سأروي لكم وقائع وعليكم استنباط العظات والعبر، بدلا من «الاتكال» علي في هذه الأمور: فيفي عبده الآن طريحة الفراش لعلة أمهلتها طويلا، وتقول وكالات الأنباء إنها مهددة بعدم الرقص.. قرأت بريد القراء في العديد من الصحف العربية ولم أجد رسالة واحدة تدق ناقوس الخطر وتنبه أمتنا إلى البؤس الذي ينتظرها إذا اضطرت فيفي - لا قدر الله - إلى الاعتزال! أحداث كثيرة تتناقلها وسائل الإعلام من دون أن ينفعل بها الرأي العام.. وهناك الرجل التركي الحمش الذي كان يملك بقرة واحدة.. وكانت حلوباً يعتاش على حليبها عياله، ولكنه لم يتردد في قتلها رمياً بالرصاص دفاعاً عن الشرف والأخلاق! كانت زوجة صاحبنا تحلب اللبن من ضرع البقرة عندما التفتت الأخيرة وقررت معاملة المرأة بالمثل فعضتها في ثديها عضة مؤلمة بعض الشيء.. وهنا أدرك المزارع التركي بحسه الطبقي أن بقرته تعاني من «الشذوذ» فقدمها إلى محكمة إيجازية وتلا عريضة الاتهام، ثم أصدر حكماً بإعدامها.. ولم يدر صاحبنا أنه بهذا يعرض بلاده لخطر رفض عضويتها في الاتحاد الأوروبي بوصف الأتراك وحوشا، وربما أدى هذا إلى انقلاب عسكري، بزعم تمدد المد الأصولي -بدليل غيرة المزارع على زوجته - وربما لحق ببقرته قريباً. يعجبني في الأتراك القدرة على الحسم.. تتعرض الديمقراطية لأيّ هزة فيتحرك صناديد القوات المسلحة لإنقاذ البلاد ويقومون بوأد الديمقراطية فيما يسمى القتل الرحيم.. وتذكرني العسكرتاريا التركية بقدراتها الفذة على إيجاد حلول جذرية للمشكلات التي تواجهها، بذلك المزارع التركي، الذي قصصت حكايته أكثر من مرة.. ولكن لابأس من التكرار (في الواقع لو توقفت عن «التكرار» فمعنى ذلك أن أتوقف عن الكتابة).. عانى ذلك المزارع من ألم شديد في أحد أضراسه.. ربما كان ضرس العقل الذي هو اسم على غير مسمى لأنه أكثر الأضراس جهلاً ونزقاً وحماقة وطيشا، وينمو في غالب الأحوال في الاتجاه الخاطئ في اللثة.. ما علينا.. استعان صاحبنا بالخندريس، التي هي بنت الحان التي هي الخمر لإسكات الألم.. وأجمل ما في الخمر أنها توقظ في البعض موات العقل، وتنشط قدرات الإبداع والخيال.. وكان المزارع التركي من ذلك البعض، فقد هدته الخمر إلى الدواء الناجع والراديكالي للألم الذي كان يعاني منه.. التقط صاحبنا مسدسه، ووضع فوهته على الضرس المتمرد وضغط على الزناد، وخلال أقل من ثانية كان الألم قد زال... نهائياً.. وتخلص المزارع من الضرس المزعج الناشز وتخلص من فمه ورأسه وحياته.. وارتاح. هل تذكرون المزارع الأردني الذي حدثتكم أيضاً عنه قبل مدة ليست بالقصيرة.. طولوا بالكم.. فالعبرة ليست بالحدث بل بالتحليل واستنباط الدروس والعظات.. فقد كانت لدى صاحبنا حمارة جميلة تعرف «الواجب» وتلقى معاملة طيبة.. وذات يوم ضبط صاحبنا حمار جاره وهو يتحرش بحمارته الحسناء، فتوجه إلى الجار وقال له: عيب.. نحن جيران.. ومفروض حمارك يراعي حرمة الجيرة.. ولكن هيهات، فقد كان حمار الجار «حماراً» مع سبق الإصرار والترصد.. وذات يوم ضبطه صاحب الحمارة وهو يتحرش بها فاندفع إلى البيت وعاد حاملاً بندقيته، وأطلق النار «في المليان» وخر «الحمار روميو» صريع الغرام وفارق الحياة وعلى مشفريه ابتسامة، ووقفت حبيبة الفؤاد وهي ترتعد خوفاً من أن يصبيها ما أصاب «ابن الجيران». إن الأحداث الآنفة الذكر دليل على أن الأتراك منا وفينا رغم أنف الاتحاد الأوروبي وحلف الناتو.. وكما يقول المثل السوداني فإن «العرجاء تعود إلى مُراحها» والمراح (بضم الميم) هو حظيرة الماشية! والأحداث تلك دليل على أننا لا نتهاون في مسائل الشرف.. وخاصة شرف البهائم، مما يدل على أننا بدأنا نخطو في الاتجاه الصحيح وأن اليوم الذي سنهتم فيه بشرف ابن آدم، آتٍ.. وعلينا فقط أن نعتصم ب «طول البال»، وهذا مجال لا يبزنا فيه أحد. [email protected]