المريخ في لقاء الثأر أمام إنتر نواكشوط    قباني يقود المقدمة الحمراء    المريخ يفتقد خدمات الثنائي أمام الانتر    ضربات جوية ليلية مباغتة على مطار نيالا وأهداف أخرى داخل المدينة    مليشيا الدعم السريع هي مليشيا إرهابية من أعلى قيادتها حتى آخر جندي    الأقمار الصناعية تكشف مواقع جديدة بمطار نيالا للتحكم بالمسيرات ومخابئ لمشغلي المُسيّرات    عزمي عبد الرازق يكتب: هل نحنُ بحاجة إلى سيادة بحرية؟    فاز بهدفين .. أهلي جدة يصنع التاريخ ويتوج بطلًا لنخبة آسيا    بتعادل جنوني.. لايبزيج يؤجل إعلان تتويج بايرن ميونخ    منظمة حقوقية: الدعم السريع تقتل 300 مدني في النهود بينهم نساء وأطفال وتمنع المواطنين من النزوح وتنهب الأسواق ومخازن الأدوية والمستشفى    السودان يقدم مرافعته الشفوية امام محكمة العدل الدولية    وزير الثقافة والإعلام يُبشر بفرح الشعب وانتصار إرادة الأمة    عقب ظهور نتيجة الشهادة السودانية: والي ولاية الجزيرة يؤكد التزام الحكومة بدعم التعليم    هل هدّد أنشيلوتي البرازيل رفضاً لتسريبات "محرجة" لريال مدريد؟    "من الجنسيتين البنجلاديشية والسودانية" .. القبض على (5) مقيمين في خميس مشيط لارتكابهم عمليات نصب واحتيال – صورة    إسحق أحمد فضل الله يكتب: (ألف ليلة و....)    الرئاسة السورية: القصف الإسرائيلي قرب القصر الرئاسي تصعيد خطير    عثمان ميرغني يكتب: هل رئيس الوزراء "كوز"؟    شاهد بالصورة والفيديو.. حسناء الشاشة نورهان نجيب تحتفل بزفافها على أنغام الفنان عثمان بشة وتدخل في وصلة رقص مؤثرة مع والدها    كم تبلغ ثروة لامين جمال؟    حين يُجيد العازف التطبيل... ينكسر اللحن    أبوعركي البخيت الفَنان الذي يَحتفظ بشبابه في (حنجرته)    شاهد بالفيديو.. في مشهد نال إعجاب الجمهور والمتابعون.. شباب سعوديون يقفون لحظة رفع العلم السوداني بإحدى الفعاليات    شاهد بالصور والفيديو.. بوصلة رقص مثيرة.. الفنانة هدى عربي تشعل حفل غنائي بالدوحة    تتسلل إلى الكبد.. "الملاريا الحبشية" ترعب السودانيين    والد لامين يامال: لم تشاهدوا 10% من قدراته    استئناف العمل بمحطة مياه سوبا وتحسين إمدادات المياه في الخرطوم    هيئة مياه الخرطوم تعلن عن خطوة مهمة    باكستان تعلن إسقاط مسيَّرة هنديَّة خلال ليلة خامسة من المناوشات    تجدد شكاوى المواطنين من سحب مبالغ مالية من تطبيق (بنكك)    ما حكم الدعاء بعد القراءة وقبل الركوع في الصلاة؟    عركي وفرفور وطه سليمان.. فنانون سودانيون أمام محكمة السوشيال ميديا    تعاون بين الجزيرة والفاو لإصلاح القطاع الزراعي وإعادة الإعمار    قُلْ: ليتني شمعةٌ في الظلامْ؟!    الكشف عن بشريات بشأن التيار الكهربائي للولاية للشمالية    ترامب: يجب السماح للسفن الأمريكية بالمرور مجاناً عبر قناتي السويس وبنما    كهرباء السودان توضح بشأن قطوعات التيار في ولايتين    تبادل جديد لإطلاق النار بين الهند وباكستان    علي طريقة محمد رمضان طه سليمان يثير الجدل في اغنيته الجديده "سوداني كياني"    دراسة: البروتين النباتي سر الحياة الطويلة    في حضرة الجراح: إستعادة التوازن الممكن    التحقيقات تكشف تفاصيل صادمة في قضية الإعلامية سارة خليفة    الجيش يشن غارات جوية على «بارا» وسقوط عشرات الضحايا    حملة لمكافحة الجريمة وإزالة الظواهر السالبة في مدينة بورتسودان    وزير المالية يرأس وفد السودان المشارك في إجتماعات الربيع بواشنطن    شندي تحتاج لعمل كبير… بطلوا ثرثرة فوق النيل!!!!!    ارتفاع التضخم في السودان    انتشار مرض "الغدة الدرقية" في دارفور يثير المخاوف    مستشفى الكدرو بالخرطوم بحري يستعد لاستقبال المرضى قريبًا    "مثلث الموت".. عادة يومية بريئة قد تنتهي بك في المستشفى    وفاة اللاعب أرون بوبيندزا في حادثة مأساوية    5 وفيات و19 مصابا في حريق "برج النهدة" بالشارقة    عضو وفد الحكومة السودانية يكشف ل "المحقق" ما دار في الكواليس: بيان محكمة العدل الدولية لم يصدر    ضبط عربة بوكس مستوبيشي بالحاج يوسف وعدد 3 مركبات ZY مسروقة وتوقف متهمين    الدفاع المدني ولاية الجزيرة يسيطر علي حريق باحدي المخازن الملحقة بنادي الاتحاد والمباني المجاورة    حسين خوجلي يكتب: نتنياهو وترامب يفعلان هذا اتعرفون لماذا؟    من حكمته تعالي أن جعل اختلاف ألسنتهم وألوانهم آيةً من آياته الباهرة    بعد سؤال الفنان حمزة العليلي .. الإفتاء: المسافر من السعودية إلى مصر غدا لا يجب عليه الصيام    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



وزير المالية الأسبق والخبير الاقتصادي "عبد الرحيم حمدي" يتحدث ل(المجهر)
نشر في المجهر السياسي يوم 09 - 11 - 2015

* التحويلات قضية متفاقمة أصابت النشاط الاقتصادي بركود شديد
* لدينا (كوكتيل) من المشاكل والحلول كلها ليست بيدنا
* الاهتمام بالديون ضياع زمن و(أنا) أضعها في آخر الأسبقيات
* أدعو لتوحيد سعر الصرف.. وتخفيض تكاليف دولاب العمل الحكومي بديل فاشل
ليس جديداً أن يتحدث المختصون عن أن الاقتصاد السوداني يمر بمرحلة صعبة، لأن هذه أصبحت السمة المعروفة لدى الناس لوصف حال الاقتصاد، ومع محاولة السلطة المسؤولة إخفاء هذا الوصف واستخدامه فقط في الاجتماعات المغلقة الخاصة بالمسؤولين، إلا أن بعض المسؤولين سبق أن انحازوا إلى الشفافية، وأصدروا مصطلحات قاسية في حديثهم عن الوضع الاقتصادي، واضطروا إلى التراجع عنها تحت ضغط السلطة، لكن قد يكون السؤال المشروع، لماذا لم يتحسن وضعنا الاقتصادي بعد مرور ربع قرن من تولي الإنقاذ للسلطة رغم السياسات العديدة التي طرحت خلال هذه الفترة، وكان أولها سياسة التحرير الاقتصادي، ومن ثم طبقت برامج من بينها البرنامجان (الثلاثي) و(الخماسي) لتلافي أثر الانفصال وخروج ما يقارب ثلث البترول من الميزانية، لكن مازال الوضع يعاني من شروخ عديدة أذهلت أهل الاقتصاد، فيما جعلت المواطن يسأل الاقتصاد السوداني إلى أين؟. (المجهر) حاولت تقييم الوضع الاقتصادي الآن والتعرف على مداخل الخروج من هذه الأزمة، فالتقت وزير المالية الأسبق "عبد الرحيم حمدي" في حوار تناول أسباب العلة وكيفية الخروج منها.. فماذا قال؟
حوار - فاطمة مبارك
{ بداية نود التعرف على تقييمكم للوضع الاقتصادي الآن؟
- الوضع الاقتصادي وضع صعب جداً، لأن هناك ظروف داخلية خاصة بالاقتصاد، مثلاً نقص العملات الخارجية وتزايد الطلب على الحكومة، ووجود دعم كبير جداً للسلع هذه ظروف خاصة بالاقتصاد، هناك ظروف متعلقة بالأجواء حول الاقتصاد وهي ظروف سياسية تدخل فيها الحروب والصدامات ونتائج الحروب السابقة.
{ كيف تؤثر نتائج الحروب السابقة على الاقتصاد؟
- عمليات الدمج والتسريح التي تتم الآن أصبحت في حدود مئات الآلاف، نحن ندفع لجيوش نشطة وجيوش انتهى عملها وجيش قائم وهو الجيش الرسمي، وبالأمس دعمناه ودفعنا زيادة كبيرة جداً، وواضح من سياق الكلام العام حُسنت أوضاعهم بموارد كبيرة، هذه "صورة" ثابتة (Static).
{ ماذا عن الصورة الأخرى؟
- الصورة المتحركة متعلقة بالناحية الخاصة بالاقتصاد مباشرة وهي إدارة الاقتصاد، أنا اسميها غير متحركة أو متحركة ببطء شديد جداً لا يتوافق مع حجم وواقع المشاكل التي يفترض أن تعالجها.
{ ....؟
- بالنسبة للظروف التي حول الاقتصاد نعاني تدخلات مباشرة ومستمرة وكاسحة (يعني مش في ظروف معارضة أو حروب)، وإنما في ظروف معارضة خارجية واضعة الاقتصاد في خانة المراقبة، وبالتالي ضاربين حوله نطاق شديد جداً أخطر ما فيهو هو موضوع الحصار على التحويلات.
{ ماذا يحدث على صعيد التحويلات؟
- هذه قضية متفاقمة الآن وأصابت منشط الصادرات كله بركود شديد وكل النشاط الاقتصادي، لأن التحويلات تضرب أي نشاط، مثلاً إذا واحد عمل مصنع أو أي منشط وعايز يستورد أي حاجة يستوردها بتكون من الخارج لأي حاجة ننشئها، إذا كانت خدمات سفر وسياحة أو أرباح الشركات التأمين والبنوك وشركات الاتصالات والطيران، هذه كلها تدخل فيها التحويلات (وعاملة ليها) مشكلة كبيرة جداً، فالمشهد حولنا متحرك بضغوط شديدة جداً علينا.
- { الحكومة تتحدث عن أنها حلت مشكلة التحويلات؟
- لم تحلها.. حلها في سعر الصرف الحر.. التحويلات قائمة بسعر الصرف الحر، ولكنها تأتي وتذهب للأغراض الشخصية، إذا الحكومة لديها أسبقيات تعمل سعر الصرف الذي يجلب لها الأموال.
{ إذن الوضع محتاج إلى مجهود من الإدارة الاقتصادية أليس كذلك؟
- أنا لا أحسد الإدارة الاقتصادية ولا السياسية على مجابهة هذه الأوضاع، لأن أية دولة في العالم لديها مشاكل، لكن عادة تكون عندها مشكلة أو مشكلتين، أما أن تكون هناك بطالة ومعها بعض الركود مثل ما يحصل في السوق الأوربية كلها، أو ركود متسبب في بطالة أو تأتي مشكلة طارئة مثل الهجرة وتسبب ضغط اقتصادي شديد جداً، أو انخفاض أسعار البترول يُسبب عجزاً في ميزانيات الدول المصدرة للبترول، يعني تجد في أية دولة مشكلة كبيرة واحدة وبعض تداعياتها، لكن نحن هنا عندنا (كوكتيل) هائل ومتعدد ومتشابك من المشاكل.
{ هذا يعني أننا ليست لدينا رؤية للحلول؟
- ليس كل الحلول بيدنا، هذه يدخل فيها عنصر خارجي لذلك لما أتحدث عن قصور أو ضعف أو عدم حيوية، هذه أكثر حاجه أفضلها في نهج الاقتصاد ليس من منطلق (الشماتة)، لأنني أعتبر نفسي جزءاً من هذه العملية، لكن من منطلق التعاطف والأمل في حدوث حراك أكثر حيوية وأكثر تركيزاً على المشاكل من باب تحديد أسبقيات، لأنه لا يمكن أن تحل كل المشاكل دفعة واحدة.
{ كيف يمكن تحديد هذه الأسبقيات؟
- بعضها يمكن أن يوضع في الرف، لكن إذا أخذنا مشكلتين الآن يتحدثون عنهما في الإطار الخارجي، الديون الخارجية والحصار الاقتصادي (التحاويل)، أنا مسألة الديون الخارجية (دي) كأسبقية أضعها في آخر الصف ولا أعيرها اهتماماً، لأنه واضح أننا لا نستطيع تسديد ديون، نحن أعلنا أننا ملتزمون وقررنا أن لا نسددها ليس تنصلاً، ولكن لأننا عملياً لا نملك موارد كافية.
{ هل كانت هذه السياسة إيجابية؟
- هذا هو السبب الذي جعل الدولة (ماشة) من بداية الإنقاذ، لكن (شايف) هناك اهتمام شديد جداً بموضوع الديون وضياع زمن كثير جداً فيها، حتى المراجع العام بالأمس قال لابد أن يحدث تنسيق بين وزارة المالية وبنك السودان، وتنسيق بين الدين العام الخارجي والداخلي، وهذا جهد مصروف (ساي)، أنا في هذا الوقت الذي تتكاثر فيه المشاكل يجب أن أضع أسبقيات محددة جداً وأشتغل فيها، هذا هو المطلوب الآن، تحديد الأسبقيات والعمل بنشاط وحيوية شديدة في حل المشاكل التي نستطيع حلها واختيار الحلول التي في يدنا.
{ كيف يمكن للحكومة أن تحقق ذلك؟
- الآن هناك خيارات يمكنها أن تطلب من جهات سواء أكانت بنوك دولية أو مؤسسات دولية أو دول أن تعمل معك وقد يستجيبوا كما حدث قبل أيام باتفاقيات إطارية، والاتفاق الإطاري عبارة عن إعلان نوايا، المهم الحكاية ما في يدك في يد آخرين، أنت تطلب وتتمنى أن تكون الاستجابة سريعة وبنفس الأسبقيات، ولكن الأمر في النهاية بيد طرف ثاني.
{ ...؟
- الآن (ما شايف) استغلال الموارد المتاحة لنا نحن أو هناك تركيز على بعضها وهذا قد يخلق مشاكل أخرى، فمثلاً هل نلجأ للضرائب بزيادة الإيرادات ومعها رفع الدعم وهذا هو اتجاه الحكومة زيادة الضرائب عن طريق الرسوم الجمركية، الآن الرسوم الجمركية أصبحت أكبر من الضرائب المباشرة.
{ كيف يمكن ملاحظة رفع الرسوم الجمركية؟
- رفع الرسوم الجمركية واضح جداً لأنهم تحصلوا على (30%) زيادة على الربط، (يعني) اختيار الحكومة مزيداً من استغلال الضغط على الجمهور عن طريق زيادة رسوم الجمارك، واتجاه لرفع الدعم وهذا بديل ومعه تخفيض تكاليف دولاب العمل الحكومي، وهذا بديل فاشل جداً وأنا لم أقتنع به ولم أنادي به.
{ إلى ماذا تدعو أنت؟
- أنا أدعو إلى خيارات أخرى مثل الارتكاز على مسألة الدين الداخلي بالاستدانة من الجمهور واستغلال النظام المصرفي التجاري (مش) البنك المركزي في التمويل أيضاً بتحريره أو بإعطائه فرصة أكبر مما هو حادث الآن.
{ ماذا يجري الآن؟
- النظام المصرفي الآن مضغوط جداً، كل سيولته مرهونة في إجراءات تحد من عمله، مافي استغلال للنظام المصرفي التجاري، ومافي استغلال للجمهور الذي يمتلك (قروش) أكثر باعتراف البنك المركزي، ومافي استغلال لأهم شيء وهو المستثمرون وموارد المغتربين مما يعني أن هناك معالجات أخرى يجب أن تتم (عشان) الخيارات التي أقولها تتحقق.
{ برأيك ما هي أهم هذه المعالجات التي يجب أن تتم؟
- أهم هذه المعالجات سعر الصرف، وأدعو إلى تعديل سعر الصرف في تجاه التوحيد بصورة واضحة، بمعنى تختار أسبقية استدرار أموال المغتربين والمستثمرين والمصدرين بأن تعطيهم سعر الصرف الأحسن وهو الأعلى، الحكومة بديلها الآن ذكرناه في البداية وهو الضرائب وزيادة الرسوم اختارت بأن تعلن نيتها فقط لتوحيد سعر الصرف بدون أفق زمني وتستمر على هذا الأمر وتعمل معالجات جزئية تعقد الأمر أكثر.
{ مثل ماذا؟
- مثلاً تقول للمصدرين ممكن تبيعوا حصائل الصادر، لكن تحت (التربيزة) يشتروا من منتجي الذهب المحليين بسعر أعلى، يعني طريقة جزئية غير واضحة وغير شفافة ولا عادلة، حتى يستفيد منها كل الناس في معالجة سعر الصرف، وأدعو إلى أن تكون المعالجة واضحة جداً عندنا سعرين للصرف يعني نحدد سعرين للصرف واحد للصادر وآخر للوارد لالتزامات الحكومة، هذا النوع من الأسبقيات هو سبب الخلاف، ولا أدعو لتغيير (الطواقم) الاقتصادية هذه مسألة إنصرافية، وإنما أدعو إلى تغيير النهج في الإدارة والأسبقيات والأولويات.
{ ما هي الأسباب الحقيقية وراء عدم استقرار الدولار رغم السياسات العديدة التي اتخذتها الحكومة؟
- هناك تحليل خاطئ ناتج عن تبسيط المسألة (أنو) إذا أنت حررت سعر الصرف سيزيد التضخم، نحن عايزين نعرف ما هي مسببات التضخم، في تقديري هناك أربعة مسببات للتضخم معروفة عالمياً وليست اجتهاداً مني.
{ ما هي الأسباب التي تؤدي للتضخم؟
- هناك تضخم سببه الكلفة والآن متسببة فيه الحكومة هي الآن من يزيد الجمارك والرسوم وهي التي تصرف، هناك تضخم ناتج عن عدم مقابلة العرض للطلب وهذا حله في زيادة الإنتاجية، الناس يفتكرون أن زيادة الإنتاجية ستحل كل المشاكل، لكن هي تحل جزءاً واحداً من أنواع التضخم، الإنتاجية ستحل التضخم الناتج عن زيادة الطلب عن العرض وهذه مطلوبة، هناك تضخم ناتج عن استيراد السلع (ودا) بعض أجزائه في صالحنا انخفاض أسعار القمح وانخفاض أسعار الطاقة البترول (وما بنقدر نعمل فيهو حاجة)، هناك أخطر أنواع التضخم وهو تضخم المضاربة (Speculative inflation)، وهو أن يقول المنتجون إن الأسعار زائدة لذلك سنزيد أسعارنا لان لدينا التزامات، الموظفون طبعاً (ما بقدروا إلا يصرخوا ويطالبوا).
{ إذن المنتجون متحكمون؟
- المنتجون هم القوى الأكبر في الاقتصاد، لديهم الحرية في تغيير الأسعار، هنالك جزء من شرائح معينة يتحكم فيها عامل الشراء وزيادة الأسعار، ونحن نهاجمهم ونقول التجار سبب التضخم.
{ ربما هناك من يفعلون ذلك منهم؟
- مؤكد هنالك جزء يقوم بهذا العمل يرى الدولار ارتفع فيرفع أسعار السلع الموجودة في الرف أو المخزن، هذا التضخم الناتج عن المضاربات، وهو أخطر أنواع التضخم لأنه مربوط برؤية الناس للحاصل.. وليس في الاقتصاد فقط ولكن في السياسة.
{ كيف يظهر ذلك في السياسة؟
- إذا الناس لديهم انطباع أن الحكومة غير موجودة، بوضوح يقولون لك الحكاية (فكت)، يستعملون هذا التعبير عندما يروا الناس في الحوار ينادون بفصل أقاليمهم ودمجها ويروا أشياء ولا يعرفون هل هذا سيحدث أم لا، وهذا الكلام يخوف بعض الناس فيقولون إن هذه المسألة خطرة جداً على دولاري، وأنا ذهبت إلى طبيب اختصاصي قبل أيام، وقال لي لدي قليل من المال اشتري بها دولار؟ وهو ليس دكتوراً عادياً، ولكنه مرتبط بأحد الأجهزة الأمنية.
ارتفاع الأسعار واحد من أسبابه أن الناس لديهم رؤية بأن الوضع لا توجد له معالجات، في كل مرة يخرج وزير ليقول إن الدولار سينخفض ثم لا يحدث شيء ويعرفوا أن هذا الحديث غير حقيقي.
{ رغم أن الحكومة تتحدث هذه الأيام عن انخفاض التضخم هناك ارتفاع في الأسعار ما تفسيركم؟
- هذا هو نوع التضخم الذي لا يقاس، وبناء عليه تُتخذ قرارات تؤثر في مستوى الأسعار هنالك ما يسمى بمؤشر ثقة، المنتجون ينظرون للصناعيين أو المصانع، هل لديهم طلبات خلال هذا الشهر، وهل هنالك تعيينات فيقال إن هنالك ثقة بدليل أن هنالك رؤية لزيادة الإنتاج.. نحن ليست لدينا مقاييس وهذا ما يجعل مستوى الأسعار يتزايد فترى بعض الأشياء منخفضة، ولكن مستوى الأسعار في زيادة، وهذا هو نوع التضخم الذي لا تستطيع حصره بإجراءات إلا إجراءات عامة كثيرة جداً، الناس بدأوا يقولون الحكومة مسيطرة واليوم لو فتح الباب لتعديل سعر الصرف لودائع المغتربين والاستثمارات والصادرات ستأخذ فترة بسيطة، والناس الذين لديهم دولار ولا يعرفون ماذا يفعلون سيضعون الدولار في الدولاب ولن يجد تجار السوق الأسود شيئاً، وهذه سياسة تحتاج لإجراءات قوية وواضحة جداً حتى يقتنع الناس، ولكن الآن لا توجد إجراءات، وأنا قلت لك إن هنالك عدم إدارة اقتصادية واضحة وقوية، والمطلوب هو ليس مجرد إجراءات ولكن إجراءات قوية وسريعة وواسعة.
قبل أيام خرج قرار من (الطيران المدني) وافتكر أنهم شاوروا فيه (بنك السودان) بخصوص تذاكر الطيران بأن يشتري أي مغترب التذاكر بأموال محولة من الخارج، وأنا اجتمعت بإتحاد الوكالات، وهذا أثر على عملهم فهبطت بنسبة (83%) في يوم واحد.
{ ما سبب هذا القرار برأيك؟
- السبب أن (بنك السودان) كان يريد تخفيف الضغط على نفسه ولا يريد الالتزام بتمويل السفر وهو غير داخل في هذا الالتزام بصورة واضحة، لكن يجب أن لا نرمي بالأمر على تذاكر السفر، القرار الصحيح أن تغير سعر الصرف حتى تأتي بأموال المغتربين، إذا أراد البنك المركزي أن يشتري منها يشتري، وإذا أرادت البنوك والصرافات أن تشتري تشتريها، وأنت تشتري من الصرافات والبنك المركزي، قبل سنين كان يعرض على كل صرافة يومياً 300 ألف دولار عندما كانت هنالك أموال، وفجأة غيرت إلى إلى (180) ألف وبعد ذلك تم إيقافها، الأمر في النهاية يكمن في اختيار المعالجة الصحيحة.
هنالك مشاكل تتحمل الانتظار ويمكن أن تعمل لها برنامجاً لمدة 5 سنوات أو 25 سنة، ولكن هنالك مشاكل لا تتحمل الانتظار إذا أردت أن تعلم أولادك فهل ستدخل في صندوق؟ هنالك مشاكل آنية مثلاً إذا طردوك من المنزل بسبب الإيجار لا تستطيع أن تنتظر برنامجاً خماسياً لحل مشكلتك.
{ تحدثت عن ضرورة تحديد الأسبقيات رتب لنا الأولويات حسب ما ترى؟
- أنا لا أريد التحديد الآن، لكن أرى من الأولويات الحالية أن الفجوة الرئيسية التي يجب أن تعالج هي فجوة النقد الأجنبي، وهي مساهمة في كل المشاكل وواحدة من علاجاتها الرئيسية المرتبط به سعر الصرف، وهو أن تتحكم في السيولة الداخلية ليس بالضغط عليها، وإنما بسحب هذه الأموال عن طريق إعطاء مغريات أو سحبها بالأرباح بتقديم آليات فيها أرباح للناس، وأي مواطن سوداني لديه أموال لو قلت له (تعال) سأعطيك (20%) ربح مثل (شهادات شهامة) سيأتي. الاستلاف من الجمهور وهو استلاف بربح، والآن في "السعودية" يتحدثون عن هذه السياسة، قبل يومين كنت أجلس أمام التلفزيون وضحكت وقلت هؤلاء يجب أن يستعينوا بخبرات من عندنا يقوموا بنفس ما نفعله نحن، يريدون رفع الدعم وأن يصدروا سندات دين من الجمهور (دي السعودية!!) وهذه تسحب السيولة والحكومة تتخوف منها في زيادة التضخم.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.