أصبحت الجنسية السودانية تمنح لكل من هبّ ودبّ، وفي نفس الزاوية كتبنا قبل فترة أن بعض الجنسيات حصلت على الجنسية السودانية، ولكن الجهات المسؤولة في السجل المدني كذبت ما قلنا، فاليوم مدير السجل المدني اللواء شرطة "ناصر محمد يوسف الكباشي" في حديثه لصحيفة السوداني يؤكد أنهم منحوا (1055) سورياً الجنسية و(168) عراقياً كذلك في عام 2015م. هل الجنسية السودانية تمنح لكل شخص؟ وهل هناك ضوابط وقيود لمنحها أم أن العاطفة هي سبب في ذلك؟ وفي ظني أننا عطوفون أكثر من اللازم، فإذا كان منسوبو دولة تأثروا لظروف ما في بلادهم فهذا لا يعطي دولة السودان أن تمنحهم الجنسية السودانية نظراً للظروف التي مروا بها، الإخوة في سوريا عرب وأشقاء، ولكن ليس من حق مدير السجل المدني أو أي كائن من كان في السودان أن يتخذ قراراً بمفرده لمنح الجنسية لرعايا تلك الدولة. فأبناء السودان عاشوا لعشرات السنين في كثير من البلدان العربية لم يمنحوا جنسية تلك البلدان، بل كانت الإهانة والذلة من قبل سلطات الدول، وإذا نظرنا إلى الجارة الشقيقة مصر ونتحدث عن وحدة وادي النيل و(نحن أخوات) ونشرب من نيل واحد، ولكن المواطن السوداني يقتل من قبل الشرطة المصرية دون أن تهتز شعرة للسلطات السودانية، المواطن السوداني يذل في لبنان وفي سوريا ويودعون السجون بدلاً من منحهم الجنسية، وفي العراق تؤخذ حقوقهم ولا ترد وحتى الآن يطاردون السلطات لنيل استحقاقاتهم من تعويضات حرب العراق والكويت ن وفي ليبيا ما زالت أحداث الزاوية بائنة للعيان فمات فيها من مات ومنهم من ضاعت حقوقهم ولم تتدخل السلطات لا السودانية ولا الليبية لرد حقوق المواطنين الضائعة في أحداث الزاوية وغيرها، فالاضطهاد والاستفزاز شيمة أولئك العرب، ولكن نحن وبطيبتنا نمنحهم جنسيتنا عشان الظروف التي يمرون بها، السلطات يمكنها أن تعطيهم استثناءً عن الإقامة لفترة أو تجديدها، ولكن أن تقدم لهم الجنسية السودانية على طبق من ذهب، فكيف نضمن أولئك ألا يتلاعبون بتلك الجنسية إذا ما خرجوا من السودان.. في بداية الإنقاذ فتح السودان لكل الجماعات الهاربة من بلادها بعد الحرب في أفغانستان، ماذا جنى السودان من تلك الجماعات التي اتخذت السودان مقراً لها؟، لقد كانت النتيجة الحصار المفروض علينا حتى الآن وتأثر به المواطن السوداني، وما تزال أمريكا تشكل ضغطاً عنيفاً علينا، ليس لأن أمريكا لها مشكلة مع السودان أو راغبة في هذا الحصار، ولكن السبب تلك الاستضافة لتلك الجماعات التي أضرت بالسودان أكثر من نفعه، واليوم تمنح الجهات المسؤولة في السجل المدني جنسيتنا للسوريين وللعراقيين ولغيرهم من الشعوب الأخرى، بينما يعاني المواطن السودان من العيش مع كل الشعوب، وليس الحصول على جنسيتها.. التسامح الأكثر من اللازم أضر بالسودان والسودانيين، يجب ألا نتعامل بالعواطف.. فالمعدِّنون السودانيون الذين تم الاستيلاء على ممتلكاتهم ومعداتهم وسياراتهم من قبل السلطات المصرية حتى الآن لم يتم الإفراج عنها، وربما هناك بعض السودانيين المعتقلين في السجون المصرية لم ينظر في خروجهم، لماذا نحن نتسامح مع شعوب تلك الدول بينما يعيش أبناء شعبنا أذلاء في تلك الدول.. لا تمنحوا جنسيتنا لأي شخص حفاظاً على سمعة السودان والسودانيين وهي الباقية لنا، فلن تنفعنا سوريا ولا العراق ولا غيرها.