أكثر أنواع الغباء شدةً أن يفشل البعض في أن يكون إمعةً؛ أي يُسييء في كل الأحوال سواء أحسن الذين اتُّبعُوا أو أساءوا.. ديدن الإمعةُ؛ يحسن إن أحسن الناس ويسييء إن أساءوا.. قناة العربية الفضائية تنكبت طريق الاقتداء والاتباع ولم تستطع أن تحذو حذو قناة الحُرّة الأمريكية الناطقة بالعربية.. المطلوب من (الحُرّة) أن تخلق نمطاً تلفزيونياً يقوم على المعايير الأمريكية والغربية في الأخبار والتقارير والبرامج السياسية والاجتماعية.. يقول الصحافي الأمريكي إيلين مكارثي في صحيفة واشنطن بوست: (إن قناة الحُرّة تعتبر أكبر وأغلى محاولة قامت بها الحكومة الأمريكية لتغيير الرأي العام في الخارج عبر البث منذ إنشاء صوت أمريكا في العام 1942م).. وتقول صحيفة نيويوركالأمريكية: (لا يُطلب من مذيعات القناة ارتداء غطاء الرأس ويلقين تحية المساء بدلاً من السلام الديني المعروف في العالم الإسلامي).. (غباء) قناة العربية جعلها تلوك تقريراً تأسس على معلومة خطأ وهي زيارة النائب الأول لرئيس الجمهورية.. (العربية) كذبت وتحرَّت الكذب حتى سارت الرياح بكذبها وأضحت عند الناس كذابة.. يقول التقرير (الماسورة) إن النائب الأول للرئيس السوداني زار مدينة كوستي وتعرض موكبه لمضايقة حتى أن حرسه تمكن بصعوبة من تأمين خروجه!!.. الرجل لم يسافر أصلاً وكان كل برنامجه داخل العاصمة الخرطوم في ذلك اليوم.. صحيح أن لقناة العربية أجندة سياسية واضحة ومعلومة ضد السودان مثلها مثل قناة الحُرّة، لكن الغباء ظل ملازماً لهذه القناة لأن الحالة النفسية المعقدة التي تسيطر على مديرها انعكست على أدائها المهني قياساً على المعايير الأمريكية المختلة أصلاً.. الفضائيات آخر تجليات المدنية الحديثة، وباتت تشكّل خطراً حقيقياً على البشرية في ظل مبادئ العولمة (الإمبريالية) ونواياها غير الإنسانية.. هذه الفضائيات هي رأس الحربة في الغزو الإعلامي المنظّم الذي يجتاح الوطن العربي.. ما هو أخطر أن هذا الغزو في كثيرٍ من الأحيان يرتدي ثياباً عربيةً ويوهم البُسطاء بأنه يتحدث باسمهم، ويُدافع عن أحلامهم في (الحرية والديمقراطية).. تلك مفردات صنعها وأنتجها واستخدمها الإعلام الغربي بعناية فائقة.. الوقوف في وجه هذا الغزو لا يتطلب وعياً عالياً بأهداف هذا الغزو فحسب؛ وإنما يتطلب قدرةً عاليةً على فضح مواطن السّم في الدسم.. خطورة الفضائيات أنها تستند على حقيقة ثابتة وهي أن العين ترى وتدرك أكثر من 75% من جملة الإدراك الذي تقوم بها حواس الإنسان في اليوم وتليها مباشرة الأذن التي تسمع أصواتاً تحمل معلومات تعادل 8% من جملة إدراك الإنسان اليومي.. البعض يدافع عن مكتب القناة في الخرطوم باعتباره يعد تقارير (مهنية) لكن يتم التلاعب بها مما يفسد مهنيتها!!.. لو كان ذلك صحيحاً فعلى كادر المكتب أن يقدم استقالته انتصاراً للمهنية.. أعتقد أن نوعاً من المساءلة يجب أن تتم استناداً لميثاق الشرف الصحفي الذي تواضع عليه الصحفيون.. من قبل كانت فكرة ميثاق الشرف الصحفي خطوة في الاتجاه الصحيح باركها الصحفيون ممثلين في اتحادهم ورؤساء التحرير وبحضور ومشاركة الجهات الرسمية ذات الصلة.. في المعتاد تتم الرقابة على الصحافة عن طريق الرأي العام ومواثيق الشرف المهنية.. إن ضبط الايقاع الصحفي بحيث يتواءم وينسجم مع المصالح الوطنية العليا وثواب الأمة قضية جدلية يستعر النقاش حولها..التجارب العملية أثبتت استغلالاً (سيئاً) و(مضراً) بالمصلحة الوطنية لهامش الحرية الضيق والذي يزداد ضيقاً يوماً بعد يوم. • آخر الكلام: بعض الزملاء يتوجس خيفة دون مبرر من لجنة مساءلة ومحاسبة الصحفيين.. هذه اللجنة التي تجتهد هذه الأيام لإدارة حوار مع قادة العمل الصحفي حول مهامها واختصاصاتها.. البعض ركز فقط على اسمها حيث اعتبره (صادماً) و(مستفزاً).. إن كان بعض الصحفيين يعتبرون أنفسهم فوق المحاسبة، فإنه في هذه الحالة يمكن الاتفاق معهم على هذا التوصيف.. كل النقابات والاتحادات المهنية لديها جهة تعمل على الضبط المهني ومحاسبة أعضائها.. ما رأيكم في تسمية نقابة الصحفيين المصريين مثل هذا الجسم ب(لجنة تأديب الصحفيين)؟.