيوبيا (الرسمي) تجاه ما يحاك ضد السودان في أروقة مجلس الأمن أو في المحكمة الجنائية واضح وصريح وموقفها من حاملي السلاح والمتمردين معلوم فليس هناك معسكرات للتمرد بإثيوبيا بل رفضت (أديس أبابا) ومنذ سنوات طوال انطلاق أي عمل عدائي من أراضيها تجاه السودان وحتى في موضوع (الفشقة) أبدت إثيوبيا موضوعية وهي تقبل بنتائج ما خلصت إليه اللجنة الوزارية السودانية الإثيوبية العليا والتي قررت ترسيم الحدود بين البلدين والسماح للفرق الفنية بوضع العلامات على الأرض حتى تتمكن اللجنة الوزارية المشتركة من اعتمادها على الأرض واغلاق هذا الملف بالضبة والمفتاح فهل أبدت مصر خطوة مماثلة فيما يختص بمثلث (حلايب) أم أنها ظنت أن عمليات التمصير التي تجري بمثلث حلايب ومنذ سنوات كفيلة بسلب الحق من أهله! إذن أيهما أحق بالاحتفاء التكامل مع إثيوبيا أم التكامل مع مصر عبر بطاقة «المثلث»؟!