(1) يزور البلاد هذه الأيام مسؤول أمريكي كبير وهو المستر سيريل سارتر, المساعد الخاص للرئيس ترامب وكبير المستشارين لإفريقيا بمجلس الأمن القومي ومدير دائرة إفريقيا بمجلس الأمن القومي الأمريكي, ثلاث وظائف كبيرة بها تماس واضح بين الأمن والسياسة التنفيذية, وعقد الزول الكبير دا عدة لقاءات مع كبار المسؤولين السودانيين ودون شك اجتمع اجتماعات غير معلنة مع أطراف مناوئة للحكومة ودون شك قد أوصل الرسالة التي تود أمريكا إيصالها لكافة السودانيين حكاماً ومعارضين ودون شك أن أساليبه في توصيل الرسالة قد تنوعت على طريقة لكل مقام مقال أي لكل مسؤول الأسلوب الذي يناسبه, فمع بعض المسؤولين سيكون قد استخدم أسلوباً دبلوماسياً ومع بعضهم سيكون الكلام وإن شئت قل الأوامر على بلاطة "رب رب رب"، فهذه أيام الربربة في السودان وأمريكا أكثر من يعلم ذلك. (2) من نوع الحديث الدبلوماسي (المموسق) ما قاله سيد سارتر وهو خارج من عند السيد مساعد رئيس الجمهورية فيصل إبراهيم حيث قال إن أمريكا لن تفرض أي حلول خارجية على السودان، وطالب الحكومة ومعارضيها بالتزام السلمية هذه الايام كما طالب الحكومة بالصبرعلى الحل السياسي. وأضاف أن الحوار بين البلدين سوف يتواصل إلى أن يخرج السودان من قائمة الدول الداعمة للإرهاب. واختتم (من خلال العمل المشترك سيجد البلدان طريقهما إلى شراكة قوية) (مهلبية جد) بالمناسبة هي مهلبية وليست محلبية واسألوا حيران الشيخ البرعي. طبعاً الحكومة طارت فرحاً بتصريحات السيد سارتر لأمر ليس له علاقة بقائمة الإرهاب ولا حكاية الشراكة القوية التي تفوه بها السيد سارتر إنما للحتة بتاعت أن أمريكا لن تفرض حلولاً خارجية على السودان فقد فهمت الحكومة منها أن أمريكا لن تتدخل في الشأن السوداني الآني لاسيما وأن الإعلام الأمريكي بدا وكأنه محتفياً بالحراك الاخير في السودان لا بل أن الكونغرس ممثلاً في بعض أعضائه أعلن عن تعاطفه مع الهبة القائمة وبما أن سارتر من مؤسسة الرئاسة وعلى وصلة وثيقة بالمؤسسة الأمنية اعتبرت الحكومة تصريحاته معادلاً موضوعياً للإعلام والكونغرس فأصبح لسان الحكومة نحو المعارضة لومعاك الإعلام ومعاك الكونغرس نحن معانا الرئاسة والسي آي أيه. (3) أمريكا مهتمة بالشأن السوداني وليس أدل على ذلك من أنها هي التي تمسك بتلابيبه الآن... فقد وضعت اسمه في قائمة الدول الراعية للإرهاب 1997 ثم بدأت التضييق الشديد عليه عام 2014 عندما عاقبت البنوك التي تعاملت معه ثم كان الرفع الجزئي للعقوبات في أكتوبر 2017 ولكن أعقبه مباشرة تشديد الحصار الاقتصادي فتدهورت العملة السودانية بمتوالية هندسية, الذي يحتاج إلى توضيح هو هل أمريكا تتعامل مباشرة مع السودان أم تتعامل معه من خلال قوى إقليمية (إسرائيل, مصر, السعودية والإمارات)؟ في تقديري أن هذا ما تحتاج الخارجية السودانية إلى فهمه، ولكن في النهاية يبقى قول سارتر بأن أمريكا لا تتدخل في الشأن الداخلي السوداني دا كلام يقال لي زول ما عنده حديدة.. د. عبد اللطيف البوني السوداني