من حيث أهمية الموضوع فإنه من المفترض ان يأتي على رأس الأولويات ولو انضبطت الامور عندنا فهو يستحق بجدارة ان يكون مشروعاً قومياً لانه لا غنى لنا عن ثمراته المرجوة ليس ارضاء لأفراد او فئات او جماعات وانما ارضاء لرب العباد الذي امر بالوحدة ونهى عن الفرقة حيث قال في كتابه العزيز: (واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا) وقال (إن الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعاً لست منهم في شيء إنما أمرهم إلى الله) وكم رأينا من مشاريع هزيلة لاترقى لمستوى بل تتصادم مع قيم ديننا الحنيف فإذا بها بفعل النافخين فيها وضجيج الإعلام مدفوعين بتحريض الاجنبي عدو الاسلام تصير مشروعاً قومياً لا يكاد اعلامنا يكفي عن ترديدها يوما واحدا ولله المشتكى. والسكوت عن اسباب الفرقة وعدم تشريحها تشريحاً دقيقاً يُعد اعترافاً بالواقع المرير ورفضاً لجهود الاصلاح منذ القرون الاولى في التاريخ الاسلامي وربما صنفت هذه الجهود في غير موضعها الصحيح كما هو الحال عند بعض الفئات بأنها هي مكمن الفرقة والعكس هو الصحيح وربما كانت هناك عوائق فعلية امام طرح الموضوع بصورته الواسعة. فعلى كثرة ما كتب الكتاب المصلحون والدعاة عبر التاريخ الطويل الاّ اننا لم نحصد شيئاً فالعوائق مازالت ماثلة الى يومنا هذا، صنعها الناس بأيديهم ولم تفرض عليهم. وربما كان اولها الرضوخ للنافخين في رماد التراث القديم والذي هو أس المشكلة. والعائق الاكبر امام عودة المسلمين لوحدتهم المنشودة التي طالما تحدثوا عنها وسعوا اليها ولكنهم في نفس الوقت يطوحون بعيدًا للكشف عن جذور المشكلة. فهل سأل الناس يوماً عن ذلك؟ فقد استسلم الناس أو كادوا لفرض الحساسية ان يتصارحوا بشفافية وصدق واخلاص لله ويستمعوا لكل الآراء ولو فعلوا ذلك لتوصلوا بإذن الله لمكمن الاذى وزال عنهم. فلا يجب ان نسقط في بحوثنا ومؤتمراتنا الجذور التاريخية للمشكلة للاجابة على السؤال الذي هو لب الموضوع: متى (تفرق المسلمون ومن اين أتتهم الفرقة، ومن كان وراءها وكيف السبيل للقضاء عليها؟) كل هذا لكي نعود مرة واحدة لأصول ديننا الحنيف ونترك العقيدة المزيفة التي نشأت من اخلاط تاريخية لشعوب مجوسية وتراثها المصادم للاسلام الذي تسرب إلينا وخالط العقيدة الصافية عند كثير من اهل الطوائف. ولا يغيب عن كل مسلم ان الماء العذب الفرات اذا خالطه الماء المالح (ماء البحر) فقد فسد وإن كان الاثنان من عنصر واحد هو الماء!! فالمادة التاريخية قد استبعدت ولم تجد حظها من التناول بعمق وهي التي تكشف بوضوح من اين أتانا الأذى، ومتى كان ذلك، فاذا كشفنا ذلك زال عنا الالتباس وصار الامر واضحاً وحينئذ يسهل علينا العلاج وعاد الناس الى دينهم الحنيف ونبذوا ما عداه من اخلاط تاريخية مستحدثه ودخيلة على تراثنا الاسلامي من شعوب غير عربية وغير اسلامية. ولكي نوضح الأمر اكثر فلا بد ان نستدعي التراث القديم لجاهلية العرب مقارنة مع الثراث الفارسي القديم ونعرضهما للبحث والتشريح فحينئذ تنجلي الحقيقة، وذلك قبل ان ندلف الى العصر الاسلامي. والمعروف ان الامر ينحصر بين هاتين الامتين امة العرب وامة الفرس فهما الاقدم في التاريخ، وليس في هذا عنصرية فالاسلام لا يعترف بالعنصرية وقد انتصر بالعرب وغير العرب مثل الفرس والمماليك والامويين والاتراك وغيرهم، ولكن لان جرثومة الفرقة التي خالطت الاسلام قد كان منشؤها هناك فلا بد من كشفها. ونواصل إن شاء الله..