يعدّ من القيادات البارزة في حزب الأمة، وقد لعب دوراً كبيراً في الحزب منذ أن كان طالباً بالمدارس الثانوية، ثم الجامعة.. ظلّ يقاتل داخل الحزب من أجل بقاء الحزب، ولكن عندما أصبحت الرؤية غير واضحة بالنسبة له آثر أن يبتعد أو أن يبقى في استراحة محارب ريثما تنجلي الأمور. الأستاذ "عبد الرسول النور" من علامات الحزب البارزة، وشغل العديد من المواقع في الحزب، ونال شرف تقلده منصب الوالي بكردفان إبان الديمقراطية الثالثة. (المجهر) التقت في حوار شامل تناول العديد من القضايا أهمها موقف حزب الأمة كما يجري في الساحة السياسية وموقفه من الحكومة والمعارضة، ولماذا ابتعد عن العمل السياسي حالياً، وبماذا يعمل الآن، ووجهة نظره حول الانقسامات التي طالت الحزب، وما صحة دور حزب المؤتمر الوطني في انقسامات الحزب، وما هو موقفه فيما طرحه الأستاذ "علي عثمان محمد طه" النائب الأول لرئيس الجمهورية فيما يتعلق بالحوار مع الأحزاب والقوى السياسية، ولماذا جدد النائب الأول الطرح الآن، وما مصير هذا الحوار مع الأحزاب السياسية.. هذا بالإضافة إلى العديد من الأسئلة الأخرى، فنترك القارئ مع الجزء الأوّل من حوارنا مع السيد "عبد الرسول النور" القيادي بحزب الأمة، وكيف جاءت إجاباته حول ما طرحنا عليه من أسئلة، وسألناه في بداية حوارنا: { أين أنت الآن؟ - أنا موجود. { في أي الأماكن موجود؟ - الآن أنا موجود كمزارع. { وأين أنت من الخارطة السياسية؟ - أنا متابع للخارطة السياسية، ولكن ليست متابعة دقيقة، لأني ليس لدي نشاط تنظيمي، ولا حتى نشاط كتابي. { وما هو السبب في كل ذلك؟ - أولاً النشاط التنظيمي صعب في ظل ظروف غياب الرؤية السياسية للأحداث بصورة دقيقة، فأنا منذ أن عملت بالعمل السياسي، وأنا طالب بالمرحلة الثانوية لم أدخل في أي عمل إلا ولديّ بصيرة، وإذا أردت أن أخرج منه لا بد أن أخرج منه أيضاً ببصيرة، ولكن في الآونة الأخيرة تشابهت الصور، وتشابهت المواقف، وأصبح العمل السياسي أفعالاً وردود أفعال، وبالتالي وقفت أنا أتفرّج، ولكن أدلي في كثير من الأحيان برأيي، ولكن لا أشارك لأنني لا استطيع أن أشارك عملياً في شيء أنا لا أعرف كيف تسير الأمور فيه. { هل معنى هذا أنك ابتعدت تماماً عن حزب الأمة؟ - حزب الأمة أنا أعتزّ بأنني أنصاري وأعتزّ جداً بتاريخ حزب الأمة وببرامجه ونزاهة قياداته، ولكن في الآونة الأخيرة كما قلت الرؤية السياسية فيه غير واضحة، ولا أدري ماذا يريد الحزب، وهل هو معارض أم مصالح أم متراضٍ. { وفي تقديرك أين يقف الحزب الآن؟ - أنا لا أستطيع أن أحدد موقفه رغم أن مواقف الحزب واضحة منذ أن تأسس في عام 1945م، فكان موقفه واضح السودان للسودانيين واستقلال السودان، وعمل الحزب على ربط كل أهل السودان بهذا الرباط القوي من حلفا إلى نمولي، ومن أدري إلى القلابات، الآن ظهرت في الحزب مشاكل، فبدلاً من تقديم المبادئ الواضحة، أصبح يقدم الابتزاز القبلي والأسري والمالي، وأصبح الحزب حزب القبائل الفيدرالي، وأصدقك القول هنا فقد كان لي في العام 1984م سائق، لم أسأله يوماً: ما هي قبيلتك، الحزب الآن لم يأتِ بالقبيلة، ولكن ساير الموضة، وخضع لجماعات الضغط القبلية، فحزب الأمة عند نيل الاستقلال كانت غالبية قياداته من الحلفاويين، ومن أهلنا في الشمالية، وكانت قاعدته من الغرب والوسط والنيل الأبيض، وكان أول سكرتير عام له "عبد الله خليل" من أهلنا بالشمال، وفاز في دائرة أم كدادة.. وكان المهندس "إبراهيم أحمد" أول وزير مالية و"داود عبد اللطيف" و"ميرغني محجوب" و"مصطفى أحمد" و"محمد عثمان السيد" جلهم قادوا الحزب من أجل المبادئ، وليس من قبل الضغوط القبلية، ولا أفهم أنا شخصاً قد ضحى من أجل مبادئ الحزب، ويحول بينه وبين تولي أي موقع من المواقع صغر قبيلته، وإذا كان الأمر كذلك لما تولى "أوباما" عرش الولاياتالمتحدةالأمريكية، وكذلك "كوندليزا رايس" لذلك الابتزاز القبلي والجهوي والأسري حرم الحزب من كفاءات ممتازة، وبدلاً من تمسك الحزب بالأهداف يحرص على التمسك بالمواقع، وأصبح الصراع صراع مصالح، أكبر منه صراع مبادئ، ولأول مرة، الحزب يتشرذم، فأغلب كوادره انشقت وأصبح هدفها السعي من أجل السلطة. { وهل تعتقد أن زعيم الحزب الإمام "الصادق المهدي" وانفراده بالسلطة هي التي أدت إلى هذا الانشقاق؟ - هناك عوامل كثيرة قادت إلى هذا التشرذم والانقسام. { هل مواقف الحزب حتى الآن غير معروفة: أحياناً مع المعارضة، وأحيانا يغازل السلطة، وابن زعيم الحزب مساعد لرئيس الجمهورية، ونجلاه الآخران يعملان في السلطة، ففي أي خانة تضع الحزب؟ - انعدام الرؤية سبب في كل هذا، أتؤمنون ببعض الكتاب وتكفرون ببعض؟ وهذا السؤال في حاجة لإجابة. { إذن أين أنت من حزب الأمة؟ - الآن أنا عضو غير نشط داخل حزب الأمة. { هل السبب غبن سياسي؟ - ليس غبناً سياسياً ولكن صعوبة السير في رؤية معتمة. { أين أنت من الانشقاقات والمنشقين من الحزب؟ - المجموعات التي انشقت من حزب الأمة اتخذوا القرار الخطأ، وكان أمام أي شخص ثلاثة خيارات، الخيار الأول إما أن يصبر في الحزب ويقول: ليس بالإمكان أبدع مما كان، وهذه كانت صعبة بالنسبة لي، أما الخيار الثاني الانشقاق، وسآخذ هنا مثلاً: فإذا أصيب الشخص بصداع فهل يتناول مهدئات له، أم يقطع رأسه؟ والخيار الثالث أن يظلّ داخل الحزب ويقوم بصراعات، وفي ظني أن كل تلك لا تخدم الهدف. { وماذا فعلت؟ - أخذت وقفة مع النفس، سمّها وقفة أو استراحة محارب، وبلغة الفرسان مراجعة شدة الحصان، ولكن هؤلاء الإخوة انقسموا وانشقوا عن الحزب، وبعد انقسامهم تعرضوا لانقسامات، لأنهم خرجوا من غير بصيرة، والذين فضلوا البقاء في الحزب بقوا: ففئة رأوا أن ليس بالإمكان أبدع مما كان، وفئة أنشأت التيار العام.. فالأحزاب التي انشقت عن حزب الأمة وشاركت الحكومة خمسة أحزاب، حزب الإصلاح والتنمية برئاسة الأستاذ "الزهاوي إبراهيم مالك"، وحزب الأمة القيادة الجماعية برئاسة "الصادق الهادي"، وحزب الأمة الوطني برئاسة المهندس "عبد الله علي مسار"، وحزب الأمة الفيدرالي برئاسة "بابكر نهار"، والآن هناك حزب الأمة المتّحد برئاسة "بابكر دقنة".. وهذا الانقسام جعل كوادر حزب الأمة في هجرة دائمة. { هل المصالح هي السبب في هذا التشرذم والانقسام؟ - بالتأكيد، وأغلب الناس لخصوا العمل السياسي في المصلحة، وأرى أن العمل السياسي مبادئ وتضحية، وليس من أجل المصلحة والصراع، الآن أصبح صراع مصالح، وحتى الانقسامات التي حدثت لم تكن داخل حزب الأمة فقط، فقد تمدّدت وطالت الحزب الاتحادي الديمقراطي، وحتى المؤتمر الوطني لم يسلم من الانشقاقات، وهؤلاء المنشقون يعتقدون أن لم يكن لهم موطئ قدم في السلطة فلن يعيشوا حياة كريمة. { يقال بأن المؤتمر الوطني هو السبب الأساسي في كل الانقسامات التي حدثت في حزب الأمة إلى أي مدى صحة هذا القول؟ - هذا صحيح ، وهذا هدف استراتيجي له، وليس التقسيم الذي حدث في حزب الأمة فقط، بل حتى الحركات في دارفور، كان المؤتمر الوطني سبباً فيها. { كيف؟ - الحركات في دارفور كانت حركتين، وإذا سعى المؤتمر الوطني إلى حلّ المشكلة في مهدها ما توسعت تلك الحركات، وأصبحت اثنين وسبعين حركة، وكل حركة ظلت تزاود على الأخرى. { ظلت الحكومة دوماً تطرح قضية الحوار مع الأحزاب والقوى السياسية المختلفة، الآن تجدد الحوار من قبل الأستاذ "علي عثمان" النائب الأول لرئيس الجمهورية، كيف تنظر إلى هذا الطرح من قبل نائب رئيس الجمهورية؟ - ما طرحه السيد النائب الأول للحوار يعتبر فكرة مقبولة، ولكن مع من يتم الحوار، فالأحزاب السياسية ومن ينضمون تحتها بما فيهم المؤتمر الوطني لا يتجاوز العشرين بالمائة، لذا هناك شخصيات وطنية كبيرة وآخرون، فكيف يُحصر الحوار مع قوة سياسية آراءها أصبحت معروفة، فلا بد من إحداث اختراق للقوى الأخرى فإشراك أساتذة الجامعات ضروري، ولا بد من إشراك الصامتين والمتفجرين، لذلك إذا ظل الحوار بين أحزاب التحالف والإجماع الوطني والحكومة، فالنتيجة بالتأكيد ستكون واحدة، فالاختلاف سيكون في التنفيذ، فالمؤتمر الوطني يتفق مع أي جهة ويوقع معها أي اتفاق، ولكن في النهاية يماطل في التنفيذ، ولذلك أصبحت لدينا مجموعة كبيرة من الاتفاقات من نداء الوطن مع حزب الأمة، والتراضي، واتفاقية القاهرة مع الحزب الاتحادي الديمقراطي ومع الحركات المسلحة، فالمؤتمر الوطني يقول أحلى كلام، وعند المحكّ يسقط، ولذلك المؤتمر الوطني يقول بأنه وصل إلى السلطة بالقوة، وحافظ عليها بالقوة، ويريد الاستمرار فيها بالقوة، فنحن مع كلام السيد النائب الأول، ولكن العبرة بالتنفيذ.